مع استمرار تبادل إيران والاحتلال الإسرائيلي الضربات العسكرية، لليوم الثاني على التوالي، وفي وقت باتت المنطقة أمام احتمالات خطيرة في حال انزلقت الأمور إلى مزيد من التصعيد من خطر تسرب إشعاعي، مروراً بمخاطر على الاقتصاد العالمي، وأخرى تتعلق بموجات اللاجئين، أعربت دولة الكويت، خلال اتصال أجراه وزير خارجيتها عبدالله اليحيا مع نظيره الإيراني، د. عباس عراقجي، عن تضامنها مع إيران وشعبها في ظل التطورات الإقليمية الراهنة جراء العدوان الإسرائيلي السافر، مجددة موقفها الرافض لكل أشكال التصعيد والعنف، مع تأكيدها أهمية تضافر الجهود الدبلوماسية والسياسية لتهدئة الأوضاع والحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

إلى ذلك، هدد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، بأن طهران ستحترق إذا استمرت إيران في إطلاق الصواريخ، في وقت قال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن طيرانه يقترب من العمل بحرية فوق طهران، وما ستراه إيران في الأيام المقبلة لا يقارن بما حققته الضربات الإسرائيلية حتى الآن.

Ad

وشنت إسرائيل، أمس، ضربات على قواعد عسكرية إيرانية، وقالت إنها دمرت منصات صواريخ بالستية إيرانية في مرابضها، كما استهدفت مسيرة إسرائيلية مصافي نفطية في حقل بارس الجنوبي، أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، وأخرى في عبادان على الحدود مع العراق، وسجلت ضربة إسرائيلية على المدينة الصناعية في محافظة قزوين فيما بدا أنه أول استهداف إسرائيلي لمنشآت اقتصادية مدنية.

في المقابل، عاشت إسرائيل ليلة مرعبة حيث تعرضت لدمار واسع بعدما تعرضت مناطق إسرائيلية متعددة ليل الجمعة ــ السبت لدمار واسع جراء سقوط نحو 200 صاروخ إيراني بالستي إضافة إلى مسيرات.

وقال نائب إيراني إن طهران تفكر بجدية في إغلاق مضيق هرمز، في حين نقلت وكالة فارس عن مصدر إن الحرب ستتصاعد في الأيام المقبلة لتشمل كل مساحة إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.

وفي وقت تكثفت الاتصالات الدولية والإقليمية في محاولة للبحث عن تهدئة، أعلنت سلطنة عُمان أن الجولة السادسة من المفاوضات النووية التي كان مقرراً أن تستضيفها قد ألغيت. ورغم ذلك عبّر مسؤولون أميركيون بينهم وزير الدفاع بيت هيغسيث عن استعداد واشنطن للعودة إلى طاولة المفاوضات، غير أن خبراء ومراقبين أشاروا إلى أن أوراق إيران التفاوضية تتآكل بسرعة جراء الضربات الإسرائيلية، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي بات يدعم بشكل أو بآخر الهجوم الإسرائيلي ربما يريد ترجمة نتائج الضربات الإسرائيلية والخسائر التي تكبدتها إيران في برنامجها النووي وقيادتها العسكرية ودفاعاتها الجوية وهيبتها الإقليمية في الاتفاق المقبل.

ووسط إدانات ودعوات عربية وإسلامية لوقف العدوان الإسرائيلي وضرورة اعتماد الحوار، برز أمس الاتصال بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي عرض المساهمة في عودة المفاوضات النووية. ودانت الصين مجدداً، أمس، العدوان الإسرائيلي، في حين لوّحت باكستان بدعم «بكل الأساليب» لطهران.

على مستوى آخر، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، أنها لم ترصد أي تزايد في الإشعاعات في موقعي نطنز وأصفهان النوويين، في وقت أكدت طهران أن الأضرار في موقع فوردو محدودة، وأنها قامت بنقل كل البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم قبل الهجوم. واستبعد خبراء نوويون وعسكريون أن تقوم إسرائيل باستهداف محطة بوشهر النووية، وهي الأقرب لدول الخليج، نظراً إلى عدم أهميتها في البرنامح النووي الإيراني وخضوعها لرقابة دولية عبر الوكالة الذرية.

