للمرة الثالثة خلال 6 أشهر، استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض ليل الاثنين - الثلاثاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في لقاء لم ينتج عنه إعلان كان متوقعاً عن صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الرهائن الإسرائيليين.
ورغم توعده بأنه سيكون حازماً جداً مع نتنياهو، وإشاراته المتكررة إلى إعلان صفقة وشيكة لوقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني، اكتفى ترامب بالتأكيد على أن حركة حماس تريد التوصل إلى اتفاق، قائلاً: «إنهم (حماس) يريدون اللقاء ويريدون وقف إطلاق النار هذا، ولا أعتقد أن هناك عائقاً. والأمور تسير على ما يرام».
وعندما سأله الصحافيون عما إذا كان حل الدولتين ممكناً، أحال ترامب السؤال إلى نتنياهو، الذي التقاه على عشاء خاص بدلاً من إجراء محادثات رسمية في المكتب البيضاوي، في خطوة وصفها خصوم نتنياهو بأنها تقليل من شأنه، ورأى أنصاره أنها احتفاء بمكانته.
ورد نتنياهو: «أعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يحصلوا على جميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، ولكن ليس على أي صلاحيات من شأنها تهديدنا. وهذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائماً في أيدينا. وإلا سيكون ذلك بمنزلة انتحار ولن يقبل أحد في إسرائيل بذلك».
وأضاف: «سنعمل على التوصل إلى سلام مع جيراننا الفلسطينيين، الذين لا يريدون تدميرنا، وسنعمل على التوصل إلى سلام يبقى فيه أمننا والقوة السيادية للأمن في أيدينا دائماً»، وتابع: «الآن سيقول الناس: إنها ليست دولة كاملة، ليست هذه هي الدولة، نحن لا نهتم... لقد تعهدنا بعدم تكرار ذلك أبداً، ولن يحدث مرة أخرى أبداً الآن... لن يحدث ذلك مرة أخرى»، في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
واستطرد: «بعد 7 أكتوبر، قال الناس إن الفلسطينيين لديهم دولة حماس في غزة، وانظروا ماذا فعلوا بها. لم يقوموا ببنائها. لقد بنوها في المخابئ، في أنفاق الإرهاب، وبعد ذلك ذبحوا شعبنا واغتصبوا نساءنا وقطعوا رؤوس رجالنا، واجتاحوا مدننا وبلداتنا ومزارعنا، وارتكبوا مجازر مروعة لم نشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية والنازيين، المحرقة. لذلك من غير المرجح أن يقول الناس (دعونا نعطِهم دولة أخرى) ستكون منصة لتدمير إسرائيل».
وفي حديثه للصحافيين في بداية العشاء، قال نتنياهو إن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان مع دول أخرى من شأنها أن تمنح الفلسطينيين «مستقبلاً أفضل»، مشيراً إلى إمكان انتقال سكان غزة إلى دول مجاورة.
وذكر ترامب أن الدول المحيطة بإسرائيل تقدم المساعدة، وأضاف: «لقد حظينا بتعاون كبير من دول محيطة، وتعاون كبير من كل دولة منها، لذا سيحدث أمر جيد».
عروض متبادلة
وخلال الأمسية، رشح نتنياهو ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، وقدم له نسخة عن رسالة إسرائيل إلى لجنة الجائزة، وقال إن الرئيس الأميركي «يُرسي السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، وفي منطقة تلو الأخرى».
وفي حين شدد البيت الأبيض على أن «الأولوية القصوى» لإنهاء العدوان وتحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، نقلت صحيفة إسرائيل هيوم، عن مصادر أميركية، أن ترامب عرض إمكانية التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وسورية، مقابل موافقة نتنياهو على إنهاء الحرب في غزة، موضحة أنه أرسل مبعوثاً إلى دمشق لتثبيت اتفاقها المنتظر مع تل أبيب على أن تكون الولايات المتحدة ضامنة له.
وقبل اللقاء، كشفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن مبعوث الشرق الوسط ستيف ويتكوف سيسافر إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، لدفع المفاوضات غير المباشرة الجارية حالياً في الدوحة.
