لو كانت التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم تُقاس بعدد التصريحات أو حجم الأعذار، لكان منتخبنا أول الواصلين إلى النهائيات، لكن للأسف، في كرة القدم، النقاط لا تُحتسب عبر المؤتمرات الصحافية، بل من داخل المستطيل الأخضر، وهنا كانت المأساة.

عشر مباريات... صفر فوز... خمسة تعادلات بلا طعم، وخمس خسائر من كل شكل ولون، حتى الفرق التي كانت من الممكن أن تكون محطة مساعدة لنا في التصفيات، أفسدت علينا الطعم، وسجلت وصنعت وفازت، ونحن ننتظر «بصمة المدرب العزيز»، الذي للأسف، يبدو أنه نسي قلمه في بلده.

Ad

الأرجنتيني بيتزي جاءنا بشعار «الحذر واجب»، ومعه كتيب «كيف لا تخسر، لكن أيضاً لا تفوز» اعتمد على خطة «التحفظ أولاً، والتراجع ثانياً، والخسارة ثالثاً»، وخرج بشعار «الهجوم مخاطرة»، كل مباراة خطته واضحة نلعب بحذر، ثم ننتظر الخصم ليسجل، بعدها نحاول الهجوم... فتدخل أهداف إضافية، وكأن مرمانا «يشتاق للكرة» أكثر من مرمى الخصم.

رجل خطته تصلح لفريق هاوٍ يخشى الهبوط، لا لمنتخب يحمل تاريخاً مثل الكويت، حتى الشخصية التي يتحدث عنها البعض، لم نرَ منها شيئاً، بل ربما رأينا «هوية شخصية خجولة»، تدخل الملعب وتعتذر للمنافس عن الإزعاج، وما رأيناه لا يمت للشخصية بصلة، إلا إذا اعتبرنا الحذر الزائد شخصية، والخوف من الخصم شجاعة تكتيكية! تعادلنا مع العراق، وهو ناقص لاعب لأكثر من 70 دقيقة، وكأننا نحن الذين ننتظر الطرد الثاني، تعادلنا وخسرنا أمام فلسطين، وهي نتائج لا تعكس سوء الحظ بل سوء الإعداد، أما مباراة الأردن فمرتين كدنا نربح، ثم قررنا أن «الإرباك أجمل»، فانهارت النتيجة، وحدث ولا حرج عن كوريا الجنوبية التي استخدمتنا كحصة تدريبية، والشقيق العُماني الذي لقّننا درساً آخر في التنظيم والتكتيك.

لكن، ما فات قد فات، وهذه المرحلة، بما فيها من أخطاء وسوء تقدير، يجب أن تُطوى، لا بكلمات المجاملة، بل بالعمل، فأمامنا تصفيات كأس العرب في نوفمبر ضد موريتانيا، وهي فرصة لتصحيح المسار، على أن تكون الخطوة التالية إعداداً حقيقياً لكأس آسيا، لا لمشاركة شرفية كما اعتدنا، بل بهدف المنافسة.

بنلتي

ما حصل لا يمكن ترقيعه بكلمات عن التطوير والصبر والمستقبل، كفانا دفناً للرأس في الرمال، ففشل التصفيات واضح، والتغيير ضروري. نحن بحاجة إلى جهاز فني لا يرتعش، يعرف من يختار، ويملك الجرأة على فرض رأيه، وبحاجة إلى جهاز إداري لا يكتفي بالحجز في الفنادق، بل يعرف أن المنتخب مشروع، لا رحلة سياحية جماعية. نحتاج إلى عقل رياضي يؤمن بأن البطولة تُنتزع، لا تُمنح، وأن المستقبل لا يُبنى بالتبرير، بل بالتخطيط والتنفيذ.

نريد منتخباً ينافس، لا «يؤدي الواجب»، ومدرباً يؤمن بإمكانات لاعبيه، وإدارة تؤمن بأن فوزاً واحداً خير من ألف تبرير!