ليس هذا تصغيراً من حجم الإرهاب الإسرائيلي أو خطره، بل هو ربما على العكس إشارة وتنبيه إلى ماضي هذا العدو المتطرّف وحاضره، وتذكير بماضيه ومعتقداته الجنونية. عليَّ وعلى أعدائي... هذه كانت عقيدة شمشون، قاضي اليهود وبطلهم الذي أسره الفلسطينيون، حسب الكتاب المقدس. وشمشون الجبار- وقتها - هدم المعبد على مَن فيه، وضحّى بنفسه من أجل الانتقام من أعدائه أهل فلسطين.
سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ليس بعيداً عن سلوك وخُطى ملهمه شمشون، لذا، فإن التصعيد في المناوشات الإيرانية - الإسرائيلية، التي تحولت إلى حرب قبل ساعات، قد تتطور أكثر وتصبح كارثة تهدد العالم إن شعر شمشون بأنه سيكون ضحيتها وليس المنتصر فيها، خصوصاً أن نتنياهو عبّر بوضوح عن نهجه التاريخي الديني، حين أعلن عن بداية الهجوم الإسرائيلي بوصفه إياه - أي الهجوم - بأنه وقفة ضد الكفار والمشركين عبدة الأصنام، ونصرة - حسب زعمه - للموحدين للإله الواحد من اليهود.
لذا، علينا أن نتوقع أكثر، وأن نتحسب لتطورات أكثر تعقيداً وأشد خطورة في الصراع الحالي. ودعونا نعترف... إسرائيل وبالدعم الغربي لا تزال تملك الكثير، ولا زالت كما كانت لديها اليد الطولى والدعم غير المحدود من الغرب ومن المؤمنين بالحق الإلهي لليهود في أرض الميعاد. وإسرائيل حتى وإن بقيت وحيدة، فإنها لا تزال تشكّل الخطر الأكبر على المنطقة، إذ إنها تمتلك السلاح النووي الذي قد يلجأ إليه شمشون ليهدم المعبد على مَن فيه.
لا شك - كما هو واضح - في أن الرد الإيراني كان قوياً، وربما أكثر قوة وحدّة مما تحسّب له نتنياهو عندما أطلق العنان لتنمُّره وفجوره العدواني. لكن لنتمهل، فكل ما يجري حالياً هو اختبار واستشعار كل طرف لإمكانات الطرف الآخر وقدراته. وبالتأكيد، فإن إيران - التي فاجأت الجميع بإمكاناتها - لا تزال تملك الكثير مما لم يُعلن بعد... ولكن لنتذكر أيضاً أن الإسرائيليين يملكون أيضاً ما يُخفون، ويملكون بشكل أساسي المباركة الغربية غير المحدودة لما يريدون.