مفاوضات الدوحة
ومع إنهاء المحادثات في العاصمة القطرية يومها الثالث، أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أمس، أن «المفاوضات جارية بين وفدي إسرائيل وحماس كل على حدة، وستحتاج إلى وقت، ولا يمكن تحديد إطار زمني واضح للنتائج»، موضحاً أن «الوسطاء يسعون إلى جسر الهوة للإطار التفاوضي ولإيجاد بيئة مناسبة، تنصب على الوصول إلى مرحلة إنهاء الحرب في غزة».
وقال الأنصاري إنه يتم حالياً النقاش بشأن إطار تفاوضي قبل بدء المرحلة النهائية لنقاش المقترح، موضحاً أن ما يجري الحديث عنه هو ورقة إطار عامة، وأن المحادثات المفصلة لم تبدأ بعد.
وأكد مسؤولون إسرائيليون إمكانية سد الثغرات، لكن الأمر قد يستغرق أكثر من بضعة أيام لوضع اللمسات الأخيرة على التفاهمات في الدوحة، لكنهم لم يوضحوا النقاط العالقة. وقال مسؤول إسرائيلي آخر إنه جرى إحراز تقدم.
وقال عضو الكابينيت الوزير زئيف إلكين، لهيئة البث الإسرائيلية، إن هناك «فرصة حقيقية» للاتفاق على وقف إطلاق النار، لكن «حماس تريد تغيير بعض الأمور الجوهرية، والأمر ليس بسيطاً، لكن هناك تقدماً».
وذكر مسؤول فلسطيني أمس: «انتهت بعد ظهر اليوم (أمس) جلسة المفاوضات، ولم يتم تحقيق اختراق، لكنها سوف تستمر، وحماس تأمل التوصل إلى اتفاق». ووفق مصادر فلسطينية فإن هناك فجوات بين الجانبين بشأن دخول المساعدات إلى غزة.
كمين وقصف
وعلى الأرض، تلقى جيش الاحتلال الإسرائيلي أقوى ضربة ميدانية منذ بدء عدوانه على غزة قبل 21 شهراً، مع وقوع جنود الكتيبة 97 باللواء الشمالي في كمين مركب قرب بيت حانون شمال القطاع، أسفر عن مقتل 5 منهم وإصابة 14 آخرين، ليرتفع عدد قتلاه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 إلى 888.
وأوضح جيش الاحتلال أن قوة الكتيبة 97 عبرت محوراً مركزياً في بيت حانون سيراً على الأقدام، وانفجرت فيهم عبوات ناسفة أدت إلى سقوط 5 جنود وإصابة 14 آخرين، مضيفاً أن منطقة الحادث تعرضت لقصف جوي خلال الأيام الأخيرة، ضمن التحضيرات للتوغل البري.
وذكرت الإذاعة العبرية أنه «أثناء إجلاء المصابين من موقع الانفجار، أطلق مسلحون النار من كمين نحو قوات الإنقاذ، ما أسفر عن سقوط مزيد من الضحايا، فأصبح الإجلاء معقداً وطويلاً، وتم استدعاء قوات إنقاذ إضافية».
من جهته، أفاد الناطق باسم «كتائب القسام» أبوعبيدة بأن «عملية بيت حانون المركبة ضربة إضافية سددها مقاتلونا لهيبة جيش الاحتلال الهزيل ووحداته الأكثر إجراماً في ميدانٍ ظنّه آمناً بعد أن لم يُبقِ فيه حجراً على حجر».
ولاحقاً، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة في غزة، تشمل نازحي خان يونس، وواصل غاراته الوحشية على مختلف مناطق القطاع، وقتل 41 أمس في حي الرمال ومخيم سنابل، غرب المستشفى الكويتي بمنطقة المواصي غربي خان يونس جنوبي القطاع ومخيم البريج وسطه.
وقُتل في غزة ما لا يقل عن 57523، معظمهم من المدنيين، في القصف والعمليات الإسرائيلية المدمرة، وفق حصيلة وزارة الصحة.