منطقة النقرة كانت مجتمعاً إنسانياً

نشر في 16-07-2021
آخر تحديث 16-07-2021 | 00:02
 د. نوري أحمد الحساوي تقع منطقة النقرة في محافظة حولي، ويفصل شارع تونس الذي كان يسمى شعبياً في السابق شارع (التيل) والاسم له علاقة بأعمدة أسلاك البرق والهاتف، هذا الشارع هو الفاصل بين النقرة وحولي على وجه التحديد، ولكن فيما بعد أصبح اسم حولي هو الشامل للمنطقتين لتداخلهما وقربهما من بعض.

كانت النقرة التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى نقر الماء العديدة الموجودة في هذه المنطقة التي كانت عبارة عن قرية صغيرة خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي، فيها بعض البيوت الطينية المتباعدة القليلة العدد، بدأت عوائل كويتية بالقدوم إلى هذه المنطقة والسكن فيها في فترات زمنية متقطعة، شيئاً فشيئاً حتى أصبحت النقرة في أوائل الستينيات منطقة مأهولة بالسكان من العوائل الكويتية وخاصة من الكويتيين الذين تم تثمين بيوتهم في الأحياء القديمة في شرق والمرقاب وجبلة وغيرها من مناطق الكويت ليجتمعوا بهذا المكان ويكونوا مجتمعا بأحيائه وفرجانه.

انقسمت منطقة النقرة إلى منطقتين: الأولى سميت "نقرة الطواري" نسبةً لعائلة الطواري التي سكنت في الجزء الجنوبي، والثانية سميت "نقرة الحداد" نسبة لمختار النقرة في ذلك الوقت السيد يوسف الحداد، رحمة الله عليه، وسميت أيضا "نقرة العثمان" نسبة لرجل الخير عبدالله العثمان، رحمة الله عليه، ولمسجده الذي بناه في أواخر الخمسينيات ومازال قائماً حتى الآن.

خلال هذه الفترة أي في الستينيات من القرن الماضي بدأ الوافدون من الجنسيات العربية وغيرها يقطنون المنطقة فأصبحت الفرجان خليطاً من الكويتيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، فمثلا نجد أحد الفرجان مملوءاً بالعوائل الكويتية، وفي الوقت نفسه يسكن بينهم من العوائل الفلسطينية أو اللبنانية أو السورية أو حتى بعض العوائل غير العربية، كالأكراد والهنود والإيرانيين، كل هذه التشكيلة يمكن أن تشاهدها في فريج واحد.

والأعجب من ذلك والذي لا يمكن أن يصدق في منطق هذه الأيام هو وجود بيوت من العزاب كالمصريين الصعايدة والإيرانيين أو غيرهم من جنسيات أخرى يسكنون بين العوائل الكويتية دون مشاكل تُذكر أو تذمر من العوائل الكويتية، الكل يعيش في وئام مع الآخر ومحبة وجيرة تسودها الألفة والاحترام غير المحدود للآخر، أصبح الكل كنسيج واحد رغم هذه التوليفة المتعددة المشارب والثقافات.

فهل فكرت أخي القارئ ما السر في ذلك؟

إنه الشعور بالآخر واحترامه وتقديره، هذه السمة الطيبة التي كان يتحلى بها الكويتيون، وكانت عنصراً مهماً من مكونات الشخصية الكويتية في ذلك الوقت، حيث كان الكويتيون يتقبلون الآخر بمحبة وتقدير مهما كان أصله وفصله أو من أي بلد أو طائفة كان يهمهم الخلق الكريم والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة هذا ما يحدد عندهم ما إذا كان الإنسان حسناً أو سيئاً.

أعتقد أننا فقدنا الكثير من مكونات وعناصر تلك الشخصية والنفسية الكويتية القديمة حتى وصلنا إلى وضع أصبحت الطائفية والقبلية والمادة وتحويل الاختلاف إلى خلاف هي العناصر التي تكون شخصيتنا ونفسيتنا مع الأسف، فهل يرجع مجتمع النقرة ذلك المجتمع المتقبل للآخر؟

لا أعتقد ولكن أتمنى.

د. نوري أحمد الحساوي

back to top