من هم البدون؟

نشر في 25-02-2022
آخر تحديث 25-02-2022 | 00:05
 د. هشام كلندر ما معنى مصطلح البدون؟ هل هو لمن لا يحمل هوية؟ ومن لم يسجل أجداده عندما تكونت سجلات الدولة للجنسية؟ ومن لا ينتسب للوطن؟ ومن لا يستطيع أن يعمل في المؤسسات الحكومية؟ ومن يقيم بصفة غير قانونية؟ ومن يضيق عليه سبل العيش اليومية؟

الحقيقة هؤلاء ليسوا "بدون"، بل المسمى الصحيح للكثير منهم مع استثناء المزورين، (مظلوم)، فمن البدون الحقيقيون؟

البدون الحقيقيون من وجهة نظري هم من يتصفون بالصفات التالية: من هم بدون رحمة ولا شفقة ولا إنسانية، ومن هم بدون إنصاف ولا عدل ولا مخافة من رب البرية، ومن هم بدون شجاعة لنصرة المظلوم وإحقاق الحقوق للبشرية، ومن هم بدون نزاهة، ويستخدمون معاناة الناس لتحقيق انتصارات سياسية، ومن هم بدون شفافية ويتميزون بالعنصرية والكبر ويرون أنفسهم فوق الناس، ونفسهم دنية، ومن هم بدون إحساس بمعاناة الناس، وهمهم أنفسهم وأبناؤهم فقط، ولو على حساب هذه القضية، ومن هم بدون شرف، همهم فقط تحقيق مكاسب دنيوية ولو بطرق فيها ظلم وغير قانونية، ومن هم بدون أبسط مكارم الأخلاق، من المروءة وعدم الفجور بالخصومة، وتصنيف الناس على أسس عنصرية، ومن هم بدون تواضع، وهمهم فقط الحرص على الجاه والرئاسة والقيادة والتصدر والشهرة ولو على حساب آلام الناس اليومية.

فأقول للبدون الحقيقيين: المناصب ستفنى والأجساد ستبلى والحساب يوم الحساب، فارجع قبل فوات الأوان، وكما قال الشاعر:

أما والله إن الظلمَ شؤمٌ

وما زالَ الظلوم هو الملوم

إلى ديان يوم الدين نمضي

وعند اللهِ تجتمعُ الخصوم

ستعلم في المعاد إذا التقينا

غداً عندَ المليكِ مَنْ الظلوم.

لكل من ساهم في الظلم، وتخاذل عن نصرة المظلوم، وحل مشكلة المستحق ممن يسمون "بدون"، ألا تخاف دعوة المظلوم؟ ألا تتذكر قول النبي ﷺ "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه"؟ قد يكون إنساناً غير معروف عند الناس، لكنه معروف عند رب الناس، يدعو عليك! فسحقاً لمَن للأمانة خان، واستهان بمشاعر إنسان، واستسهل معصية الرحمن، ويحسب أنه كسب الرهان، وهو يظلم الشيبان والشبان، وكأنه لا يعلم أنه كما تدين تدان.

يا أيها الجائر على حقوق الآخرين، اتق الله، واتقِ يوما سترجع فيه إلى الله، واتق دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب، واعلم أن «اللهَ عزَّ وجلَّ يُملي للظَّالم، فإذا أخذه لم يُفلِتْه» (مسلم)، يا الله اغفر لنا تقصيرنا، وانصر المظلومين، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ووفقنا وولاة أمورنا لنصرة المظلومين.

د. هشام كلندر

back to top