وفي تفاصيل الخبر:

غداة شن إسرائيل سلسلة ضربات نوعية إلى إيران أصابت عدة منشآت عسكرية ونووية واستراتيجية وأدت إلى مقتل 20 قائداً عسكرياً بالصفوف الأولى، بالإضافة إلى 9 من كبار العلماء النوويين، وهو ما ردت عليه الجمهورية الإسلامية بشن هجمات صاروخية سجلت دماراً مادياً تركز في وسط تل أبيب، حيث أصيبت وتهدمت عدة أبنية وأبراج سكنية، هدد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، بأن طهران ستحترق إذا استمرت إيران في إطلاق الصواريخ على «المدنيين الإسرائيليين».

وبالتزامن مع تبادل القصف بين الجانبين لليوم الثاني على التوالي ووسط غياب أي مبادرة لاحتواء التصعيد غير المسبوق، قال كاتس عقب انتهاء جلسة تقييم للوضع شارك فيها مع رئيس أركان الجيش إيال زامير، ورئيس «الموساد» ديفيد برنيع: «حوّل الديكتاتور الإيراني مواطني إيران إلى رهائن، ما يُجبرهم، وخصوصاً سكان طهران، على دفع ثمن باهظ جراء الضربات التي استهدفت المواطنين الإسرائيليين».

وأضاف: «إذا استمر خامنئي في إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فستحترق طهران»، معتبراً أن إيران «تجاوزت الخطوط الحمر» باستهداف مدنيين.

سيطرة جوية

من جهته، صرّح قائد سلاح الجو تومر بار بأن «الطريق إلى إيران بات ممهداً»، بينما أفاد الجيش الإسرائيلي بأن 70 طائرة مقاتلة وفّرت منطقة «نحظى فيها بحرية المناورة في الأجواء» من غرب إيران إلى طهران.

ونقلت هيئة البث العبرية الرسمية عن مصدر مسؤول تأكيده أن سلاح الجو هاجم أهدافاً في إيران من أجوائها الجوية وذلك للمرّة الأولى منذ بدء الحرب أمس.

ونقلت الإذاعة العبرية عن مصدر عسكري قوله: «أزلنا تقريباً كل التهديدات على طول الطريق إلى طهران من خلال سلسلة الهجمات»، مستدركاً بأن «حرية العمل الجوي في الأجواء الإيرانية الآن عالية جداً، لكنها ليست كاملة بعد، فلا تزال لدى الإيرانيين منصات صواريخ أرض - جو».

وشنّت إسرائيل سلسلة غارات جوية جديدة على عدة مدن في غرب وشمال غرب إيران، بما في ذلك تبريز ولورستان وهمدان وكرمنشاه أمس.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه بالمجمل منذ بدء الحرب، قصف سلاح الجو ثلاثة مطارات دولية في مدن طهران وهمدان وتبريز، مؤكداً استهداف عشرات الصواريخ الموجهة نحو العمق الإسرائيلي قبل إطلاقها من إيران.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لوكالة رويترز، أمس، إن الجيش الإسرائيلي هاجم أكثر من 150 هدفاً في إيران بمئات القذائف، منذ فجر الجمعة، كما أعلن تصفية «رئيس استخبارات القوات المسلحة وقائد صواريخ أرض ـ أرض في الحرس الثوري الإيراني». وقصفت إسرائيل مصافي نفطية في حقل بارس الجنوبي ومنشآت اقتصادية مدنية أخرى.

وجاءت الضربات الإسرائيلية التي وجهت إهانة واضحة لسمعة إيران العسكرية، في وقت دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشعب الإيراني إلى الثورة ضد القيادة في طهران، معتبراً أن نظامها في أضعف حالته، وزاعماً أن حربه ليست ضد الشعب الإيراني.

