سجال حول «مرتزقة تركيا» مع استئناف معارك قره باغ

أرمينيا تلوّح بطلب مساعدة عسكرية من موسكو وإردوغان يدعوها لإنهاء «احتلال الإقليم»

نشر في 29-09-2020
آخر تحديث 29-09-2020 | 00:04
استمر القتال بين القوات الأرمنية والأذرية بشأن إقليم ناغورني قره باغ، مع نشر مدفعية ثقيلة على الجانبين اللذين تبادلا إطلاق النار بكثافة، كما تبادلا الاتهامات باستخدام المدفعية الثقيلة.
لليوم الثاني على التوالي، تواصلت المواجهات العنيفة باستخدام المدفعية الثقيلة بين الجيشين الأرمني والأذري، أمس، في إقليم ناغورني قره باغ، وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن استقدام مرتزقة من سورية ودول الشرق الأوسط.

والقتال هو الأشرس منذ عام 2016، وجدد المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز لأسواق عالمية.

ويقع إقليم ناغورني قره باغ في أذربيجان، لكن يديره الأرمن. وكان الإقليم انشق عن أذربيجان، خلال صراع نشب لدى انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991.

وأقرت وزارة الدفاع في قره باغ بمقتل 28 مقاتلاً منذ صباح الأحد، ليرتفع عدد قتلى هذا المعسكر إلى 59 قتيلا في المواجهات العنيفة التي يخُشى أن تؤدي إلى اندلاع حرب مفتوحة بين يريفان وباكو. ولم تعلن أذربيجان عن خسائرها العسكرية.

كما ذكرت وزارة الدفاع في قره باغ أنها استعادت المواقع، التي خسرتها في اليوم السابق، لكن أذربيجان أكدت أنها سيطرت على المزيد من الأراضي.

وقالت وزارة الدفاع في أذربيجان إن قواتها "قصفت مواقع العدو بالصواريخ والمدفعية والطيران، وسيطرت على مواقع استراتيجية عدة في ضواحي قرية تاليش". وأكدت أن "العدو يتراجع".

كما اتهمت القوات المعادية بقصف أهداف مدنية في بلدة ترتار.

التعبئة الجزئية

وبعدما أعلنت أرمينيا وإقليم ناغورني قره باغ، الأحكام العرفية والتعبئة العامة، أمس الأول، وقّع الرئيس الأذري إلهام علييف، أمس، مرسوماً "حول إعلان التعبئة الجزئية في جمهورية أذربيجان".

ويقضى المرسوم بتكليف جهاز الدولة للتجنيد والتعبئة بجلب المجندين إلى الخدمة العسكرية، واتخاذ تدابير في مهام وسائل النقل العسكرية.

مرتزقة من سورية

من ناحيته، أفاد رئيس الدائرة الصحافية بوزارة دفاع أذربيجان العقيد فاجيف دارغاهلي، بأن "مرتزقة من سورية وبلدان الشرق الأوسط يحاربون إلى جانب أرمينيا في قره باغ". وأضاف دارغاهلي: "حسب المعلومات الاستخباراتية الواردة، فإن بين خسائر العدو العديد من المرتزقة من أصل أرمني من سورية ومختلف دول الشرق الأوسط. لكن بما أنهم غير مسجّلين رسمياً في أرمينيا، فإن العدو يخفي بسهولة هذه الخسائر".

أما حكمت حادجييف، مساعد الرئيس علييف، فقال أمس: "الاشاعات التي تزعم إرسال مسلحين من سورية إلى أذربيجان هي استفزاز آخر من الجانب الأرمني، ومحض هراء". وأعلن حاجييف أن بلاده تعتبر تفاقم الوضع الحالي بمثابة "الحرب الوطنية".

تاغانيان

وكان السفير الأرمني في موسكو فاردان تاغانيان، كشف أمس، عن مشاركة المسلحين، الذين طردتهم تركيا من سورية، في الأعمال القتالية في قره باغ.

