لم يكد حكم مباراة منتخبنا الوطني أمام كوريا الجنوبية يطلق صافرته معلناً نهايتها بهزيمة نكراء ونهاية مشوار الأزرق في تصفيات كأس العالم 2026، حتى انطلقت حملة ردة الفعل التقليدية، التي تبدأ دائماً ببركان وتنتهي ببركة ماء ساكنة تنسينا كل شيء مع أول موجة غبار أو إعلان خصومات السفر.
ولعل ما أصبح عادة راسخة بعد كل إخفاق هو الانقسام المعتاد: فئة تحترق غضباً، تنفّس ما بداخلها تجاه كل مسؤول من اتحاد أو هيئة أو أندية، وفئة أخرى تتنفس على «كرت التعبئة»، تدافع عن «الطرف الذي تريده أو يدفع فلا فرق» فهي تحاول بكل الطرق حرف البوصلة.
وبين التصريحات الجوفاء والبرامج التلفزيونية المكررة، والأخبار عن اللجنة الفنية واجتماعتها واستعداداتها للقادم تطل علينا كل مرة الأسطوانة نفسها: «مرحلة بناء»، «المدرب مظلوم»، «اللاعبين صغار»، «استفدنا رغم الخسارة»، وكأن جماهيرنا مولعة بالتجربة، أو أن التصفيات مسابقة للتعلم الذاتي!
ثم لا تلبث التصريحات أن تهدأ، واللجنة الفنية تعود إلى سباتها، ويبدأ الحديث عن المستقبل وكأنه حلم قابل للتحقيق بين قوسين، وبينما تحتفل منتخبات كانت بالأمس تترجانا لمباريات ودّية، أصبحنا اليوم نهنئها على تأهلها، ونقول: «عادي، الكرة فوز وخسارة»... مع أن الخسارة لدينا عادة لا نستطيع دونها الحياة.
أما اتحاد الكرة، فحضر كعادته ببيان لا يسمن ولا يغني من حزن، أعاد فيه تدوير الأعذار، وألقى باللائمة - بلطف - على الإدارة السابقة، وأجاب عن الأسئلة التي لم تُطرح، وتجاهل ما ينتظره الشارع: مَن المسؤول؟ لماذا استمر المدرب؟ ولماذا لا يزال بعض اللاعبين يرتدون القميص الأزرق رغم أنهم لا يفرّقون بين تمريرة طولية وتحية للجمهور؟
والطريف أن الاتحاد نسي أن المدرب غادر لقضاء إجازة بعد مباراة عمان دون إذن! وهو أمر يكفي وحده لفسخ عقده، لكن يبدو أن الشجاعة الإدارية ضاعت في حقائب السفر.
الآن، يعدنا الاتحاد بمرحلة جديدة ومدرب جديد و«رؤية مستقبلية»... وكأننا نعيش في إعلان عقاري، لا في كرة قدم.
بنلتي
المنتخب بل رياضتنا بشكل عام لا تحتاج إلى «تصريحات»، بل لصدمات، ليس فقط مدرباً شجاعاً، لا «مرتعداً»، ولاعباً يعرف أنه يمثل وطناً لا حصة رياضية في مدرسة خاصة، نحتاج إلى التخطيط والعمل والإخلاص الحقيقي للكويت فقط ليس للأشخاص. أما البيانات، فاحتفظوا بها «لذكرى الإخفاق القادم».