حثَّ ديننا الإسلامي الحنيف على بر الوالدين، وطاعتهما، والتودُّد لهما، والإحسان لهما.
قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾. سورة الإسراء- الآية (23). لذلك، فإن طاعة الوالدين واجبة، فيما عدا الشرك بالله.
كذلك وجوب اللطف في المعاملة والبر والإحسان اللفظي والفعلي لهما، خصوصاً إذا كبرا في السن، وضعفت قواهما.
وفي الجانب الآخر، نجد أن بعض الآباء أثناء حياته لا يكون عادلاً أو مُنصفاً في تعامله مع أبنائه وبناته، فيسبِّب هذا السلوك الخاطئ الكُره والحقد بين الأبناء وقطع الأرحام.
بل إن بعض التصرُّفات والصفات التي يتصف بها بعض الآباء تُثير الكُره والحقد في نفوس بعض الأبناء ضد آبائهم. ففي إحدى الدواوين، وبعد وفاة الأب، تقدَّم أحد رواد هذه الديوانية، والذي لم يتمكَّن من الحضور وقت العزاء لتقديم واجب العزاء لأبناء المتوفى، داعياً الله أن يرحمه ويغفر له، فكان رد أحد أبناء المتوفى صاعقاً، ليس له، بل للحاضرين بالديوانية، حيث قال: «الله لا يرحمه! كان يملك كل هذه الملايين من الدنانير خلال السنوات الماضية ونحن أبناؤه وأبناؤنا وأمنا وأخواتنا نعيش عيشة الفقراء والمحتاجين!».
صعق الحاضرون من رد ابن المتوفى، وارتسمت علامات الامتعاض والحزن والحسرة على وجوههم! لكن ابن المتوفى سارعهم بالرد: «لقد كُنا مُحسنين وبارين به خلال فترة حياته، لكنه ظلمنا على مدى العشرين سنة الماضية، بسبب بُخله وحُبه لكنز المال!».
تجهَّمت وجوه الحاضرين، وانقسموا تجاه رد ابن المتوفى، وتصرفه بين مؤيدٍ ومعارضٍ ومحايد.
أتمنى أن يَعْتَبر بعض الآباء من هذه الواقعة، التي تقشعر من سماعها الأبدان! واستناداً لما سبق ذكره، فإنه إذا كان هناك أبناء عاقون، ففي المقابل هناك بعض الآباء الظالمين لأنفسهم ولأبنائهم.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمنا، واعفُ عنا وعن والدينا، وعن جميع المسلمين يوم الحساب.
ودمتم سالمين.