اليابان وكازاخستان شريكتان في جهود نزع السلاح النووي

نشر في 08-09-2021
آخر تحديث 08-09-2021 | 00:00
 ذي دبلومات زادت قوة العلاقات الثنائية بين اليابان وكازاخستان منذ أن اكتسبت هذه الأخيرة استقلالها في عام 1991، فعلى المستوى الاقتصادي بلغت التجارة الثنائية بين يناير وأكتوبر 2019 ما مجموعه 1.3 مليار دولار، كما أنّ استثمارات اليابان الخارجية المباشرة ومساعداتها الإنمائية الرسمية تجعلها من أول عشرة مستثمرين في كازاخستان، فقد استثمرت فيها أكثر من 7 مليارات دولار، وحاول البلدان أيضاً توثيق علاقتهما السياسية عبر "حوار آسيا الوسطى واليابان"، وهو منتدى إقليمي للمسؤولين الحكوميين في دول آسيا الوسطى الخمس واليابان ويُعنى بمناقشة مجالات التعاون المحتملة وتنسيق الجهود.

لكن يتعلق مجال آخر لتكثيف التعاون بين اليابان وكازاخستان بالصدمات التاريخية المشتركة في البلدين، وهو يتمثل بالالتزام بمنع الانتشار النووي، وتنجم معارضة اليابان للأسلحة النووية عن التفجيرات الأميركية لهيروشيما وناغازاكي في عام 1945، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص وارتفاع معدلات الأمراض بسبب الأشعة بدرجة غير طبيعية وسط سكان المدن المتضررة.

في كازاخستان، أنشأ الاتحاد السوفياتي موقعاً لاختبار الأسلحة النووية بالقرب من مدينة "سيميبالاتينسك" الشمالية الشرقية، وأجرى العلماء والمسؤولون العسكريون 456 تجربة في تلك المنطقة بين العامين 1949 و1989، وكان الأثر الإجمالي لتلك التجارب أقوى من قنبلة هيروشيما بـ45 ألف مرة، وفي غضون ذلك، تعرّض نحو 2.6 مليون مواطن كازاخستاني للأشعة، فمات البعض بعد فترة قصيرة من تعرّضه للمواد النووية، في حين أصيب آخرون بأمراض مرتبطة بالأشعة أو أنجبوا أولاداً مصابين بمعدلات مرتفعة من الأمراض الجسدية والنفسية. لقد تحمّلت اليابان وكازاخستان أهوال الأسلحة النووية وعزز هذا الوضع التزامهما المشترك بوقف إنتاج الأسلحة النووية ونشرها.

برز أول مظاهر التعاون المكثف بين اليابان وكازاخستان في مجال نزع الأسلحة النووية في عام 1999، حين نظّمت الحكومة اليابانية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وحكومة كازاخستان، مؤتمر طوكيو الدولي بشأن منطقة "سيميبالاتينسك"، حيث جمع ذلك المؤتمر ممثلين عن منظمات دولية رفيعة المستوى لمناقشة ضرورة تقديم المساعدات إلى "سيميبالاتينسك" عبر تحسين الرعاية الصحية والخدمات الطبية وتكثيف برامج التنمية الاقتصادية والتقييمات الإشعاعية للبيئة هناك.

مهّد ذلك المؤتمر لنشوء أدوات أخرى لتعزيز فرص الشراكة بين اليابان وكازاخستان، وتعاونت فِرَق مشتركة من البلدين لدراسة الأثر البيئي للأشعة النووية وتداعياتها الصحية واقتراح الخطوات الفاعلة لتخفيف الأضرار الناجمة عن التعرض المفرط للأشعة النووية في المنطقة.

أخيراً، تعاونت حكومتا اليابان وكازاخستان معاً للدعوة إلى الحد من الأسلحة النووية داخل المجتمع الدولي، وفي عام 2009، كانت اليابان الدولة المتقدمة الوحيدة التي شاركت في صياغة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أعلن تاريخ 29 أغسطس "اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية". اختير هذا التاريخ لأنه يتزامن مع أول تجربة نووية شهدتها منطقة "سيميبالاتينسك" في عام 1949، وهو تاريخ إغلاق الموقع رسمياً في عام 1991 أيضاً.

في عامي 2015 و2016، تقاسم وزيرا خارجية كازاخستان واليابان رئاسة المؤتمر التاسع حول "معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية"، وأصدر ممثلو الحكومات المشارِكة بيانات مشتركة للتعبير عن دعمهم المستمر للمعاهدة.

باختصار، أكدت مستويات الالتزام المرتبط بمنع الانتشار النووي على وعود اليابان وكازاخستان المتبادلة ببذل جميع الجهود الممكنة لحل هذه المسألة، حيث تشكّل تداعيات تفجيرات هيروشيما وناغازاكي وتوسّع نطاق التجارب النووية في موقع "سيميبالاتينسك" فصولاً قاتمة من تاريخ اليابان وكازاخستان، إذ يُعتبر هذا الرابط مأساوياً بالنسبة إلى البلدين وقد دفع القادة والناشطون إلى التعاون على أمل أن يمنعوا وقوع كارثة نووية أخرى، وفي المقابل، أسهم تأييد اليابان وكازاخستان لمنع الانتشار النووي في إنشاء رابط صادق بين الحكومتَين، ويمكن استعمال هذا الالتزام المتبادل لتقوية علاقاتهما الثنائية المتسارعة.

● مارين إيكستروم - دبلومات

back to top