يبدو أن اتحاد الكرة الكويتي وُلد وفي فمه ملعقة «نكد»، وسادته كتاب «سوء الطالع في العمل الرياضي»، فكلما قرر أن يُنقذ مسابقاته من الهزال العددي، جاءه الرد من أحد الأندية على طريقة: «شكراً... ما راح نكمل»، ليضحك القدر ساخراً، ويعيده إلى نقطة الصفر، أو ربما إلى تحت الصفر قليلاً، للتمويه فقط!
آخر فصول الكوميديا السوداء كانت حين أعلن نادي برقان ـ بكل بساطة وبرود ـ انسحابه من دوري الدرجة الأولى المقبل. لا بيان، لا توضيح، فقط «مع السلامة يا دوري»، وكأنهم انسحبوا من مسابقة طبخ، لا من بطولة يفترض أنها تحت إشراف رسمي ودعم حكومي! أو كأن الاتحاد شريك في «بقالة»، لا جهة منظمة لمسابقات يفترض أن تُدار باحتراف!
وبينما كان رئيس الاتحاد، الشيخ أحمد اليوسف، يربت على كتف نفسه ويحتفل بإدخال نادي الجزيرة «الخاص» إلى حظيرة المشاركين، ويخطط لرفع عدد الأندية أكثر وإنعاش المسابقة، جاء انسحاب برقان كمن «صب مَرق على يد من تغسل»، ليهدم مجهوداً شاقاً، ويُعيد الحسابات إلى نقطة البداية.
والمفارقة أن الهيئة العامة للرياضة، الجهة الحكومية المنوط بها دعم وتطوير الرياضة، غائبة عن أي دور فعلي! تجلس على مدرج المتفرجين، كأنها تقول «مو شغلي»، وإن ما يجري لا يعنيها، فلا خطوات عملية لإشهار أندية جديدة، ولا ضغط أو تشجيع للأندية المشهرة للمشاركة في البطولات الرسمية، ولا حتى محاسبة أو استدعاء عاجل لأي طرف للحديث عن الانسحاب أو التقاعس، فنادي القرين، مثلاً، يرفض المشاركة في نشاط كرة القدم منذ سنوات، بحجة عدم وجود ملعب، ليضعنا أمام سؤال كبير ومحيِّر: أين الهيئة؟ أين خطط الاستثمار في البنية التحتية؟ أم أن الملعب يجب أن ينبت وحده من الأرض بعد نزول مطر خفيف؟
واقع الحال يقول إن المسابقات الكروية في الكويت بحاجة إلى تدخل جراحي لا تجميلي، وإننا لا نعاني فقط قلة أندية بقدر ما نعاني قلة جدية، فوجود أندية على الورق دون نشاط فعلي هو عبء إداري ومالي، ومهما حاول اتحاد الكرة أو غيره من الاتحادات الأخرى العمل دون دعم حقيقي من الهيئة أو التزام من الأندية، سيظل الدوران في نفس الحلقة المفرغة، حيث الشكوى لا تتوقف، والمشاركة اختيارية، والنتائج دائماً صفر على الشمال، والجمهور يتفرج وينفجر سخرية!
بنلتي
في بلدان العالم المتقدمة، يُقاس تطور الرياضة بعدد الأندية وتنوع المنافسات، أما عندنا، فيبدو أن البطولة الحقيقية هي «كيف تنظّم دوري بأقل عدد ممكن من الفرق وتطلع منه سالم».