كيف نفهم الانتخابات التكميلية؟

نشر في 26-05-2021
آخر تحديث 26-05-2021 | 00:20
 أ.د. غانم النجار جاءت نتيجة الانتخابات التكميلية في الدائرة الخامسة لتعلن فوزاً كاسحاً متوقعاً للدكتور عبيد الوسمي، له دلالات أبعد بكثير من النتيجة ذاتها، ولن تجدي محاولات التقليل من قيمة تلك النتيجة التاريخية، المعبأة برسائل كثيرة، عساها مفهومة للمعنيين، وأن شخوص "المعارضة"، ليست إلّا جزءاً بسيطاً من المشكلة، حتى لو كان لبعضهم أهداف غير صافية، أو ارتباطات بمراكز قوى.

الأهم هو أنهم مهما تحركوا، فلن يستطيعوا خلق أجواء حالة عدم القبول بالحكومة، والانعدام الكبير للثقة بها وبأدائها، لتتحول إلى أزمة النظام السياسي، ولما يشبه الانسداد الكامل. ربما حدثت أزمات قريبة منها في بلجيكا أو أيرلندا الشمالية، وهما حالتان غارقتان في الأبعاد العرقية والإثنية والمذهبية.

الأزمات عندنا سببها هيكلي، بنيوي، لا علاقة لها بالأشخاص، ويعود ذلك إلى الاختلال الفادح في موازين القوى لمصلحة السلطة، والذي عادة ما تستخدمه دون حصافة أو دون محاور ارتكاز عمومية، بل بخصوصية مفرطة، لدرجة تكسير البناء وتفكيكه، بشكل حتى يصعب إعادة تركيبه.

فمنذ أن بدأ العمل بالنظام الدستوري عام 1962، بدأت الأزمات، ولم يكن هناك زمن سياسي جميل، كما نتوهّم.

ربما كان هناك زمن جميل بالفن أو بالرياضة أو بالثقافة، أما في السياسة فلم نعش إلا بأزمات، بدءاً من أزمة المادة 131 سنة 196٤، ثم استقالة نواب احتجاجاً على القوانين غير الدستورية سنة 1965، ثم حلّ المجلس البلدي وتبديد أموال التثمين في 1966، فالتلاعب بالانتخابات وشبهات تزويرها في 1967، واستقالة نواب احتجاجاً على ذلك، ثم بيان حزيران (يونيو) 1970، ثم حلّ المجلس وتعليق الدستور دون مبرر في 1976، وتشكيل لجنة تنقيح الدستور في 1980، ثم تغيير الدوائر الانتخابية من 10 إلى 25 دائرة، ثم تقديم مشروع تنقيح الدستور، ناهيك بأزمة المناخ، التي كان الاستهتار في حلّها مؤشراً إلى عمق الأزمة السياسية، فأزمة المناخ في جوهرها سياسية لا اقتصادية، ثم حلّ وتعليق الدستور وفرض الرقابة المسبقة على الصحافة في 1986، والتوجه إلى السلطة المطلقة، ثم الحراك الشعبي؛ الحركة الدستورية الشهيرة بديوانيات الاثنين، ثم الغزو العراقي للكويت، ومن ذلك الحين تم حلّ المجلس عدة مرات. كان الرقم 31 دائماً عنصراً فاعلاً في الحركة السياسية، ويبدو أن ذلك الرقم مستمر في فعاليته، ولكن لذلك حديث آخر.

ميزان القوى لدينا مائل باتجاه الحكومة كما "الكتويل"، اتجاه واحد للريح، ولدى السلطة زمام المبادرة، فهي مَن يملك القوة، لكنّها تفعل العكس دائماً. أما الناس، أو شخصيات المعارضة، سواء الصادق منهم أو غير الصادق منهم، فلا يملكون إلا الشارع، ويبدو أن الحكومة غير قادرة على الوصول إلى الشارع.

back to top