هويتنا ضائعة إعلامياً

نشر في 19-10-2021
آخر تحديث 19-10-2021 | 00:09
الإعلام جزء من التنمية ووسيلة فعالة ثرية للارتقاء بالمجتمع والمحافظة على أصالته، وعلينا كحكومة وشعب أصيل أن نشدد الرقابة على ما يقدمه الإعلام المحلي، وأن نمارس النقد البناء في ما يعرض ضد هويتنا المحلية، ونتمنى اختيار أشخاص وطنيين مؤهلين إعلامياً لتصدر المشهد الإعلامي مع محاسبة من يتسبب في هذه المغالطات من معدين أو مقدمين وغيرهم.
 حـنان بدر الرومي يقتحم التلفزيون حياتنا، وتنقلنا الأحداث والأخبار وأحيانا المسلسلات من شاشات التلفزيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي أو إلى الإذاعة عندما نركب سياراتنا نبحث عن المصداقية وعن لغة الإعلام الكويتي الخاصة، لكننا نتوقف لنستوعب صدمتنا أمام صورة لا ترتبط بحقيقتنا ككويتيين، وكما اختلفت هويتنا الأصيلة أمام التزوير والتجنيس اختلف إعلامنا الحكومي وأصبح غريباً عنا.

مسلسلات يقدمها التلفزيون الحكومي تعرض صوراً مشوهة للمجتمع الكويتي، فالمرأة لا تحترم زوجها ولا عائلتها، والرجل سكيرٌ مدمنٌ غارق في ملذاته، والعائلة مفككةٌ، ولغة الحوار في المسلسلات سوقية منحدرة، واللهجة غريبة مضحكة، إسفاف ورداءة لا تمثل المجتمع، وتقدم صورة سلبية عن الكويت.

فجعنا خلال الفترة الماضية بوفاة عدد من شخصيات الكويت كالأستاذة لطيفة البراك والمؤرخ سيف مرزوق الشملان وغيرهم، وللأسف اكتفى جهازنا الحكومي بخبر الوفاة دون تسليط الضوء على إنجازاتهما التي تركت بصمات لا تنسى، الحكومة الأميركية تؤبن المؤرخ سيف الشملان الذي وثق تاريخ الكويت عبر عدة كتب وبرامج تلفزيونية، كما كان ممثلاً غير رسمي للكويت يستقبل بديوانه التراثي الشخصيات والسفراء، ويجيب على أسئلتهم في حين دولته وجهازها الإعلامي في وادٍ آخر. توثيق تاريخنا ولهجتنا من المفترض أن يكون على يد أهل البلد الثقاة، وأن تكون عليهم رقابة، فهذه التركة الثقافية هي جزء أساسي من هويتنا، ولكن الواقع مخالف، فمثلا برنامج تلفزيوني بعنوان "من لهجتنا" يعرض في تلفزيون الكويت الرسمي يقدم باقة مغلوطة نطقاً، ومعنى الكثير من المفردات الكويتية، ففي إحدى الحلقات أورد المقدم كلمة "قيش" وجعل مرادفاً لها كلمة "قش"، ونحن نعرف أن الكلمتين مختلفتان في المعنى، فـ"القيش" هو منسوب الماء للسابح في حين "القش" تعني أغراض الشخص ومتاعه، وغيرها وغيرها من الأخطاء التي وردت في البرنامج وغيره من البرامج والتقارير التلفزيونية والإذاعية التي تثير الغضب والتساؤل.

كثرة الأخطاء وتعددها والجرأة في عرضها تجعلنا نصل إلى نتيجة أن التزوير لم يقتصر على الجنسية أو حتى المطالبة بالتجنيس فقط، بل وصل إلى تزوير الماضي والحاضر وتشويه اللهجة والتشكيك في المجتمع، قوة إعلامية في الباطل تثير الغرابة، وتؤكد تغلغلهم الإعلامي في غفلة أو إهمال من الوزير الحالي والوزراء السابقين وغيرهم من القياديين في الوزارة، وكأن الجميع تناسى أن الإعلام لم يعد مجرد نقل للمعلومات والأخبار والأحداث، فالصورة الحديثة تغيرت كما تغيرت الكثير من الأمور من حولنا مع ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتطبيقاتها المتعددة فأصبح صناعة من يتقنها يربح في كسب التوجهات الأخرى لمصلحته.

الإعلام جزء من التنمية ووسيلة فعالة ثرية للارتقاء بالمجتمع والمحافظة على أصالته، وعلينا كحكومة وشعب أصيل أن نشدد الرقابة على ما يقدمه الإعلام المحلي، وأن نمارس النقد البناء في ما يعرض ضد هويتنا المحلية، ونتمنى اختيار أشخاص وطنيين مؤهلين إعلامياً لتصدر المشهد الإعلامي مع محاسبة من يتسبب في هذه المغالطات من معدين أو مقدمين وغيرهم، مع التركيز على التاريخ الكويتي والرموز والشخصيات المميزة وأخلاق أهل الكويت حتى لا يضيع تاريخنا أو يهمل وتختفي هويتنا الأصيلة.

حـنان بدر الرومي

back to top