وبينما جدد نتنياهو، أمس، مطالبته للإسرائيليين بالصمود، مشيراً إلى أن حملته ألحقت ضرراً كبيراً بخطط الإيرانيين، نفى تقريراً عن عدم تضرر البرنامج النووي الإيراني.

وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن حملته ستحيّد خطر إيران المزدوج النووي والبالستي وستعيدها سنوات إلى الوراء، زاعماً أن ما فعله بإيران «لن يقارن بما سنفعله خلال الأيام المقبلة».

استنفار وخسائر

ومع استعداد الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة مفتوحة مع مواصلته لحملته العسكرية التي أطلق عليها اسم «الأسد الناهض» وتوقعه أن تستمر نحو أسبوعين بهدف ضرب بنك أهداف داخل الجمهورية الإسلامية، نقلت إسرائيل كل أسطولها من الطائرات المدنية من مطار بن غوريون الرئيسي بتل أبيب إلى دول أخرى، بينها قبرص واليونان والولايات المتحدة.

وأحصت إسرائيل مقتل 4 وإصابة أكثر من 80، بينهم 4 بحالة خطيرة، مع إصابة 7 جنود بجراح طفيفة، جراء الهجمات الصاروخية التي ألحقت دماراً وأضراراً مادية كبيرة بتل أبيب، وريشون لتسيون جنوبها، ورمات غان حتى صباح أمس.

وتعرضت أحياء وأبنية وأبراج سكنية وسط تل أبيب لأضرار ودمار بعدما شنت إيران هجومها الذي تم على 5 موجات شملت نحو إطلاق 200 صاروخ بالستي وطائرات مسيّرة رداً على العدوان الواسع الذي نفذته الأخيرة فجر الجمعة بالتزامن مع انتهاء مهلة شهرين منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران من أجل إبرام اتفاق دبلوماسي بشأن أنشطتها النووية والصاروخية.

وفي ظل فرض رقابة عسكرية صارمة على نشر أي معلومات أو فيديوهات عن أماكن سقوط الصواريخ، تحدثت تقارير غربية عن إصابة صاروخ واحد محيط وزارة الدفاع الإسرائيلية بوسط تل أبيب. ورفضت إسرائيل تأكيد أو نفي وقوع أضرار في قواعدها العسكرية، مكتفية بالإشارة إلى أن «الجاهزية التشغيلية لم تتأثر».

كما استدعت الشرطة الإسرائيلية 600 عنصر احتياطي للعمل معها ومع أفراد حرس الحدود بهدف «إحباط ومنع حوادث إرهابية. وجاء ذلك بعد اعتقال شرطة الاحتلال 22 شاباً من عرب 48 بشبهة تنظيم مسيرة سيارات تعبيراً عن فرحهم بالهجوم الإيراني.

كما تمت تعبئة كاملة لقيادة الجبهة الداخلية، حيث تنتشر أكثر من 50 كتيبة إنقاذ وإغاثة، في إطار الجاهزية لمواجهة أي تطورات طارئة مع توقع موجة جديدة من القصف الإيراني ليل السبت ـ الأحد.

وفرضت الأجهزة الأمنية حراسة مشددة على كبار الشخصيات السياسية، بما في ذلك الوزراء ونتنياهو الذي عقد اجتماعاً لمناقشة تطورات الحرب في مخبأ سري تحت الأرض.

وتحدثت تقارير عبرية عن رصد أقمار صناعية تحركات لـ «الحرس الثوري» تشير إلى استعدادات مكثفة لإطلاق نحو 1800 صاروخ دفعة واحدة نحو أهداف إسرائيلية، في تصعيد غير مسبوق.

توسيع الحرب

وفي وقت أشارت تقديرات إلى أن الأضرار التي لحقت بالقدرات الإيرانية كانت كبيرة بسبب الهجمات الوقائية التي استهدفت صواريخ أرض - جو ومطارات عسكرية في طهران، وهمدان، وتبريز، إضافة إلى المنشآت النووية في نطنز وأصفهان وفوردو التي تعرضت لأضرار، لم تصل إلى حد تدميرها بشكل كامل، حذرت السلطات الإيرانية إسرائيل والولايات المتحدة من أن الحرب ستتوسع في الأيام المقبلة، وستشمل جميع المناطق التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني والقواعد الإقليمية التي تشارك في الدفاع عن إسرائيل.

