استردوا الكويت

نشر في 13-06-2021
آخر تحديث 13-06-2021 | 00:08
اجتهد أصحاب المصالح أو من يقادون من جهات خارجية ليجعلوا شبابنا لا يرون في وطنهم الأفضل حتى ضاقت أنفسهم المحبة للأرض وعقدوا المقارنات بينها وبين من حولهم فظلموها، أتمنى من شبابنا ألا يغمضوا أعينهم عن ملامح الأمل خصوصاً أن هناك مؤشرات حكومية حقيقية للإصلاح، وأن يقاوموا معاول الإحباط ويتشبثوا بجذورهم.
 حـنان بدر الرومي بعد نشر مقالتي السابقة "مدبر الأمور" فوجئت بكثرة الرسائل التي وصلتني والمكالمات الهاتفية وجميعها من أمهات كويتيات فاضلات، فوجئت بالشكوى الجماعية عن رغبة الأبناء بالهجرة، إحداهن عصرت قلبي من كثرة البكاء لعزم جميع أبنائها على الهجرة، صدمتي بكل ما سمعته من بنات ديرتي جعلت قلمي يعجز عن الكتابة، وأقولها بصراحة تامة إنني لم أتوقع أبداً انتشار فكرة الهجرة بين الجيل الشاب وبهذه النسبة العالية، فعندما تتحول الأحلام إلى هاجس يفرض نفسه على الواقع علينا التوقف ومراجعة الأوراق.

لنعترف أن الكويت اختطفت منا وبدراية ممن كانوا على المراكز القيادية للدولة، لم تعد تلك الديرة التي عرفناها، فالملامح تغيرت والأخلاق الكويتية الأصيلة تبدلت واللهجة الجميلة أصبحت غريبة في أرضها، أصبح التزوير لعبة يحترفها البعض وبنجاح: تزوير في الجنسية وفي الأسماء والشهادات العلمية وفي الممتلكات، وطفح على السطح أثرياء المصادفة، وتماشى الوضع مع التجنيس الغريب لمن هبّ ودبّ، وتزايدت أخبار الفساد.

للشباب أحلامهم الوردية التي يجتهدون لتحقيقها، فالشباب الكويتيون مبدعون لكنهم يصطدمون بالواقع الأليم، قوانين نظمت لقتل روح الإنجاز، مسؤولون نزلوا للكراسي بالبراشوت لذلك فهم يحاربون المخلص والصادق والمثقف والمجتهد، يرون أمامهم وطنا توقفت عجلة الحياة فيه، حتى الحياة النيابية التي نفتخر بها أصبحت مسرحية مزعجة للعب الكراسي وتبادل المصالح الشخصية بدلا من مناقشة هموم المواطنين والسعي إلى سن القوانين والتشريعات التي ترتقي بالمجتمع، وأبسط مثال لنا أزمة المشاريع الصغيرة في ظل جائحة كورونا لم تجد حلولا تحميها مما اضطر الكثير من أصحابها لتصفية مشاريعهم في الكويت والانتقال للدول المجاورة التي فتحت أبوابها وبترحاب لهم.

الغرائب في الحياة كثيرة ولكن أن تكون دولة الكويت حلم هجرة للعديد من الشعوب ومصدراً مالياً لدول ومنظمات وأفراد وفي المقابل يعاني شبابها البطالة والعجز عن تحقيق أحلامهم وبناء مستقبل سليم وحياة هانئة مستقرة، نواب وإعلام رخيص ومواقع في وسائل التواصل الاجتماعي يتسابقون لحماية حقوق البدون والوافدين في حين الشباب الكويتيون يشعرون بالغبن والغضب وبأنهم مظلومون ومحاربون في بلدهم، لماذا يحدث ذلك؟ هل سيستبدل الشعب الحقيقي بشعب جديد لا يرتبط بالبلد إلا بمصلحة المال ثم يتركها عندما تنشف مواردها، والله أعلم.

النقد في الكويت أصبح انتقاصا من كل الإنجازات، واجتهد من لديهم مصالح أو من يقادون من جهات خارجية ليجعلوا شبابنا لا يرون في وطنهم الأفضل حتى ضاقت أنفسهم المحبة للأرض وعقدوا المقارنات بينها وبين من حولهم فظلموها، أتمنى من شبابنا ألا يغمضوا أعينهم عن ملامح الأمل خصوصاً أن هناك مؤشرات حكومية حقيقية للإصلاح، وأن يقاوموا معاول الإحباط ويتشبثوا بجذورهم فإن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، والهجرة تعني أنكم ستسلمون الأرض لغيركم، إن هذه الأرض نعرفها شبرا بشبر ونحفظ تاريخها وتوارثنا حبها وأجدادنا سقوا بدمائهم أرضها، ونحن اجتهدنا للمحافظة على اسمها عاليا وسنسلمها أمانة لكم فاحفظوها حفظكم الله.

● حـنان بدر الرومي

back to top