تبادلت واشنطن وطهران الإشارات المتضاربة حول نيتهما العودة إلى المفاوضات النووية بعد حرب الـ 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، والتي قصفت خلالها الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية.

وأشار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مجدداً، أمس الأول، خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن مسؤولين إيرانيين تواصلوا مع الولايات المتحدة لتحديد موعد لجولة جديدة من التفاوض. وأكد المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الذي يتولى ملف طهران كلام ترامب، متوقعا أن يجري الاجتماع قريباً.

Ad

في المقابل، ورغم التصريحات الإيجابية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حول المفاوضات خلال مقابلته مع الإعلامي الأميركي اليميني تاكر كارلسون، شددت الحكومة الإيرانية أمس على أنها لم تطلب عقد أي اجتماع مع واشنطن، نافية بذلك صحة تصريحات الرئيس الأميركي، وذهبت وكالة «مهر» الى أبعد من ذلك ناقلة عن مصدر في الخارجية الإيرانية أن واشنطن هي من طلبت عبر الوسطاء العودة إلى طاولة الحوار، وان الخارجية الإيرانية تدرس المشاركة في جولة تفاوضية جديدة تتمحور حول رفع العقوبات الأميركية عن إيران، وتحديد نسبة تخصيب اليورانيوم المسموحة لإيران، ما يعني رفضاً جديداً لمبدأ «صفر تخصيب» الذي ترفعه الإدارة الأميركية الحالية.

وكانت «الجريدة» كشفت عن مفاوضات غير رسمية تجري بالفعل بين البلدين في دولة أوروبية، تمهيداً لعقد جولة جديدة من المفاوضات ستكون السادسة من نوعها في عهد ترامب.

تدربوا طوال 20 عاماً

وفي تصريحاتٍ في البيت الأبيض خلال استقبال نتنياهو على العشاء بحضور مسؤولين من الجانبين، شبّه ترامب قراره بضرب المواقع النووية الإيرانية بقرار هاري ترومان بإلقاء القنبلة الذرية على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، معتبرا أن ما فعله الرئيس الأميركي الراحل «اوقف الكثير من القتل».

وقال ترامب إن «إيران تريد التفاوض، وسنفعل كل ما في وسعنا لإبقائها خالية من الأسلحة النووية»، متوجها إلى ويتكوف بالسؤال عن موعد اللقاء بالإيرانيين، ليرد الأخير بأن ذلك سيحدث سريعاً جداً، وقد يتم الأسبوع المقبل أو نحو ذلك.

كما صرح ترامب بالقول: «لا أستطيع أن أتخيل أن الولايات المتحدة بحاجة إلى استخدام القوة العسكرية ضد إيران مرة أخرى»، مشيدا بالضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية.

وكشف أن «طيارينا تدربوا طوال 20 عاما على ضرب إيران، ولكن لم يسمح لهم أي رئيس قبلي بفعل ذلك». وأعرب ترامب عن آماله بأن تكون الحرب مع إيران قد انتهت، مشيرا إلى اعتقاده بأن الإيرانيين يريدون اللقاء لصنع السلام و«التوصل إلى حل». وأوضح: «أود أن أتمكن، في الوقت المناسب، من رفع تلك العقوبات، ومنحهم فرصة لإعادة البناء، لأنني أود أن أرى إيران تبني نفسها من جديد بطريقة سلمية، لا أن تتردد في ترديد شعارات مثل: الموت لأميركا، الموت للولايات المتحدة، الموت لإسرائيل، مثلما كانوا يفعلون».

من جهته، وصف نتنياهو ما أسماه «الانتصار على إيران»، بأنه «تاريخي وغيّر وجه الشرق الأوسط»، وأضاف ردّاً على سؤال حول رأيه بتغيير الحكومة الإيرانية قائلا: «الأمر متروك للشعب الإيراني».

إيران: هم طلبوا اللقاء

وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي تعليقاً على تصريحات ترامب، «لم نقدم أي طلب من جانبنا لعقد اجتماع مع الجانب الأميركي»، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا).

من ناحيتها، نقلت وكالة «مهر» عن مصدر أن الخارجية الإيرانية تدرس عقد جولة تفاوض جديدة مع واشنطن لإلغاء العقوبات وتحديد مستوى التخصيب، مضيفة أن «واشنطن طلبت عبر وسطاء مواصلة المفاوضات النووية بعد فشلها بوقف قدرات طهران النووية».

جاء ذلك، فيما جرى الإعلان عن تسلم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي تدير بلاده الوساطة بين طهران وواشنطن وتستضيف أغلبية الاجتماعات، رسالتين خطيتين من وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، تتصلان بالعلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، بحسب ما أوردته، أمس، وكالة «إرنا».

بزشكيان في مرمى المتشددين

وتعرّض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمس للانتقاد من قبل التيار المحافظ غداة تأييده استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، ما أثار حفيظة الصحف المحافظة التي وصفت تصريحاته بأنها «ليّنة أكثر مما ينبغي» إزاء بلد قصف مواقع إيران النووية في يونيو.

وتساءلت صحيفة «كيهان» الإيرانية المتشددة المعروفة بعدائها للغرب ومعارضتها للتفاوض حول البرنامج النووي «هل من العدل الجلوس مجدداً بلا شروط حول الطاولة عينها مع هؤلاء الذين أسقطوا قذائف على الدبلوماسية؟».

وكتبت «كيهان» التي يعيّن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صاحب الكلمة الفصل في بلده رئيس تحريرها «في وجه عدوّ يداه ملطّختان تماما بدماء شعبنا... هل من حلّ آخر غير التمسّك بالحزم؟».

وندّدت صحيفة «جوان» المحافظة من جهتها بتصريحات «ليّنة ولطيفة أكثر مما ينبغي»، واعتبرت أن «المعنى الحقيقي للحوار مع مذيع أميركي يتجلّى حين تعبّر الكلمات عن سخط الشعب وارتيابه الكامل تجاه أميركا».

غير أن الصحيفة الإصلاحية «هام ميهان» أشادت من جانبها بما وصفته بأنه «مسار إيجابي» للرئيس بزشكيان. وكتبت «كان ينبغي إجراء هذه المقابلة منذ فترة طويلة»، مشيرة إلى أن «المسؤولين الإيرانيين هم للأسف غائبون منذ فترة طويلة عن المشهد الإعلامي الدولي والأميركي».

اتصال دفاعي

وبينما أجري عراقجي زيارة للسعودية التقى خلالها نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اتصل رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، عبدالرحيم موسوي، هاتفيا بوزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية هو الأول على هذا المستوى، وذلك بعد العدوان الإيراني السافر على قاعدة العديد القطرية التي تستضيف قوات أميركية. وبحسب وكالة «فارس» قال موسوي خلال الاتصال: «لابد لي أن اشكر المواقف القيمة للحكومة القطرية في إدانة العداون على أراضي إيران». وكان العدوان الإيراني السافر على الدوحة اثار إدانة خليجية موحدة ومطالبات لطهران بترميم الثقة مع دول مجلس التعاون.