أعادت قضية الشاليهات روح النقد والمشاركة في القرار التي فقدناها، وكانت البداية عندما تم انتقاد قرار الحكومة بزيادة رسوم الشاليهات زيادة كبيرة جداً، وبعدها أعلنت نيتها إعادة دراسة القرار، فتم انتقاد الحكومة على قرار إعادة الدراسة، واتهامها بالانحياز إلى أصحاب الشاليهات وأنهم متنفذون ومستولون على الواجهات البحرية، فردّ عليهم الطرف الأول بأن معظم أصحاب الشاليهات من الطبقة الوسطى، وأنهم وقعوا عقوداً سليمة مع الدولة ولم يخالفوا القانون، وأنهم أخذوا الشاليهات بمبالغ كبيرة من المستفيد الأول بموافقة الحكومة التي وافقت على البناء أيضاً، وكانت الحكومة مستمعة لهذا الحوار ولم تبد أو تدافع أو تهدد، وهكذا عادت روح النقد البناء والمشاركة في القرار من جديد، وهي سمة كويتية منذ الأجل سجلتها وسطرتها كتب تاريخ الكويت، ومن الطرائف التي يرويها أحد الكويتيين المعروفين، في لقاء تلفزيوني، أن الشيخ عبدالله السالم عاتب الشاعر الكبير فهد بورسلي على كثرة نقده وقلة مدحه، فردّ بورسلي أن المدح عنده مثل صعود السلم، أما النقد فهو مثل النزول منه، وكثير من شعراء الكويت وكتابها السابقين مارسوا النقد في إبداعاتهم المنقولة إلينا، وكثير من النواب السابقين والمفكرين والمتخصصين كانوا يكتبون آراءهم في القضايا العامة، ويطرحون الحلول التي يرونها إلى فترة قريبة، وكثيراً ما كانوا يختلفون فيها مع موقف المجلس وقرارات الحكومة.

إن روح النقد العلني والمشاركة في القرار التي عادت في موضوع الشاليهات وأملاك الدولة فقدناها منذ زمن في قضايا الجنسية وقرارات العمل الخيري وإبعاد بعض الكويتيين عن بعض المناصب بسبب جنسية الأم أو نوع جنسية الأب، وغيرها من المواضيع التي اتخذت مؤخراً، حيث كانت معظم الحوارات في هذه المواضيع تدور وراء الكواليس وليس في العلن أو في الندوات، وأرى أن تشجع الحكومة النقد البنّاء والمشاركة في القرار عبر تشجيع إبداء الرأي الملتزم بالقانون وبالضوابط الشرعية، وألا تجد أي حرج في القبول بالرأي الآخر إذا تم عرضه بإخلاص، وكان يحقق الأفضل والمصلحة العامة.

Ad

وقد ضرب النبي، صلى الله عليه وسلم، أفضل الأمثلة في قبوله بالرأي الآخر في مناسبات كثيرة علنية، مثل بدر وأحد والأحزاب وغيرها.

وفي موضوع الشاليهات أرى أن الأفضل أن يطالب الجميع الحكومة بسرعة إعداد المشروعات التي تتعلق باستثمار الواجهات البحرية ودراسة جدواها الاقتصادية، واستعجال وضع مناقصات استثمارها، بحيث تحقق عائداً مالياً كبيراً للكويت، وأيضاً متنفساً ترويحياً للمواطنين ومنتجعاً سياحياً، خاصة أن العقود تنص، وأن الجميع متفق على إخلاء جميع الشاليهات، عندما تصبح هذه المشروعات جاهزة للتنفيذ.