يبدو أن البعض فهم مقالي السابق عن مشروع قانون الرياضة الجديد على أنه هجوم على تنظيم الحركة الرياضية، وكأننا نعترض على أي شيء فيه كلمة «نظام» أو «تطوير»، والواقع أنني، ولمن يعرفني ويتابعني، من المؤمنين بأن الرياضة تحتاج إلى قوانين تنظمها، لكن بشرط ألا يتحول القانون إلى دفتر محاسبة يفتش في الفواتير ويغفل عن الملاعب.

القانون المسرب – لأن الشفافية كما نعلم تُعتبر «ترفاً» عند البعض – قرأته سطراً سطراً، وكل ما وجدته هو تركيز مُبهر على الرقابة المالية، ضوابط الصرف، شروط الاشتراك، وحدود المعسكرات، حتى شعرت أنني أقرأ لوائح وزارة المالية لا مشروعاً رياضياً يُفترض به أن يصنع أبطالاً لا مدققين.

Ad

لا مانع من الرقابة، بل نحن أول من طالب بها، لكن هل كل ما تحتاجه رياضتنا هو ضوابط الانتساب وشروط الاستثمار؟ أين الحديث عن تطوير المواهب؟ عن الفرض على الاتحادات، من خلال مادة في القانون، بوضع لائحة انتقالات عادلة تضمن حرية اللاعبين وتحفّز الأندية على التنقيب؟ لماذا لا نجد مادة واحدة تُلزم الأندية «لاسيما وأنها دائماً ما تشتكي من قلة الموارد والحاجة إلى الصرف» بالتخصص في عدد محدد من الألعاب، بدل أن تكون صالة رياضية على هيئة جمعية تعاونية تمارس كل شيء ولا تتقن شيئاً؟

الرياضة اليوم لم تعد هواية تُمارس بين مغرب وعشاء، بل صارت صناعة واقتصاداً ومشروعاً وطنياً، لكن مشروع قانوننا الجديد يبدو وكأنه كُتب على طاولة مسؤول حكومي يهوى الجداول و«الإكسل» أكثر من مشاهدة المباريات، باختصار القانون الجديد يُنظم «الصرّاف» وينسى «اللاعب».

بنلتي

الذين يكتبون القوانين الرياضية من المكاتب المكيّفة لا يعلمون أن اللاعب لا يكبر بالضبط المالي بل بالتمكين، وأن النادي لا يتطور بتوحيد رسوم الاشتراك، بل بحرية اتخاذ القرار والاستثمار. نريد قانوناً يحفّز، لا قانوناً يحاسِب فقط... فالمحاسبة مطلوبة، لكن بشرط ألا ننسى أن الهدف هو الفوز... لا فقط ضبط الفاتورة.