وخاطب مسؤول إيراني إدارة ترامب بالقول: «سنهاجم القواعد الأميركية في المنطقة، وسيصبح المهاجمون أهدافاً، وسيكون هناك رد إيراني حاسم وواسع النطاق».

وبينما اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الولايات المتحدة بالتنسيق مع «الكيان الصهيوني» ومنحه الضوء الأخضر لشن الحرب، وسّعت إيران نطاق التهديد لاحقاً وحذرت بريطانيا وفرنسا على لسان مسؤول رفيع، قائلة: «ستُضرب قواعدكم العسكرية وسفنكم إذا ساعدتم إسرائيل في الاعتراض».

وحذّر عضو لجنة الأمن في البرلمان الإيراني، إسماعيل كوثري من أن بلده تدرس بجدية إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يعد أهم بوابة لشحن النفط في العالم.

ومع استمرار طهران في إحصاء خسائرها، أعلنت هيئة الأركان، مقتل رئيس شؤون الاستخبارات للأركان العامة، اللواء غلام رضا محرابي، ونائب رئيس شؤون العمليات في الأركان، اللواء مهدي رباني.

وأفادت وكالة تسنيم باغتيال 3 علماء إيرانيين آخرين في الضربات الإسرائيلية، وهم علي بكائي كريمي، ومنصور عسكري، وسعيد برجي، ليرتفع بذلك عدد العلماء النوويين الذين تم اغتيالهم منذ بدء الحملة إلى 9.

كما قتل 60 إيرانياً جراء استهدف إسرائيلي لمبنى سكني يتألف من 14 طابقاً في طهران، بينما تسبب قصف جوي بانفجار كبير في تبريز.

وذكرت وزارة الأمن الإيرانية أنها أوقفت شاحنات تحمل مسيّرات كان مقرراً إطلاقها لمهاجمة أهداف داخل البلاد.

وأوضحت أنه تم توقيف سيارة نصف نقل في زنجان شمال غرب البلاد كانت تحمل طائرة مسيّرة، كما تم توقيف سيارة «تويوتا هايلوكس» مغلقة في كرمانشاه غربي البلاد كانت بصدد نقل مسيّرة أخرى، في حين تم اعتقال 14 شخصا يُشتبه في تورطهم بمحاولات تسلل وتحركات مشبوهة داخل الأراضي الإيرانية لمصلحة «الموساد».

ومع استمرار محاولة القيادة الإيرانية لسد الفراغات بهرم القيادة الذي تلقى ضربة صاعقة مع الساعات الأولى لبدء الحرب، عيّن المرشد علي خامنئي، العميد مجيد موسوي، قائداً جديداً للقوات الجوفضائية للحرس الثوري، خلفاً لأمير علي حاجي زاده الذي قتل إلى جانب قائد الحرس الثوري حسين سلامي ورئيس الأركان محمد باقري أمس الأول.

وأوضح مستشار قائد «الحرس الثوري» أحمد وحيدي أنه في المرحلة الأولى من عملية «الوعد الصادق 3» تم تحديد 150 هدفاً واستهدافها، ومنها وزارة الدفاع الإسرائيلية ومراكز الصناعات العسكرية وعدد من القواعد الجوية.

وحسب ما ذكر مسؤولون إيرانيون لصحيفة نيويورك تايمز، فإن كبار القادة الإيرانيين كانوا يستعدون منذ أكثر من أسبوع لوقوع هجوم إسرائيلي في حال فشل المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، لكنهم ارتكبوا «خطأً فادحاً في التقدير».

