نثمن قرار وزير التربية، سيد جلال الطبطبائي، ونقدر موافقة مجلس الوزراء على مشروع مرسوم قانون يجرّم الأفعال المرتبطة بالغش وتسريب الاختبارات، باعتباره إنجازاً يحافظ على جودة التحصيل العلمي، ويحمي به حقوق طالبي العلم الحقيقيين الذين يسهرون الليالي من أجل الحصول على تفوق حقيقي فيأتي مَن يسرقه منهم بالغش ليتصدروا به صفحات الصحف، وليفوزوا بالبعثات والتقدير ظلماً.
قرار تجريم الغش، وإن جاء متأخراً، فإنه بالتأكيد أفضل من ألا يأتي أبداً، وهو قرار ما كان له أن يأتي لولا رغبة ومباركة القيادة السياسية، فالغش في المدارس أصبح ظاهرة كارثية مدمّرة للتعليم في الكويت، حتى أنه صار من المسلّمات اللاأخلاقية المحمية من نوائب أمة، ومن أولياء أمور فاسدين، ومن بعض المسؤولين الذين لا بُد أنهم وصلوا إلى مناصبهم غشاً وإلا لما دافعوا عنه، فقد وصل بهم الأمر من دون خجل إلى أن يخرجوا بتظاهرات يطالبون فيها بعدم معاقبة مَن غش وخان أمانة العلم.
هذا القرار سيؤدي حتماً إلى معالجة ظاهرة الغش وتسريب وبيع الاختبارات عن طريق العقاب المغلّظ، بعد أن تحولت إلى سوق رائج لكسب المال الحرام، ليدمر به التعليم ومستقبل الكويت وأمنها، هذه الظاهرة المتفشية أثّرت فعلياً سلباً على مخرجات التعليم، وأفرزت معها تفوقاً مزيفاً لا يستقيم لا مع العقل ولا مع المنطق، ولا حتى مع القدرات البشرية التي لها حدودها.
ظاهرة الغش في الكويت تفاقمت بعد أن تسرب عدد كبير من مدرسين عديمي الأهلية والضمير إلى الجسم التعليمي، وبسبب هؤلاء تفشت تجارة الدروس الخصوصية التي أصبحت عند بعض الأسر ضرورة لا فكاك منها، هذه التجارة الفاسدة كلفت الأسر مبالغ فلكية قدّرها خبراء تعليم كويتيون بمئات الملايين سنوياً، هذا الوضع يحتم على وزارة التربية التركيز على نوعية القائمين على التعليم، إن كان كفاءة أو أخلاقاً أو أمانة.
نعتقد أنه حان الوقت لإجراء اختبارات قدرات حقيقية للجسم التعليمي بأكمله، ولكل من حصل على معدلات فلكية لا يمكن هضمها، حتى لا يضيع حق من حصل على درجات أدنى بجد واجتهاد حقيقيين، فكل الدلائل تثبت أنه ليس كل مَن حصل على شهادة تفوق هو متفوق حقيقي، حتى أن أحد التربويين وصفه بالتفوق الزائف، هذا الوضع المخجل يؤدي إلى تشويه سمعة الكويت التعليمية، وإلى زعزعة الثقة بها.
نقول: المتفوق الحقيقي في التعليم يدل على مخبره الطيب ومعدنه الأصيل، أما مَن تفوق زيفاً فقد أراد به مظهراً يتفاخر به، سرعان ما يكشفه معترك الحياة الدراسية في الجامعات الحقيقية.