من برلين إلى بكين.. تاريخ المقاطعة السياسية للأولمبياد

• أميركا وبريطانيا يقاطعون «أولمبياد بكين الشتوية» دبلوماسياً
• دول شيوعية نظمت «ألعاب الصداقة» بدلاً عن «أولمبياد لوس آنجلوس»

نشر في 09-12-2021 | 15:25
آخر تحديث 09-12-2021 | 15:25
دول غربية تدعو إلى مقاطعة أولمبياد بكين الشتوية
دول غربية تدعو إلى مقاطعة أولمبياد بكين الشتوية
جاء إعلان البيت الأبيض مقاطعة الولايات المتحدة الدبلوماسية التي تبعتها دول أخرى للألعاب الأولمبية الشتوية بكين 2022 في أعقاب تقليد طويل من تسجيل مواقف سياسية بهذه الدورة الرياضية، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

والاثنين، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، جين ساكي، إن الولايات المتحدة لن تُرسل وفداً دبلوماسياً إلى أولمبياد بكين، مشيرة إلى «الإبادة الجماعية الجارية والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانغ».

وتبع قرار الولايات المتحدة قرارات مماثلة من دول أخرى كالمملكة المتحدة وكندا وأستراليا، على الرغم من أن الرياضيين سيشاركون بشكل تقليدي في المنافسات.

وقالت الصحيفة الأميركية إن غموض قضية نجمة التنس الصينية، بينغ شواي، التي يُزعم أنها اختفت بعد إعلان تعرضها لاعتداء جنسي من قبل مسؤول صيني سابق، أعطى جماعات حقوقية فرصة لرفع أصواتهم ضد الصين.

وتدافع الدول الغربية الديمقراطية عن حقوق الإنسان والحريات الفردية الأخرى وتعتبر استضافة الصين للألعاب الشتوية «إشكالية».

وترسل الولايات المتحدة ودول أخرى بشكل تقليدي وفوداً رفيعة المستوى إلى كل دورة أولمبية.

تنديد

في المقابل، نددت الصين، الخميس، بقرار المقاطعة الدبلوماسية للدول الأربع لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية المرتقبة في فبراير المقبل محذرة من أنها «ستدفع الثمن».

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية، وانغ وينبن، أمام الصحافيين أن «استخدام الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وكندا ساحة الألعاب الأولمبية لغايات تلاعب سياسي أمر لا يحظى بشعبية ويصل إلى حد عزل نفسها، سيدفعون حتماً ثمن هذه الخطوة السيئة».

وتنظم الألعاب الأولمبية الشتوية من 4 إلى 20 فبراير لكن بسبب القيود التي تفرضها الصين على دخول الأجانب في إطار مكافحتها وباء كوفيد-19، من المرتقب أن يحضر عدد قليل من المسؤولين السياسيين العالميين إلى بكين، باستثناء لافت للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي قبل دعوة نظيره الصيني شي جينبينغ.

إلى ذلك أعلنت فرنسا أنها لن تقاطع دبلوماسياً دورة بكين الشتوية عام 2022 خلافاً لقرارات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبريطانيا.

موسكو 1980

وبالعودة لتاريخ الدورات الأولمبية، فإن أولمبياد عام 1980 شهد المقاطعة الأبرز بعد أن أعلن الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، أن الولايات المتحدة ستقاطع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي ستقام في موسكو رداً على غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان خلال ديسمبر 1979.

ودعمت بريطانيا وأستراليا المقاطعة في البداية لكنهما أرسلاً وفوداً إلى الألعاب لاحقاً.

ومع ذلك، لم تحقق هذه الخطوة الكثير في إقناع الاتحاد السوفيتي بمغادرة أفغانستان، حيث ظلت القوات السوفيتية في البلاد حتى عام 1988، عندما بدأت في الانسحاب بقيادة ميخائيل غورباتشوف.

وفي ذلك الوقت، رفع مجموعة من الرياضيين الأميركيين دعوى قضائية ضد الحكومة للحصول على إذن بالمنافسة، لكنهم لم ينجحوا.

