اليوم الذي هزّ لبنان

مرور 15 عاماً على اغتيال الحريري

نشر في 03-08-2020 | 11:42
آخر تحديث 03-08-2020 | 11:42
مرور 15 عاماً على اغتيال الحريري
مرور 15 عاماً على اغتيال الحريري
بعد مرور 15 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في وسط بيروت، لا يزال اللبنانيون يتذكرون تفاصيل ذلك اليوم الذي غيّر مسار البلد الصغير.

حصل التفجير الذي أودى برئيس الحكومة الأسبق الذي لم يكن في السلطة في حينه، و21 شخصاً آخرين، في يوم عيد الحب، في 14 فبراير 2005.

كان موكب الحريري عائداً من مقر مجلس النواب في ساحة النجمة في وسط بيروت، عندما دوى انفجار ضخم استهدفه لدى وصوله قبالة فندق سان جورج على الطريق الساحلي.

بعد دقائق، كانت شاشات التلفزة تنقل مباشرة صور سيارات مشتعلة، بينما تسبّب تطاير الركام في تحطيم زجاج نوافذ في دائرة قطرها نحو نصف كيلومتر.

عمّت الفوضى والذعر لوقت قصير، قبل أن تعلن وسائل الإعلام أن المستهدف هو الحريري.

بحسب المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تولت التحقيق في الجريمة، فجّر انتحاري يقود شاحنة فان بيضاء من طراز ميتسوبيشي ما يعادل طنين من مواد شديدة الانفجار عند الساعة 12,55 ظهراً، بعد جزء من الثانية من مرور السيارة الثالثة في الموكب وهي من طراز مرسيدس «إس600» كان الحريري يقودها بنفسه.

سمعت بيروت بأكملها أو شعرت بالانفجار الضخم، ظنّ كثيرون أن زلزالاً ضرب المدينة فيما أحدث الانفجار حفرة بعرض عشرة أمتار وعمق مترين في المكان الذي أقيم فيه في ما بعد نصباً تذكارياً للحريري.

كانت الصدمة كبيرة، إزاء العملية التي قتلت رفيق الحريري، رجل ارتبط اسمه بشكل وثيق بلبنان وبمرحلة إعادة الإعمار ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990) وبشبكة علاقات دولية نسجها ووظفها لصالح بلده.

كان الانفجار قوياً إلى درجة تمّ العثور على إحدى الجثث بعد 17 يوماً نظراً لحجم الدمار الكبير الذي خلفه التفجير متسبباً أيضاً بإصابة 226 شخصاً بجروح.

جاء اغتيال الحريري في فترة بالغة الحساسية في لبنان، وفي خضم توتر لم يكن ظاهراً كثيراً للعلن، بين الحريري ودمشق التي كانت تتحكم بمفاصل الحياة السياسية في لبنان، وتنشر جيشها فيه منذ حوالي 30 سنة.

كان الحريري يومها يستعد لخوض انتخابات نيابية، ويقترب من الانخراط في جبهة معارضة لدمشق.

في مطلع شهر فبراير، كان الحريري تلقى مناشدة من صديقه الرئيس الفرنسي حينها جاك شيراك، بوجوب التزام الحذر، وبعدها بأيام من مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تيري رود لارسن في الاطار نفسه.

سبق اغتيال الحريري محاولة اغتيال صديقه الوزير السابق مروان حمادة في أكتوبر 2004، في ما اعتبر رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى فريق الحريري.

بعد 15 عاماً من انتهاء الحرب الأهلية، شكّل اغتيال الحريري ضربة كبيرة للبلد الصغير الذي تنخره الانقسامات الطائفية والسياسية، وغالباً ما ترتبط قواه السياسية بدول خارجية.

بعد ساعات على حصول التفجير، تفقد سعد الحريري، نجل رفيق الحريري الذي كان بعيداً في ذلك الوقت عن العمل السياسي، مكان التفجير، وسألته وسيلة إعلام أجنبية إن كان يعرف من يقف وراء اغتيال والده، فأجاب «الأمر واضح، لا؟»، ووجهت أصابع الاتهام، على ألسنة سياسيين وأحزاب، إلى دمشق.

ونزلت أعداد ضخمة من اللبنانيين إلى الشارع تحتج على الاغتيال وتتهم سوريا به، حصلت نقمة أسقطت على الفور الحكومة القريبة من دمشق برئاسة عمر كرامي، وهتف المتظاهرون في وسط بيروت «سوريا اطلعي برّا».

في 14 مارس 2005، نزل مئات الآلاف إلى الشارع، كان يوماً تاريخياً لعب دوراً حاسماً في خروج القوات السورية من لبنان في أبريل.

لكن في غضون ذلك، كان حزب الله، حليف دمشق، دعا إلى «يوم وفاء» لسوريا في الثامن من مارس شارك فيها أيضاً مئات الآلاف.

وانقسم لبنان بعد ذلك لسنوات طويلة بين «قوى 14 آذار» المناهضة لسوريا و«قوى 8 آذار» المؤيدة لها، وفُتحت صفحة جديدة في تاريخ لبنان أخرجت دمشق من المشهد السياسي المباشر في البلاد.

وتوجه التحقيق الدولي أولاً نحو سوريا، لكن ما لبث أن توقف عن ذكر دمشق، ووجّه الاتهام إلى عناصر في حزب الله، بالتخطيط وتنفيذ الاغتيال.

وتمكن حزب الله، القوة الوحيدة التي لا تزال تحتفظ بترسانة سلاح في لبنان إلى جانب القوى الأمنية الشرعية، من ملء الفراغ الذي خلفه غياب دمشق سياسياً وتحوّل رويداً رويداً إلى قوة أساسية تتحكم بمسار الحياة السياسية في البلاد.

ونفى حزب الله الاتهامات الموجهة إليه ورفض تسليم المتهمين.

في موقع الاغتيال، توجد اليوم شعلة معدنية تشكل نصباً تذكارياً للحريري، بينما لا تزال آثار التفجير قائمة على واجهات بعض الأبنية. على بعد أمتار، يتوسط تمثال لرفيق الحريري ساحة صغيرة تحمل اسمه.

back to top