وصلتني العديد من المداخلات حول مقالي (ملاحظات على نموذج مجلس الخدمة المدنية لإعادة هيكلة الجهات الحكومية). بعض هذه المداخلات قيّمة ورزينة، وبعضها الآخر غير صالح للنشر.
من المداخلات القيّمة مداخلة الأستاذ الفاضل طارق الفرحان، حيث بدأها بطرح الأسئلة التالية:
1- نحن اليوم في 10يونيو 2025: كم جهة حكومية أرسلت ردَّها لديوان الخدمة المدنية حول النموذج المقترح؟
2- ما سبب تأخر الرد على كتاب أمين سر المجلس بخصوص النموذج المقترح؟
3- بنظرة أولية للردود، ما جودة وعلمية الردود التي وردت للديوان؟
4- ما قدرات اللجنة أو اللجان المُسند إليها التقييم والتوجيه للجهات الحكومية ذات الشأن؟
5- على هذا الأساس، ما المدى الزمني لإنجاز هذا النموذج المقترح للهيكل التنظيمي للجهات الحكومية؟
6- ما الخطوات اللاحقة في حالة اكتشاف كثير من المثالب أو العثرات الإدارية والتنظيمية والقانونية عند محاولة تنفيذ وتطبيق النموذج المقترح؟
وأكمل الأستاذ الفرحان مداخلته القيّمة بقوله: أظن أن الشفافية والحوكمة الإدارية مبدأ لا تجيد مراكز القرار بالحكومة ممارسته على نفسها وإعطاء أصحاب الخبرة والاختصاص والاهتمام حق إبداء الرأي بالمشروع ككل حتى نجيد تبني وتنفيد المشروع والنموذج المقترح بشكل متكامل ولا نكرر تجارب فاشلة، كتجربة البديل الاستراتيجي، نتيجة أسوأ قرار اُتخذ بشأن المال العام، وهو الكوادر المالية لعدد من الوظائف والجهات، وترك الآخرين بكل إهمال وعدم تحمُّل مسؤولية هذا القرار الجائر بحق فئة من العاملين الحكوميين، وما زال!
وأضاف: كذلك إنشاء جهات وهيئات حكومية جديدة، لكنها غير فاعلة، ولا تضيف أي عائد للأداء الحكومي العام للدولة.
وتأسيساً على ذلك، يرى الفرحان أن الحكومة الحالية إذا كانت ملتزمة وجادَّة في تحديث رؤاها وقراراتها للإصلاح، فيجب عليها:
أولاً: التحديد والتعريف العلمي لتحدياتها الإدارية والمالية، وحتى الاجتماعية، بما تعتزم تطويره.
ثانياً: عليها أن تضم إليها عدداً من الكفاءات الإدارية والممارسين وأصحاب الخبرات في إعادة هيكلة وهندسة العمليات الإدارية الحكومية على قاعدة «الإنتاجية والفاعلية وضبط الإنفاق». ومن المؤكد أن يكون لهولاء توجيهات واضحة وسُلطات سياسية كافية لتطبيق ما يرونه بعد موافقة الجهة ذات الشأن.
ثالثاً: إن مسيرة التطوير والتحديث رحلة، وليست محطة جامدة يرتبط تحرُّكها بمزاج إداري وسياسي ما، بل هي عملية تفرض نفسها، بغض النظر عمَّن يتولى عضوية مجلس الخدمة المدنية. والتجارب العالمية والإقليمية الحيَّة من حولنا اطلع عليها عدد من الوزراء الحاليين في الحكومة، و«القمة الحكومية» في دبي شاهدة على ذلك.
لقد طرح الأستاذ طارق الفرحان عدة تساؤلات علمية ومنطقية تتطلَّب الإجابة عنها من المسؤولين بديوان الخدمة المدنية، وكذلك أعضاء مجلس الخدمة المدنية، كما اقترح كيفية التعامل مع عملية إعادة الهيكل التنظيمي للدولة على أُسس علمية وإدارية وتنظيمية سليمة مستفيدةً من التجارب الإقليمية والعالمية.
وفي مداخلة أخرى من أحد المتابعين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال: «إن المسؤولين في ديوان ومجلس الخدمة المدنية هدفهم الرئيسي ليس إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليكون رشيقاً وأكثر إنتاجية وفاعلية، بل هدفهم هو تخفيض فاتورة الرواتب الحكومية، وعليه أرى أنه إذا كان الديوان أو مجلس الخدمة المدنية جادَّين في ذلك، فليعيدوا النظر في بند (المكافآت الخاصة) التي تصرف زيادة على الراتب الأساسي، والتي تُمنح لغير الكويتيين في معظم الأحوال، ويقرها ديوان الخدمة المدنية أو مجلس الخدمة المدنية بشكل عشوائي وغير مدروس، وتتجاوز قيمة بند (المكافأة الخاصة) في بعض الحالات للعاملين في وزارة الصحة وبعض المهن التخصصية والاستشارية مبلغ الـ 3000 دينار لوحدها، متجاوزةً بذلك الراتب التقاعدي للوزير الكويتي، والذي أُقر أخيراً بمبلغ 2750 ديناراً!».
هذه بعض المداخلات والمقترحات القيّمة التي وصلتني من بعض المتابعين على النموذج المقترح لمجلس الخدمة المدنية لإعادة هيكلة الجهات الحكومية، أتمنى من المسؤولين بديوان الخدمة ومجلس الخدمة المدنية أخذها بعين الاعتبار، ودراستها دراسة جادَّة ووافية، لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي بكفاءة وفاعلية، وبما يعود بالخير على الجميع.
ودمتم سالمين