في البداية يجب أن نعود تاريخياً لأول قانون وتشريع طُبِّق في الكويت، وهي مجلة الأحكام العدلية التي طُبِّقت عام 1938، وهي مُستمدة من الشريعة الإسلامية، وكانت هذه المجلة أول تشريع مدوَّن ومكتوب في تاريخ الكويت، لذلك يجب أن نتطرَّق لها:

مجلة الأحكام العدلية، هي مدونة لأحكام الفقه الإسلامي الحنيف في المعاملات المالية، وقد صدرت من قِبل الدولة العثمانية عام 1869.

Ad

ويُعد تطبيق المجلة في الكويت علامة فارقة من علامات التحوُّل إلى التشريع الحديث، من حيث كونها دلالة على التحوُّل من القانون العُرفي والشفاهي إلى أول تشريع مدوَّن يُطبَّق في الكويت.

لكن مع تطوُّر الواقع الاقتصادي في الكويت، إثر اكتشاف النفط، بدأ يظهر أن المجلة لم تَعُد أداةً تشريعية كافية لتنظيم التعاملات المالية في البلاد بشقيها، المدني، والتجاري، لذلك استُخدمت مجلة الأحكام العدلية في الكويت حتى عام 1960 بشكلٍ رسمي في القضايا التجارية والمدني.

وبعد عام 1960، بدأ استبدالها تدريجياً بقوانين حديثة، لكنها ظلَّت مرجعاً في بعض القضايا حتى صدور القانون المدني الكويتي عام 1980، الذي أنهى العمل بها بشكلٍ كامل.

وصحيح أن مجلة الأحكام العدلية مُستمدة بشكلٍ كبير ورئيسي من الشريعة الإسلامية، إلا أنها لم تكن مقتصرة على الشريعة الإسلامية فقط، بل أخذت المجلة ببعض القوانين الغربية أيضاً.

لذلك، نستنتج أن أول تشريع قانوني طُبِّق في الكويت لم تكن الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد له، بل كانت أحد مصادره الأساسية. ومن ثم جاء الدستور الكويتي عام 1962، وقد نصَّ صراحة على أن المادة 2 من الدستور الكويتي «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع».

وهنا الدستور لم ينص على أن الشريعة الإسلامية هي «المصدر الوحيد»، لأنه قد يعوق إمكانية تعديل القوانين وتطويرها، ويمنح المشرِّع مرونة في صياغة القوانين، بما يناسب التطورات المستقبلية، مثل: التجارة الدولية، والتكنولوجيا، والاستثمار، وغيرها.

كما أن النخبة السياسية التي كتبت الدستور كانت ذات نزعة قومية عربية، وكانت لديهم نظرة إعجاب بجمهورية مصر العربية، فاقتدوا بقانونها، الذي كان مُستمداً من القانون الفرنسي، حيث إن الكويت كانت تريد أن تتبنَّى نظاماً قانونياً حديثاً يشمل الشريعة الإسلامية، وقوانين وضعية أخرى.

الكويت في فترة كتابة الدستور لم تقتدِ بباقي الدول العربية التي تبنَّت العلمانية في حقبة ما بعد الاستقلال، فيما الكويت دمجت القوانين الحديثة بالشريعة الإسلامية، وتركت صنعة قوانينها بنفسها، ولم تستوردها بشكلٍ تام.