في المقالة السابقة المنشورة بتاريخ 20 يونيو، استعرضتُ العوامل التي تجعل من البيئة الكويتية محفّزة للسمنة، سواء من حيث العادات الغذائية، أو أنماط الحياة اليومية، أو التخطيط العمراني. وفي هذا السياق، من الضروري اقتراح حلول عملية ومتكاملة، قد تسهم في التخفيف من آثار هذه الظاهرة المتنامية.

على المستوى المجتمعي، تبرز الحاجة إلى إطلاق حملات توعوية شاملة حول مخاطر السمنة، تُوظَّف فيها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعّال. وينبغي أن تتضمن هذه الحملات التثقيف بمفاهيم التغذية الصحية، وأهمية النشاط البدني، مع إدراج هذه المفاهيم في المناهج الدراسية منذ المراحل التعليمية المبكرة. ويُعد تعزيز الوعي الغذائي عنصراً محورياً، كأن تُوضَّح للمستهلك الفروقات الدقيقة بين مصطلحات مثل «خالٍ من السكر» و«لا سكر مضاف»، مما يمكّنه من اتخاذ قرارات غذائية أكثر وعياً.

أما على المستوى التجاري، فمن المفيد فرض قيود على الإعلانات الموجّهة للأطفال والتي تروّج للوجبات السريعة والمأكولات عالية السعرات، مع إلزام الشركات بوضع ملصقات غذائية واضحة وشفافة على المنتجات. وفي الوقت ذاته، يُستحسن دعم المشاريع الصغيرة التي تقدّم بدائل غذائية صحية، مما يسهم في تنويع الخيارات المتاحة أمام المستهلك.

Ad

ويُعد تعزيز ممارسة النشاط البدني أحد المحاور المهمة، من خلال تطوير الحدائق العامة والمرافق الرياضية المجانية أو منخفضة التكلفة، مع تشجيع المؤسسات الحكومية والخاصة على تبنّي برامج رياضية لموظفيها، خصوصاً في بيئات العمل المكتبية التي يغلب عليها الجلوس فترات طويلة.

ومن الجوانب الجديرة بالاهتمام أيضاً، إشراك القطاع الخاص في جهود تعزيز الحركة والنشاط البدني، عبر مبادرات مبتكرة كتنظيم فعاليات رياضية مجتمعية. كما يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة، مثل تطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء – مثل الأساور الذكية - التي تتابع مؤشرات النشاط، كعدد الخطوات والسعرات المحروقة. ويمكن للشركات التعاون في استخدام هذه التطبيقات لتقديم حوافز أو مكافآت للمستخدمين النشطين، ما يعزّز دمج الصحة ضمن نمط الحياة الرقمية اليومية.

وفي الختام، فإن الحدّ من البيئة المحفّزة على السمنة يتطلّب تضافر الجهود بين الأفراد، والمؤسسات، والقطاع الخاص، إلى جانب تبنّي حزمة من السياسات والحلول المتكاملة التي تجعل من الخيارات الصحية الخيار الأسهل والأكثر جذبًا. كما بات هذا الموضوع يحظى باهتمام متزايد في الأوساط الأكاديمية، نظرًا لتداخله مع قضايا الصحة العامة، والاقتصاد، والمجتمع، مما يفتح المجال أمام الأكاديميين والباحثين للإسهام في تقديم رؤاهم وحلولهم العلمية.