كل مَنْ زار المملكة العربية السعودية يخرج بانطباع واحد ليس فيه تخمين، ألا وهو «التغيير الكبير». لي أصدقاء من كندا وأستراليا ولبنان ذهبوا إليها بغرض العمل في شركات عالمية كبرى واستقروا فيها... بلد المليون ورشة... أينما اتجهت عيناك لا تُخطئ المشهد، الرافعات تعلو الأماكن والمدن في أكبر مشاريع البنى التحتية والتطوير العُمراني والخدمي.
الكلام عن المدن الجديدة وناطحات السَّحاب ليس بجديد، العالم كُله يراقب ويتابع، بل التغيير تلمسه من داخل المجتمع السعودي والإدارات الحكومية.
في النقل الجوي والطرقات وعلى الأرض تتنقل بالقطارات من منطقة إلى أخرى وكأنك في إحدى المدن الأوروبية، ومحطات القطار التي كُنا نحلم بها باتت أمراً واقعياً.
تدخل إلى شركات عملاقة ترى الفتاة والمرأة السعودية جنباً إلى جنب مع الرجال، وفي معظم المواقع، قوى عاملة وبكفاءات علمية تُدار تلك المؤسسات، وفي صورة لم تشهدها المملكة من قبل.
جاءها الأمير محمد بن سلمان برؤية وبقرار، ليزرع فيها مشروع تحديث وتطوير يضع المملكة في الصدارة من حيث القوة الاقتصادية، والتي باتت اليوم تحمل الدور الريادي في المنطقة، والمؤهلة لذلك، بعدما ترنَّحت عواصم القرار العربية، وتهدَّمت، وأصابها الفشل السياسي، وغيره من الأمراض المُهلكة في حياة الأمم.
التغيير تلمسه من اللحظة التي تحط فيها بأي مطار، سواء كان في جدة أو الرياض، وغيرها من المدن الكبيرة. لا نتحدَّث عن الانفتاح الذي يُلازمك أينما توجهت، ولا عن مشاريع الترفيه الضخمة التي تُقام وتُبنى.
دولة عملاقة في طريقها للقفز إلى الأمام، تبدأ بمعاملة تحتاجها في وزارات الدولة، ولست بحاجة إلى الذهاب والدوران في المكاتب وإضاعة الوقت، بل عن طريق «الأونلاين» وبرنامج «أبشر» تنهي كُل ما تحتاجه من معاملات في وقت قياسي غير مُعتاد، وهذه الحالة يمكن تعميمها على جميع المستويات، منذ لحظة الحصول على الفيزا الإلكترونية إلى إنهاء معاملات المشاريع الكبرى التي تعمل على البدء فيها.
الرياض اليوم تتكَّلم لغة الفعل، لا حاجة للتنظير، هناك ماكينة تعمل على الأرض، وهناك قرارات كُبرى تُتخذ من رجل قيادي ملهم أراد أن يضع المملكة في قائمة الدول العظمى، وبما تمتلكه من قُدرات مالية وبشرية تؤهلها لحجز مقعد لها ضمن الأوائل في العالم.
مليارات من الدولارات ستُنفق لبناء ملاعب رياضية جديدة، وبمواصفات عالمية، استعداداً لإقامة مجموعة متنوعة من الأحداث الرياضية الكبرى، منها كأس العالم لكرة القدم لسنة 2034، وكأس أمم آسيا عام 2027، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029 وغيرها، وفوق كُل ذلك معرض إكسبو العالمي عام 2030 بمدينة الرياض.
المملكة تتغيَّر بسرعةٍ غير عادية، سواء على مستوى الخدمات الحكومية، أو البنى التحتية والعُمران، أو السياحة والتركيز على التراث، أو استقطاب الاستثمارات الخارجية، وتلك عناوين ترسم وبدقة الحدث الأبرز في القرن الحادي والعشرين يطغى على ما عداه... لم يكن ليحدث كُل هذا لولا «قائد التغيير».