ونقلت الصحيفة، الجمعة، عن هؤلاء المسؤولين الذين وصفتهم بأنهم «مقربون من القيادة الإيرانية»، أنهم لم يتوقعوا أبداً أن تضرب إسرائيل قبل جولة أخرى من المحادثات التي كان من المقرر عقدها اليوم في عُمان. وتجاهلوا تقارير تفيد بأن الهجوم كان وشيكاً، ووصفوها بأنها دعاية إسرائيلية تهدف إلى الضغط على إيران، لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي في تلك المحادثات.

وأضاف المسؤولون، أنه «ربما بسبب هذا التهاون تم تجاهل الاحتياطات التي كان من المقرر اتخاذها».

ومع إعلان السلطات الإيرانية أن إسرائيل قصفت ميناء كنغان في «بوشهر» المطلة على الخليج والبنية التحتية الاقتصادية للطاقة في حقل بارس الجنوبي للغاز، ضمن سلسلة ضربات تستهدف المرافق الاقتصادية لأول مرة، أكد الرئيس مسعود بزشكيان، أن استمرار اعتداءات الكيان الصهيوني سيُقابل بردٍّ أشد وأكثر حسماً من قوات بلده، متهماً الولايات المتحدة والدول الغربية بانتهاك كل القوانين الدولية وتشجيع الجرائم الإسرائيلية من خلال تزويدها بالسلاح والمعدات.

وذكر بزشكيان أن بلده نجحت، بقدراتها الدفاعية، في إسقاط عدد من المعدات التي استخدمتها إسرائيل، رغم أنها كانت تروّج بأنها شبحية ولا يمكن التصدي لها.

خيارات إيران التفاوضية تتآكل... وترامب يريد اتفاقاً يعكس نتائج «الضربة»

إلغاء الجولة السادسة... وواشنطن تؤكد أن باب المحادثات مفتوح

خلطت الضربة الإسرائيلية على إيران الأوراق، وباتت طهران، بحسب مراقبين وخبراء، في موقع تفاوضي أقل قوة، فيما بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن يعكس أي اتفاق مقبل معها نتائج الحرب، مع تكبّد إيران خسائر كبيرة في دفاعاتها الجوية وبرنامجها النووي وقياداتها العسكرية.

وجاء إعلان سلطنة عمان إلغاء الجولة السادسة من المحادثات التي كانت مقررة اليوم في مسقط ليظهر أن نافذة الدبلوماسية باتت ضيقة في ظل أصوات القصف.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، إنه «من غير المبرر استمرار المفاوضات» في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي «جرائمه الوحشية».

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن تركيز بلاده حالياً منصب على الأوضاع الجارية «والتصدي للعدوان» قائلاً إنه «لا معنى للمشاركة في محادثات مع طرف هو أكبر داعم وشريك للمعتدي» في اشارة إلى واشنطن.

في المقابل، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث لـ«فوكس نيوز» إن «الإيرانيين يستطيعون العودة إلى طاولة الحوار في أي وقت».

وأمس الأول، قال الرئيس الأميركي، إن الضربات الإسرائيلية جاءت بعد انتهاء مهلة منحها لإيران مدتها 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق نووي، وهو بمنزلة تبنٍّ غير مباشر للهجوم الإسرائيلي.

وكتب ترامب في منشور على منصته «تروث سوشيال»: «قبل شهرين، أعطيت إيران مهلة 60 يوماً لإبرام صفقة. كان ينبغي عليهم التوصل إليها! اليوم هو اليوم الـ61. أخبرتهم بما يجب عليهم فعله، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. الآن، ربما لديهم فرصة ثانية!».

وفي تصريحات لشبكة CNN، قال ترامب إن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، ووصف الضربات على إيران بأنها «هجوم ناجح جداً». وأضاف: «نحن بالطبع ندعم إسرائيل، ومن الواضح أننا دعمناها كما لم يدعمها أحد من قبل».

وفي وقت سابق، حذّر ترامب، إيران بضرورة الموافقة على اتفاق نووي «قبل أن ينفذ كل شيء»، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية اللاحقة على البلاد ستكون «أكثر وحشية».