وقال: "وفقا لمعلوماتنا، تم أخيرا نشر نحو 4 آلاف مقاتل من تركيا وسورية إلى أذربيجان. إنهم يشاركون بالفعل مع الجانب الآخر، وتم تدريبهم في معسكرات المتشددين ونقلهم إلى هناك"، مؤكداً أن بلاده ستطلب المساعدة العسكرية من روسيا إذا لزم الأمر وتطور الصراع مع أذربيجان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن أرمينيا لن تتقدم بطلب إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي للحصول على المساعدة العسكرية، معتبراً أن الوضع حول قره باغ يتطلب تدخلا سريعا من قبل الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

بدورها، اتهمت الخارجية الأرمنية تركيا، أمس، بتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان. وقالت إن تركيا لها "وجود مباشر على الأرض".

وأضافت أن خبراء عسكريين أتراك "يقاتلون جنبا إلى جنب" مع أذربيجان، مشيرة إلى أن أذربيجان تستخدم أيضا أسلحة تركية بما في ذلك طائرات من دون طيار "درون" حديثة ومقاتلات حربية. ونفت أذربيجان أيضاً هذه الاتهامات.

ولم يستبعد الناطق باسم الدفاع الأرمنية أرتسرون هوفهانيسيان، استخدام الجانب الأرمني كل الأسلحة الموجودة في ترسانته، بما فيها أنظمة صواريخ "إسكندر" روسية الصنع والطائرات الهجومية، لكنه أضاف أن هذا الأمر لن يحدث إلا إذا "اقتضت الضرورة وتوافق ذلك مع منطق إدارة الأعمال القتالية".

وفي وقت سابق، أكدت أرمينيا أنها ستستخدم منظومات "إسكندر" حتى دون التنسيق مع الجانب الروسي إذا تعرضت حدودها أو مواطنوها للخطر.

ورداً على هذه التهديدات، أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأذرية جيهون بيراموف، أن بإمكان بلاده الرد بشكل مناسب على أرمينيا، إذا استخدمت منظومات "إسكندر".

أنقرة

وفي أنقرة، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إن الوقت قد حان لإنهاء الأزمة في قره باغ.

ودان إردوغان أرمينيا "مرة أخرى" لمهاجمتها الأراضي الأذرية، وقال إن "تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أذربيجان الصديقة والشقيقة بكل إمكانياتها".

وأضاف أن "المنطقة ستستعيد السلام والهدوء فور انسحاب أرمينيا من الأراضي الأذرية المحتلة". وقال إنه "يجب وضع حد للأزمة التي بدأت في المنطقة بسبب احتلال أرمينيا لإقليم قره باغ الأذري"، مضيفا أن "أذربيجان التي قالت حان وقت الحساب مع أرمينيا، باتت مضطرة إلى حل مشاكلها بنفسها".

كما دعا وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس، أرمينيا إلى "وقف هجماتها وسحب المرتزقة والإرهابيين الذين جلبتهم من الخارج"، مؤكدا وقوف بلاده "إلى جانب أشقائنا الأذريين في الدفاع عن أراضيهم".

وقالت تركيا إنها ستساند أذربيجان في الاشتباكات العنيفة الدائرة لليوم الثاني، والتي ذكرت تقارير أنها أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة المئات، في حين قالت أرمينيا إن تركيا تشارك في الاشتباكات، لكن أذربيجان نفت ذلك.

