حرب ما كان لها أن تقع لولا التعنّت الإيراني ـ الإسرائيلي. خسائر بشرية ومادية ودمار واغتيالات لقادة وعلماء ما كان لها أن تحدث، لولا هذا العناد القاتل، عناد شبيه بعناد حليفه في لبنان، فكان مصير قادته التصفية وأسلحته التدمير، وبعناد الحوثيين في اليمن الذي كانت نتيجته تدمير مطاراته وموانئه ومنشآته الحيوية، وبعناد «حماسي» أتى على غزة، وعلى عشرات الآلاف من الشهداء الأبرياء، وشرّد أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني.

يبدو أن هذا العناد والتعنت إحدى سمات دول وميليشيات شرق أوسطية عاثت فساداً وتدميراً في منطقتنا العربية، الغريب فيه أن هذا العناد لم يتسبب إلا في دمار وقتل وتهجير العرب فقط، أما المحرّضون عليه فقد اكتفوا بالتهديد والوعيد لمعارك لم يشاركوا فيها.

Ad

النظام الإيراني انتفض عندما مسّته قنابل الصهاينة، وانتفض معه، ويا للعجب، أذرعه الذين واجهوا خلالها القتل والدمار وحدهم وهم يرون وليّ نعمتهم يتفرج عليهم دون أن يحرّك صواريخه نجدة لهم.

النظامان الإيراني والصهيوني عرّضا بلديهما لهذا الدمار، بسبب الإصرار على استكمال المشروع الإيراني النووي، وقابله إصرار صهيوني، وحتى دولي، على تدميره، فرفْض إيران للاتفاق النووي جعل الجميع يشُك في سوء النية.

ألم يكن من الأسلم لو فهم هذا النظام أنه ليس مسموحاً لأي دولة شرق أوسطية بامتلاك سلاح نووي غير إسرائيل؟ كان عليه أن يأخذ درساً من المحاولات العربية لامتلاك تكنولوجيا نووية أجهضت في مهدها، فهذا ما حصل فعلاً في كل من مصر، والعراق، وسورية، وليبيا.

كان على هذا النظام أيضاً أن يستوعب أنه ما كان في استطاعته التمدد في أربع عواصم عربية طالما تفاخر بسيطرته عليها لولا الضوء الأخضر الغربي، ألم يكن من الأسلم للجميع أن يستمع إلى المطالبات المتكررة بوقف تخصيب اليورانيوم، بدلاً من أن يتمادى فيه؟ وبوقف تصنيع صواريخ بأعداد مهولة لم يكن في حاجة لها ما لم يكن وراءها مآرب أخرى ليس لها علاقة بتحرير فلسطين؟ كان عليه أن يفهم أنه في نهاية الأمر لا يعدو أن يكون جزءاً من لعبة الأمم، تماماً كما هي أذرعه وميليشياته كانت جزءاً من لعبته، وقد يكون ما يحصل الآن لإيران هو نهاية لمرحلة التسامح بعد أن تعارضت المصالح.

فهل البرنامج النووي والصاروخي يستحقان هدر أموال الشعب الإيراني، وهذا الدمار والخراب، وخسائر بشرية وعسكرية ومادية تقدر بمئات المليارات؟ وهل يستحق من أجله تأليب كل دول العالم تقريباً ضده؟

‏حفظ الله خليجنا وأمتنا من أعدائنا المتربصين بنا، فنحن على يقين بأن هذه الصواريخ وهذه البرامج النووية لم تصنّع لمواجهة الشيطان الأكبر ولا لتدمير الشيطان الأصغر، ونكرر القول بأن هذه الحرب ما كان لها أن تقع لولا تضارب المصالح.