في يوليو 2020، وعلى هامش الذكرى الأربعين لأولمبياد موسكو، نشرت الرئيسة التنفيذية للجنة الأولمبية الأميركية، سارة هيرشلاند، رسالة على «تويتر» موجهة إلى الرياضيين الأميركيين قبل أولمبياد طوكيو.

وقالت هيرشلاند «من الواضح تماماً أن قرار عدم إرسال فريق إلى موسكو لم يكن له أي تأثير على السياسة العالمية وبدلاً من ذلك أضر بكم فقط - الرياضيون الأميركيون الذين كرسوا أنفسهم للتميز ونالوا فرصة تمثيل الولايات المتحدة، يمكننا أن نقول بوضوح أنكم تستحقون الأفضل».

الرد بالمثل

وبعد 4 أعوام من أولمبياد موسكو، رد الاتحاد السوفيتي آنذاك بالمثل وقاطع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لوس أنجلوس العام 1984.

في 8 مايو 1984، قبل أشهر قليلة من الألعاب، أصدرت الحكومة السوفيتية بياناً أعلنت فيه أن السوفييت لن يحضروا للولايات المتحدة.

وقال البيان «من المعروف منذ الأيام الأولى من الاستعدادات للأولمبياد الحالية أن الإدارة الأميركية سعت إلى تحديد مسار لاستخدام الألعاب لأهدافها السياسية».

وأضاف البيان أن «المشاعر المعادية للسوفييت تتأجج في البلاد»، مشيراً إلى أنهم يخشون على سلامة الرياضيين في لوس أنجلوس.

وردت إدارة الرئيس الأسبق، رونالد ريغان، بالقول إن قرار عدم حضور الألعاب «عمل سياسي صارخ لا يوجد مبرر حقيقي له».

وحذت دول شيوعية أخرى حذو الاتحاد السوفيتي ورفضت المشاركة في الألعاب، حيث نظمت حدثاً موازياً باسم «ألعاب الصداقة».

مقاطعتان منفصلتان

شهدت الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1956 في ملبورن بأستراليا مقاطعتين متزامنتين بدوافع منفصلة.

وقاطعت إسبانيا وسويسرا وهولندا الألعاب رداً على غزو الاتحاد السوفيتي للمجر بعد الثورة المجرية، في حين سحبت لبنان والعراق ومصر لاعبيها احتجاجاً على استيلاء إسرائيل على قناة السويس.

ولم تنجح الألعاب، وهي الأولى التي تقام في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، بعد أن سجلت أقل من 3500 مشاركاً من 67 دولة، علماً أن أولمبياد هلسنكي في 1952 حظي بمشاركة حوالي 4955 رياضياً، وفقاً لبيانات رسمية.

«أولمبياد النازية»

في أولمبياد 1936، كانت هناك دعوات مقاطعة بعد اختيار برلين لاستضافة الدورة بعد خسارتها الحرب العالمية الأولى.

كتب فريدريك ج. فرومر مؤخراً لصحيفة «واشنطن بوست» في نظرة متعمقة على جهود المقاطعة، إنه «بعد استيلاء النازيين على السلطة، أعرب المسؤولون الأولمبيون الأميركيون والدوليون عن قلقهم بشأن معاملة ألمانيا لليهود والأقليات الأخرى، خاصة في الرياضة».

وضغط المدافعون عن حقوق الإنسان من أجل مقاطعة الألعاب، ومارسوا ضغوطاً على الرياضيين السود للانسحاب، لكن اتحاد الرياضيين الهواة صوت على المشاركة في نهاية الأمر.

ومع ذلك، كتب فرومر أن الألعاب الأولمبية كانت بمثابة نعمة دعائية للنظام النازي، الذي سجل أفضل سلوك له خلال الألعاب.

ولفت فرومر إلى مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت في أغسطس عام 1936 أشادت بألعاب برلين وتنظيمها وقالت إنها «جعلت الألمان أكثر إنسانية مرة أخرى».

back to top