«من سبق لبق!‎‎»

نشر في 10-09-2021
آخر تحديث 10-09-2021 | 00:00
 خالد اسنافي الفالح جرى الواقع أن يلي الانتخابات النيابية دعوة سامية للتشاور مع رؤساء مجالس الأمة ورؤساء الوزارات السابقين، ويعقب ذلك إصدار الأمر الأميري بتعيين رئيس مجلس الوزراء الذي يرشح أعضاء الوزارة لسمو الأمير ليعينهم بمرسوم، ثم الدعوة لافتتاح الفصل التشريعي، كل ذلك التزام بتطبيق المادتين 56 و57 من الدستور، لكن هل المتّبع واقعاً يتطابق مع أحكام المادتين السابقتين فعلا؟

دعونا نبحث المسألة في الفقرات التالية:

يوجب الدستور ومذكرته التفسيرية في المادة (57) "تنحي الوزارة القائمة عن الحكم عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة، والمقصود بالفصل التشريعي الفترة التي تفصل بين انتخابات وأخرى"، وذلك "على النحو المبين بالمادة السابقة"؛ هذه المادة جعلت تعيين رئيس الوزراء (بعد المشاورات التقليدية) "التي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها، رئيس مجلس الأمة، ورؤساء الجماعات السياسية، ورؤساء الوزارات السابقين الذين يرى رئيس الدولة من المفيد أن يستطلع رأيهم". الاقتباس الأخير مأخوذ عن المذكرة التفسيرية في تفسير المادة (56) من الدستور، والملاحظ أنها قدمت (رئيس مجلس الأمة) على غيره في هذه المشاورات، والملاحظ أن النص لم يشِر لا من قريب ولا من بعيد إلى رؤساء مجلس الأمة السابقين! فماذا نفهم من ذلك؟

يُفهم مما سبق التالي: (1) لا يكون تعيين رئيس مجلس الوزراء إلا بعد إجراء المشاورات التقليدية، (2) لا تكون المشاورات التقليدية إلا بعد انتخاب رئيس مجلس الأمة، فبانقضاء الانتخابات النيابية تتغير حالة الحكومة من التكليف إلى التصريف لتدعو بمرسوم الأعضاء المنتخبين فقط لدور انعقاد أول استثنائي للفصل التشريعي خلال أسبوعين من انتهاء الانتخابات النيابية، بمقتضى المادة 87 من الدستور ليختاروا في الجلسة الأولى رئيس المجلس ونائبه بمقتضى المادة 92 من الدستور.

تتفق هذه النتيجة مع الآراء التي طرحتها في مقالات متفرقة هنا عن عضوية وأدوار الوزراء في اجتماعات مجلس الأمة وحدودهما وفقاً لأحكام الدستور، لكن لماذا لم تجرِ الممارسة على هذا النحو؟

قضت المادة 182 من الدستور على أن العمل بالمضامين الدستورية يكون من تاريخ اجتماع مجلس الأمة (أي 29 كانون الثاني/ يناير 1963م)، في حين أن مرسوم تعيين الوزراء سبق هذا التاريخ بيوم! (نقلاً عن برلمانيات جريدة "الجريدة" تاريخ 13/ 11/ 2016م)، لذلك شارك الوزراء آنذاك في اختيار مكتب المجلس ولجانه كونهم أعضاءً بحكم وظائفهم، وصارت هذه المشاركة مبنية على سابقة "قبل-دستورية" يستمر الاحتجاج بها طيلة العهد الدستوري! إلا إذا تصدى لتقويم هذا الاعوجاج السياسي نوّاب غلاظ شداد.

● خالد اسنافي الفالح

back to top