وفي منشور على «تروث سوشيال»، الجمعة، كتب ترامب: «منحت إيران فرصة تلو الأخرى لإبرام صفقة، قلت لهم، بأشد العبارات، (افعلوا ذلك)، لكن مهما حاولوا، ومهما اقتربوا، لم يتمكنوا من إتمام ذلك، قلت لهم إن الأمر سيكون أسوأ بكثير مما يعرفونه أو يتوقعونه أو يُقال لهم، وإن الولايات المتحدة تُصنّع أفضل وأخطر المعدات العسكرية في العالم، بلا منازع، وأن إسرائيل لديها الكثير منها، وسيأتي المزيد وهم يعرفون كيف يستخدمونها».

في غضون ذلك، تكثفت حركة الاتصالات الدولية والإقليمية في محاولة للتهدئة بين إسرائيل وإيران لتجنيب المنطقة أضراراً أكبر واحتمالات أكثر خطوة، وسط تريّث بعض أصدقاء إيران خصوصاً روسيا والصين لتجنّب مواجهة دولية جديدة تضغط على النظام الدولي المثخن بالضربات جراء ما يجري في قطاع غزة الفلسطيني وأوكرانيا.

وخلال تلقيه اتصالاً هاتفياً من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، دعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «الدول التي تدعي الدفاع عن السلام وسيادة القانون» إلى «إدانة الاعمال الإجرامية» للاحتلال الإسرائيلي و«ممارسة الضغط عليه من أجل إيقاف عدوانه على إيران وانتهاكاته للقانون».

وبحث ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، هاتفيا أمس، مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، تداعيات العمليات الإسرائيلية ضد إيران و«أهمية بذل كل الجهود لخفض التصعيد وحل الخلافات كافة بالوسائل الدبلوماسية»، وفق بيان سعودي.

وقال مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الرئيس أبلغ بن سلمان، أمس، بأن الهجوم على إيران أظهر أن إسرائيل بقيادة نتنياهو تُشكّل أكبر تهديد للاستقرار في الشرق الأوسط، وشدد على ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية لتخفيف التوتر، مشيرا إلى أنه لا يمكن حل النزاع النووي إلّا بالمفاوضات. وجاء في البيان أن أردوغان قال أيضا إن أي حرب مدمرة محتملة ربما تتسبب في حدوث موجات من الهجرة غير الشرعية إلى جميع دول المنطقة.

وبحث رئيس الإمارات محمد بن زايد خلال اتصالين هاتفيين مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا، جورجا ميلوني، تطورات المنطقة وتكثيف جهود خفض التصعيد.

وذكرت وزارة الخارجية العمانية، في بيان أمس، أن الوزير بدر البوسعيدي يواصل اتصالاته المكثفة مع عدد من نظرائه لاحتواء التوتر والتصعيد العسكري الخطير في المنطقة.

وأكد البوسعيدي خلال هذه الاتصالات أهمية «وقف العدوان، وردع المعتدي باستخدام الوسائل السلمية المستندة إلى القانون الدولي».

من ناحيته اجرى وزير الخارجية الصيني وانغ يي اتصالين بنظيريه الإيراني والاسرائيلي. ودان لي «أفعال إسرائيل، التي تنتهك سيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها» وقال إن بكين ستدعم حقوق ايران المشروعة.

وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية استمرت نحو ساعة مع ترامب عرض خلالها المساهمة في عودة المفاوضات النووية. وكان بوتين تحدث أمس الأول مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشدد على دعم سيادة إيران وأن القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني لا يمكن حلها إلا من خلال الدبلوماسية.

وفي بيان مفصل أُعد بناء على طلب بوتين، نددت وزارة الخارجية الروسية بما فعلته إسرائيل وحملت الغرب مسؤولية إثارة ما وصفته بأنه «هستيريا» مناهضة إيران.

وبرز أمس موقف لمنظمة «شنغهاي للتعاون» وهي مجموعة إقليمية تقودها الصين وتضم إيران في عضويتها، نددت من خلاله بشدة بالضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران. وعبرت المنظمة، في بيان، عن قلقها الشديد إزاء تصعيد الوضع في الشرق الأوسط.

