ودارت عجلة المصالحة الوطنية

نشر في 20-10-2021
آخر تحديث 20-10-2021 | 00:18
 محمد المقاطع ينبغي أن تعم البهجة والغبطة والسرور أهل الكويت، لمَ لا وها هي بوادر وحدة الصف بين الشعب وقيادته تأخذ مسارها المنطقي والطبيعي الذي عُهد عن الكويت وأهلها، فقد كان دائماً وأبداً الحاكم واحداً من أبناء الشعب وقريباً منهم، يشاركهم كل أحوالهم، وقد جاءت بوادر المصالحة الوطنية، أمس، ببيان مقتضب من أعضاء مجلس الأمة كان تحية تقدير لسمو الأمير على عفوه الكريم عن أبنائه في شأن قضايا الرأي والقضايا السياسية، والتي أخذت مسارات لا مرضية ولا سارة.

وهو ما يؤمل معه أن تطوى صفحات ملفات عديدة من الماضي القريب التي أرهقت البلد وأبناءه سنوات عديدة، وقد كانت رغبات البعض ومصالحه وتنكبه السبيل القويم، تلعب دوراً رئيسياً في تعطيل مثل هذه البوادر الإيجابية والتي تأخرت كثيراً، لكنها بإرادة سمو الأمير وتوفيق من الله، جل شأنه، قد تمت، رغم عدم رغبة أولئك البعض في إتمامها.

ولعل تلك البوادر التي شكلت مدخلاً مهماً لمصالحة وإصلاح أشمل وأوسع هو ما ينتظره أبناء البلد كافة في أعطاف أجواء المصالحة والبهجة السائدة اليوم، ففرحة اليوم ينبغي ألا تنسينا استحقاقات الوطن المرحلية والمستقبلية، فالكويت متخمة بملفات مؤرقة ومؤلمة منها ما يتعلق بالحفاظ على الدستور والتزام أسسه وثوابته، ومنها ما يتعلق بالديموقراطية والحريات ومكتسباتهما، ومنها ما يتصل بمواجهة شرسة منتظرة مع الفساد ورموزه ودوائره، ومنها ما يستوجب ملاحقات فورية وجادة لسراق المال العام، ممن لا يزال يعيش بين ظهرانينا ويظن أنه محصن من الملاحقة والمساءلة، وممن غادر الكويت هرباً من الإجراءات القانونية ظناً منه أنه أفلت من الملاحقة.

ومنها ما يمس حياة الناس ومعيشتهم وعلى رأسها تأمين إسكان سريع وكريم لأبناء الشعب والقضاء على فحش أسعار العقارات المفتعل والمبرمج، والارتقاء بخدمات التطبيب التي شهدت تراجعاً وتدهوراً في العقود الثلاثة الماضية، وتعزيز وضع التعليم الذي تحول لشهادات ونالت منه ممارسات التزوير والتفريط والتهاون، ومنها الخدمات العامة من شوارع وطرق ومرافق وبنية تحتية تآكلت على مرور الزمن وكأننا نعيش في بلد فقير، لا يمكن أن يؤمن الموارد اللازمة لإصلاحها، ومنها الالتفات الواعي والمسؤول لإصلاح السلطات فقد نالها ما نالها من تراجع وضعف وانحدار، وباتت إعادة اعتبارها ومؤسسيتها أولوية وطنية قصوى، وبات تخليص البلد ممن يسعون لإدخالنا كل يوم بنفق مظلم استحقاقاً لا يجوز التهاون فيه.

نعم، يحق لنا أن نبتهج ونفرح ببداية بوادر المصالحة الوطنية المنتظرة، ولكن ينبغي أن نشمر عن سواعدنا، فأمامنا استحقاقات وطنية كبرى لا تستكمل المصالحة إلا بها.

وشكراً كبيرة لأمير العفو الشيخ نواف الأحمد الصباح. وصدق الله تعالى إذ يقول: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ".

محمد المقاطع

back to top