الحياة اليومية ــ الروتينية ــ التي نعيشها بوعي أو دونه هي حلبة صراع! سواء اشتد أو فتر. الكل فيه مُقبل مدبر! الأفكار بحد ذاتها هي المحرك والمثبط للإنسان، وقد تجعله ينسحب وينزوي ويندب حظه!

ولكن... لماذا غياب الوعي والجهل؟ لماذا الأفكار السلبية وسوء الظن؟ لماذا جَلد الذات؟

جميعنا له نمط شخصية، أسلوب تفكير وقناعات، علاقات وتعاملات، مرجعية أخلاقية. بين خصال حسنة وطباع خاصة، ربما مزعجة أو غريبة، لكن مَن يخلو من العيوب؟ مَن لا يخطئ أو يقصّر أو ينسى؟

Ad

هناك من يعاملك بجفاء بسبب سوء فهمه، يبني انطباعاته عنك بسبب موقف... ينسج حوارات ويركّب مشاهد بناءً على تصرُّف عابر (غير مباشر) مغلق! اجتاحه سوء ظن وغلبه! تملكته مشاعر سلبية -لا صحة لها- فقادت ردود أفعاله تجاهك! بعض الأشخاص يتوهم القوة، فيبطش! ظنّا منه بأنه أفضل، وبهذا الأسلوب أدار العلاقة بنفسه! هذا تصرُّف طفولي وسطحي!

إن طريقة تعاملنا مع التحديات والإشكالات هي ما يُظهر حقيقتنا ومعدننا، وكما قرأت ذات مرة بأن حياتنا تتغير كثيراً عندما لا نأخذ الأمور على محمل شخصي.

نحن نتأذى ونغضب، نَحارُ ولا نُحسن الاختيار، لكن لابُد لنا أن نتعلم، نعتذر، نستوعب، نتناسى.

هناك من يتلاعب بمشاعر الآخرين ليسد نقصاً، بل ليُحس بالقبول! ألم يعلم بأن المشاعر ليست للتجارب؟! ليست رياضة أو لعبة، ليست لباساً أو طبقاً أو نزهة!

هناك من يتجاوب بتطرُّف! يحسب العالم كله ضده! الكل يراقبه، يكرهه، يترصد له!

لا تقل عشت طفولة تعيسة! مررت بصدمات! خذلني القريب وخانني الحبيب! فالجميع يختبر ظروفاً قاسية ومواقف صعبة، تعتقد أنك الوحيد المشحون المتألم؟! هذه افتراضات أنانية قاصرة، حين لا يكاد المرء يرى أبعد من أنفه، ويبرر لنفسه دائماً ويعيش دور الضحية مراراً.

أنت لديك تفسير أحادي سيئ، ريبة، وغيظ قديم، فلا تلقي اللوم على الآخرين وتطعن في أخلاقهم ونواياهم! وإلّا وقعت في ظلم عظيم بأن تتكلم في سمعتهم! فأصلح ما بينك وبين نفسك، عالج اضطرابك، انظر في شأنك وحالك، حاسب ذاتك قبل أن تفضحها بطريقة تعاملك!

البالغون «الأسوياء» ينظرون إلى كل زوايا المواقف، يتغافلون، يتحاورون، يلتمسون العذر، يتعايشون، يواجهون، يتجاوزون.

هناك مقولة عُرف بها د. عبدالرحمن السميط، يرحمه الله: «العالم ليس كأمك، تغضب عليها بالنهار وفي الليل تناديك للعشاء... العالم سيتركك تموت جوعاً».

فلا تنتظر من العالم أن يُحسن إليك، أحسن إلى نفسك وواجه العالم بإحسان، وما عند الله خير وأبقى.