وقالت المنظمة، وهي مجموعة أمنية وسياسية تضم 10 دول، إن التحرك الإسرائيلي استهدف منشآت مدنية ونووية مما تسبب في سقوط قتلى ومصابين مدنيين.

كما برز موقف لافت لوزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، أكد فيه «اننا نقف إلى جانب الدولة الجارة إيران بكل الطرق الممكنة». ويتزايد التعاون العسكري بين بكين واسلام آباد.

صورة مأخوذة من قمر اصطناعي للضرر الذي أصاب إحدى المنشآت في موقع نطنز وسط إيران

لا تسرُّب إشعاعياً من موقعَي نطنز وأصفهان... ومحطة بوشهر ليست هدفاً للهجوم الإسرائيلي

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، التابعة للأمم المتحدة، أنه لم يتم تسجيل زيادة في مستويات الإشعاع خارج موقعَي نطنز وأصفهان النوويين في إيران حتى الآن، بعد تعرّضهما لضربات إسرائيلية، في حين أشار خبراء الى أن محطة بوشهر النووية الواقعة على الخليج، لن تكون هدفاً مهماً للهجوم الذي تشنّه إسرائيل على إيران، وتقول إن هدفه تدمير البرنامج النووي الإيراني.

وأعلنت الوكالة الذرية أن القوات الإسرائيلية قصفت موقع تحويل اليورانيوم في أصفهان «عدة مرات»، أمس الأول الجمعة، مشيرة إلى أنه لم يتم تسجيل زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع حتى الآن.

يُشار إلى أن أصفهان هي المنطقة الوحيدة في إيران التي تضم منشأة لتحويل اليورانيوم إلى المواد الخام التي تستخدمها أجهزة الطرد، التي تقوم بدورها بتخصيب نظائر اليورانيوم المطلوب للوقود النووي، وفقاً لوكالة بلومبرغ للأنباء.

من ناحيتها، قالت هيئة الرقابة النووية السعودية إنه لا يوجد تلوث بيئي في محيط محطتَي نطنز وأصفهان لتخصيب اليورانيوم، بناءً على ما تلقاه مركز عمليات الطوارئ النووية بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية، في إطار اتفاقية التبليغ المبكر عن حادث نووي، من إحاطة من مركز الأحداث الطارئة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية عمّا ورده من الهيئة الرقابية النووية الإيرانية.

وفي المنامة، أكدت البحرين أنه لم يتم تسجيل أي مستويات إشعاع غير طبيعية داخل أجواء المملكة، وأن عملية الرصد البيئي مستمرة للمستويات الإشعاعية على مدار الساعة.

ونقلت وكالة الأنباء البحرينية (بنا) عن المجلس الأعلى للبيئة القول، إنه يتم تحديث نتائج الرصد بشكل دوري من خلال محطات الرصد والمراقبة في مختلف المحافظات.

وأشار إلى أنه ضمن إجراءاته الاحترازية يتابع عن كثب لرصد أي تطورات قد تؤثر على الحالة البيئية في البحرين، مؤكدا أنه يعمل بتنسيق متكامل وجاهزية تامة مع الجهات المعنية ضمن خطط الطوارئ الموضوعة لمتابعة مؤشرات الإشعاع ومستوياتها.

إلى ذلك، لفت خبراء إلى أن محطة بوشهر النووية هي محطة إنتاج طاقة كهربائية، وليست منشأة تخصيب أو إنتاج بلوتونيوم لأغراض عسكرية، كما تعمل تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية (IAEA)، وتستخدم وقوداً روسياً مخصباً بشكل منخفض (LEU). والوقود المستخدم فيها يُورد من روسيا ويُعاد إليها بعد استخدامه، بموجب اتفاق، مما يقلل من خطر استخدامه عسكرياً.