تصرّف أردوغان

ويعتبر محلّلون أن يكون تصرّف أردوغان نابعاً من حساباته الداخلية الخاصة، المرتبطة بالمزايدة والتجييش القوميَّين، ولا سيما أن الشعب الأذري ينتمي، عرقياً، إلى الجنس التركي، وأن اللغة الأذرية تعتبر واحدة من أقرب اللغات إلى التركية. وعلى هذا الصعيد، يشير هؤلاء إلى أن أذربيجان تعدّ بالنسبة إلى تركيا جزءاً مهمّاً في عدد من التحالفات الصغيرة والكبيرة، التي تربط مكوّناتها معاً أواصر الجغرافيا الثقافية، مثل "المجلس التركي" الذي أنشئ عام 2009 ليضمّ عدداً من الدول الناطقة بالتركية، مثل قرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان وأذربيجان، و"التحالف الثلاثي»، شمال شرق الأناضول، الذي يضمّ أذربيجان وجورجيا إضافة إلى تركيا، و"التحالف السداسي"، الذي يضمّ إلى جانب الثلاثي السابق، إيران وباكستان وتركمانستان.

موسكو

وحفزت الاشتباكات جهودا دبلوماسية لخفض التوتر في الصراع، الذي يعود لعقود بين أرمينيا ذات الأغلبية المسيحية وأذربيجان ذات الغالبية المسلمة.

وفي موسكو، دعا نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو "جميع اللاعبين الخارجيين والداخليين، إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، بما في ذلك ما يتعلق بلجهة الخطاب. الآن من المهم توخي الحذر قدر الإمكان، من أجل تحقيق وقف إطلاق النار على الفور وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات".

وقال الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن موسكو لا تعتقد أن تفاقم الوضع في ناغورني قره باغ يتم استفزازه عمدا من أجل ممارسة أي تأثير على روسيا.

الاتحاد الأوروبي

وفي بروكسل، ناشد الاتحاد الأوروبي، أمس، جميع الجهات الفاعلة الإقليمية العمل على خفض التصعيد في قره باغ، والامتناع عن أي تدخل فيه.

وقال بيتر ستانو، المتحدث الرسمي باسم هيئة الشؤون الخارجية في الاتحاد: "ندعو طرفي النزاع لوقف الأعمال القتالية". وأضاف: "نحن على علم بتقارير عن قيام تركيا بنقل مسلحين سوريين إلى منطقة النزاع في قره باغ، لكننا لم نر حتى الآن أي وقائع تؤكد هذه المعلومات. لكن لا يسعنا في هذا السياق سوى أن نكرر دعوتنا إلى الامتناع عن أي تدخل أجنبي".

ووفق ما أفادت وكالة "واس" السعودية الرسمية للأنباء، فإن حكومة المملكة تتابع ببالغ القلق والاهتمام تطورات الأوضاع، وتحث الطرفين على وقف إطلاق النار، وحل النزاع بالطرق السلمية، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

واشنطن

وفي واشنطن، قال الرئيس دونالد ترامب، في مؤتمر صحافي مساء أمس الأول: "لدينا قدر كبير من العلاقات الجيدة في هذا المجال. سنرى ما إذا كان بإمكاننا وقفه".

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية مورغان أورتاغوس حضّت الجانبين على العمل مع "مجموعة مينسك" للعودة للمفاوضات "الجوهرية" في أقرب وقت، لافتة إلى أن واشنطن باعتبارها إحدى رؤساء المجموعة "تظل ملتزمة بمساعدة الطرفين على تحقيق تسوية سلمية ودائمة لهذا النزاع".

إيران

وبعد إعلانها سقوط قذائف على أراضيها حذرت إيران، أذربيجان وأرمينيا من أي تبادل للنيران قرب أراضيها.

وقال نائب قائد الشرطة الإيرانية، قاسم رضائي، أمس، إن طهران أبلغت كلا من أرمينيا وأذربيجان بخطورة سقوط قذائف في الأراضي الإيرانية جراء معارك قره باغ.

وفي وقت سابق أعلن محافظ مدينة خدا آفرين، عن سقوط قذيفتي هاون جديديتين في محافظة خدا آفرين الحدودية.

أذربيجان تعلن التعبئة الجزئية وأرمينيا تهدد بـ «إسكندر»
back to top