سماعات الغش

نشر في 21-01-2022
آخر تحديث 21-01-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب كارثة حين يُستغل تطور العلم والتكنولوجيا في الضرر بالفرد بدنياً وأخلاقياً ونفسياً، فخلال الاختبارات المدرسية يُحول عدد من الطلبة للمستشفيات لاستخراج السماعات المستغلة للغش من آذانهم، وللأسف الشديد تتسبب هذه السماعات بضرر كبير لهم بتأثيرها على الأذن بمكوناتها المختلفة والوجه وتسبب فقدان السمع الجزئي لهم.

في الحقيقة لا يولد الطفل غشاشاً، لكنه يتعلم الغش من البيئة المحيطة به، وتحديداً البيت والمدرسة وغيرهما، حيث يعود طفل الابتدائي من المدرسة مع واجبات كثيرة، وبعض الآباء لا يفرغون وقتاً كافياً لتوجيه الطفل ومساعدته، فتقوم الأم "الشاطرة" بحل واجب الطفل و(تفتك) من تعليم الطفل والصبر عليه وتعديل أخطائه وهلمّ جراً، في هذه اللحظة يبدأ الطفل تعلم أساسيات الغش والكذب وكيفية خداع المعلم، ومن البدهي أن يفرح الطفل لأنه سيقضي الوقت باللعب بدلاً من الدراسة والتعلم!

يكبر الطفل ويستمر معه سلوك اللا مبالاة والإهمال وعدم الجدية في الدراسة، فتراه يستعير دفتر زميله المجتهد وينقل حرفياً "الواجبات المحلولة"، ولكن لو كان الأهل حريصين ووفروا له الاهتمام المطلوب والمساعدة والمساندة لسألوه وحثوه على القيام بواجباته بنفسه، ونهوه عن سرقة مجهود غيره، ولكن بعضهم لا يهتم بغرس المبادئ والقيم في نفوس الأبناء، وظاهرة المدرس الخصوصي التي انتشرت للأسف في كل المراحل الدراسية ليست بعيدة عن ذلك، فالدروس الخصوصية تجعل الطفل اتكالياً ويعتمد على المدرس الخصوصي في الفهم دون بذل أي جهد وأحياناً في القيام بحل واجبه الدراسي عنه! ولا يخفى على أحد ما يقوم به بعض المدرسين الخصوصيين وأحياناً الأهل بتوفير الاختبارات النهائية للطالب، مما يجعله يشعر أن الغش والخداع وسرقة مجهود الآخر أمر مشروع!

إلى جانب ذلك نجد أن بعض المعلمين في بعض المدارس غير بعيدين عن غرس مبادئ الغش لدى الطالب، فعدم التدقيق على الواجبات وتمييز أداء التلميذ عن غيره، ووضع آلية للتأكد من أن الطالب قام بنفسه بعمل الأبحاث والتقارير والمشاريع المطلوبة منه، يساعد في وجود الغش بين الطلبة المستهترين، ويجب ألا ننسى أن بعض المعلمين لا يحترم قدرات الطفل وقد يستهزئ به أمام زملائه مما يدفعه للاستعانة بأحد للقيام بحل واجباته وكتابة تقاريره وما شابه، كما أن كتابة الحلول على السبورة حفظاً للوقت يغرس كذلك لدى الطالب مبدأ الغش، ولكن الطامة الكبرى هي حين يقوم بعض المراقبين أو المعلمين بالسماح للطلبة بالغش، ومنهم من ينقل الإجابة من الطالب المجتهد إلى البليد دون مبالاة بما يفعل وبما يغرسه هذا السلوك في نفوس الطلبة.

الغش سلوك مشين إذا انتشر في أي مجتمع هدمه ودمره، فمن تعود عليه وهو طالب فمن الطبيعي ألا يتردد الغش في عمله وبأساليب متعددة، والنتيجة الإضرار بنفسه وبمجتمعه، ومحاربة الغش واجتثاث جذوره لا تتم إلا في المراحل الأولى عن طريق تنمية قدرات الطفل وزرع حب التعلم لديه وحثه على الجد والاجتهاد، وزيادة ثقته بنفسه، ونبذ الغش ومحاربته وتجريمه.

● د. نبيلة شهاب

back to top