ويؤكد الخبراء أن الضربة على «بوشهر» لن تعوق فعلياً تقدم البرنامج النووي الإيراني العسكري، لأنّ البنية الأساسية للتخصيب والتصميم العسكري يوجدان في مواقع أخرى. ويلفتوا إلى أن قصف محطة بوشهر يمكن أن يؤدي إلى كارثة بيئية تشبه ما حدث في تشيرنوبل أو فوكوشيما، وهو ما قد يُعرّض إسرائيل نفسها ودول الخليج المجاورة، لأخطار إشعاعية كذلك.

وقال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، رافائيل غروسي، أمس الأول، إن سلطات إيران أبلغت الوكالة بأن محطة بوشهر للطاقة النووية لم تتعرّض لأي هجوم إسرائيلي.

وأعلن مسؤول إيراني، أمس، أن بلاده كانت نقلت معدات منشأة فوردو النووية إلى منطقة آمنة قبل الهجوم الإسرائيلي على المنشأة المحصنة جيداً.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قوله إن الأضرار خارج المنشأة قابلة للمعالجة، موضحاً أن معظم المعدات والمواد نقلت إلى مناطق آمنة.

وتضم منشأة فوردو النووية، أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم. وتقع المنشأة في أعماق الأرض، وهي محمية بمدافع مضادة للطائرات.

وأضاف كمالوندي «واجهنا عدة هجمات في نطنز وفوردو وأصفهان، في نطنز، كنّا قد نقلنا جزءاً مهماً من المعدات والمواد إلى خارج الموقع مسبقاً، والأضرار لم تكن واسعة النطاق».

وكان كمالوندي، أعلن أمس الأول، وقوع تلوّث داخل منشأة نطنز النووية. وأوضح: «تم رصد التلوث، كيميائياً كان أو إشعاعياً، داخل الموقع فقط، ولا توجد مؤشرات على تلوث خارجي».

وأضاف: «لا داعي للقلق بشأن المناطق المحيطة، لكننا بحاجة إلى تنفيذ بعض عمليات التنظيف داخل المنشأة».

وزعم مسؤول عسكري إسرائيلي، أمس، إن موقعي أصفهان ونطنز النوويين الإيرانيين تضررا بشكل كبير جراء الغارات الإسرائيلية على المنشأتين. وأضاف المسؤول أن إيران ستستغرق أكثر من بضعة أسابيع لإصلاح الأضرار في الموقعين.

ويقول خبراء إنه في حال وقوع إشعاعي في منشآت نطنز أو أصفهان أو فوردو النووية داخل إيران نتيجة قصف، فإن احتمال تأثُّر دول الخليج العربي قائم لكنه مستبعد، أولاً بسبب الموقع الجغرافي للمفاعلات النووية الإيرانية، حيث يقع نطنز وسط إيران على بعد أكثر من 490 كم من الخليج، حسب المسافة الخطية (خط مستقيم) و«فوردو» يبعد حوالي 500 كم من الخليج، وأصفهان (وسط) يبعد نحو 460 كم من الخليج العربي، وجميع هذه المنشآت تقع بعيداً نسبياً عن السواحل الخليجية.

ويلفت خبراء الى الرياح السائدة في إيران عادة تهب من الغرب إلى الشرق، أي من من العراق وإيران نحو أفغانستان وآسيا الوسطى، لكن في بعض الفصول (خصوصاً الصيف)، قد تحدث تغيّرات رياح جنوبية أو جنوب غربية تدفع التلوث باتجاه الخليج العربي. وقد يكون هناك تأثير على الهواء أو المياه، في حال تسرّب للأنهار أو المياه الجوفية التي قد تصل للخليج عبر شط العرب أو الخليج العربي.

وقال غروسي، أمس الأول، لمجلس الأمن، إن محطة التخصيب فوق الأرض في موقع نطنز النووي الإيراني دُمّرت. ويُعدّ مجمع نطنز النووي الشاسع منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران، ويضم منشأة تخصيب تحت الأرض، وأخرى فوقها.

وقال الخبير النووي، ديفيد ألبرايت، من معهد العلوم والأمن الدولي لـ «نيويورك تايمز» إنه «لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض».