خاص

«الحظر الجزئي» يقيد «المشروعات الصغيرة» رغم وجود البدائل

مختصون لـ« الجريدة•» : اللقاح والاشتراطات الصحية و«التباعد» خيارات تقلل الإضرار بالأعمال

نشر في 08-03-2021
آخر تحديث 08-03-2021 | 00:05
اعتماد مجلس الوزراء لخطة الحظر الجزئي وما يواكبها من إغلاق للأنشطة التجارية، خطوة اعتبرها البعض تخبطا في القرارات الحكومية أثر على الجميع من مواطنين ومقيمين من مشاريع وأفراد، لا سيما مع وجود اللقاح، ووعي الناس بالمرض، والتباعد الاجتماعي وكيفية الوقاية، وإمكانية تطبيق القانون وفق اشتراطات صحية صارمة.

وأكد عدد من المتخصصين الصحيين والاقتصاديين لـ «الجريدة»، أهمية تلقي اللقاح لأنه الحل الأمثل لتقليل عدد الإصابات وعودة الحياة إلى طبيعتها، فضلاً عن تطبيق القانون بكل حزم على غير الملتزمين بالاشتراطات الصحية كلبس الكمام ومنع الاختلاط والتجمعات وغيرها، لافتين إلى أن الدولة لم تكن جادة وصارمة بهذا الشأن خلال الفترة الماضية.

بداية، قال استشاري أمراض صدرية وعناية مركزة د. عبدالله المطيري: "الآن نمر بموجة ثانية شديدة ومشابهة للموجة الاولى من حيث عدد الاصابات، وعدد الحالات في العناية المركزة ونسبة الوفيات، ولدينا من العلم ما يجعلنا نتفادى هذه الموجة، لكن بسبب عدم الالتزام بالقوانين تفاقمت الأزمة".

وأضاف المطيري أن "هناك أسبابا أدت إلى انتشار الفيروس، من اهمها الاختلاط وعدم لبس الكمام وعدم الاهتمام بالتباعد الاجتماعي، للأسف لم يتم تطبيق المحاذير، وشهدنا اختلاطا ومناسبات كثيرة، وكأن الحياة عادت إلى طبيعتها، ولم يتم تطبيق القانون بحزم، وهذا تماشى مع وقت دخول الفيروس المتحور شديد الانتشار".

وأكد "أهمية تلقي اللقاح لأنه حاليا هو الحل الأمثل لتقليل عدد الاصابات وعودة الحياة الى طبيعتها، وكلما زادت وتيرة التطعيم في المجتمع استطعنا الوصول إلى مرحلة يقل فيها عدد الاصابات، ودخول العناية المركزة"، مضيفا أن "اللقاح في الكويت كأنه غير موجود لذا لن نرى أثره في الفترة الحالية أبدا، فنسبة من تلقوه قليلة جدا وصلت تقريبا إلى 8 في المئة، ونحن نحتاج إلى أن تصل نسبة التطعيم إلى أكثر من 50 في المئة، أي من 60 إلى 70 في المئة، لنصل الى مرحلة العودة التدريجية للحياة".

وأضاف أن هناك بدائل يمكن تطبيقها بدلا من الاغلاق، وهي فرض القانون بلبس الكمام ومنع الاختلاط والتجمعات، لافتا إلى أن الدولة لم تكن جادة وصارمة خلال الفترة الماضية، صحيح لم تكن التجمعات في الاندية، ولكنها موجودة في داخل البيوت، وامام عين الحكومة، ويتم الاعلان عنها رسميا بدون محاسبة.

وأضاف "نستطيع الوصول الى تقليل الانتشار عن طريق فرض القانون بقوة وبحزم وعلى الكل ومن غير استثناءات، على الكبير قبل الصغير، وفرض لبس الكمام خارج المنزل ومخالفة فورية لكل من لم يلبسه، فكلما طبقنا القانون بحذافيره وبقوة استطعنا تقليل عدد الاصابات، بالاضافة الى نشر ثقافة التطعيم، ومحاولة تطعيم اكبر عدد ممكن من الناس لنخرج جميعا من هذا الوباء".

الإغلاق مشكلة

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت شملان البحر، إن "المشكلة الرئيسية هي أن قرار الإغلاق يصور لنا أن العامل الصحي هو الوحيد الذي يتم مراعاته، ويتم غض النظر عن الجانب الاقتصادي، صحيح أن العامل الصحي جزء مهم، ولكنه ليس الوحيد"، مضيفا أن "المشكلة الثانية هي غياب الشفافية، وغياب الاسترشاد بالدليل العلمي في سياسة الحظر، فعلى سبيل المثال سياسة الاغلاق نفسها وتطبيق الحظر فيهما تغيير مستمر، ونسمع الى الآن أن هناك تغيرات قد تطرأ، فهذا يدلل على أن الموضوع غير مدروس، ويعزز غياب الشفافية التي نفتقر إليها في سياسات الحكومة".

الآثار الاقتصادية

وأوضح البحر أن الآثار الاقتصادية لسياسة الإغلاق تتمثل في خمسة آثار؛ الأول هو عدم ثقة الشركات واصحاب المشاريع والافراد بقرارات الحكومة، وهذا ناتج عن غياب الشفافية والاسترشاد بالدليل العلمي، والحكومة لم تمهلهم الوقت الكافي للتخطيط ومحاولة تقليل خسائرهم، وهذا يؤثر سلباً على بيئة الاعمال، "لأن هذه القرارات تبدو لنا أنها مفاجأة وغير مدروسة، بل انها خاضعة للضغوط السياسية، ولا يوجد وضوح في المعايير التي تم على أساسها اختيار مدة الحظر وأنواع الانشطة التي يمكن أن تُزاوَل اثناء الحظر".

واضاف أن "الأثر الثاني هو الاختلالات الناتجة عن هذه القرارات، فعلى سبيل المثال تصرح الحكومة بأنها تدعم المشاريع الصغيرة في مواجهة الجائحة، وفي نفس الوقت تصدر مثل هذه القرارات التي تنحر المشاريع دون أدنى درجة من استخدام الدليل العلمي، الذي يضع بعين الاعتبار الكلفة الاقتصادية لهذه السياسات"، متسائلا: هل وضعت الحكومة بعين الاعتبار كلفة الانقاذ الذي قد تضطر لاحقا أنها تدفعها لانتشال الاقتصاد، ومنها الشركات والمشاريع الصغيرة؟

وذكر أن الحكومة تعمق الفجوة بين القطاعين العام والخاص، ولا يقتصر ذلك على الرواتب فقط، بل أيضا في المزايا، فالحكومة تكدس المواطنين في القطاع العام، على الرغم من انها تدعو إلى توجيههم الى القطاع الخاص، فهذا النوع من السياسات رسالة مفادها بأن الوظيفة الحكومية مضمونة الراتب في مقابل أن الابتعاد عنها والاتجاه لفتح مشروع أو للقطاع الخاص يجعلان المواطن عرضة لسياسات الاغلاق التي ستنهي مشروعه وتغرقه في الديون أي تهدد مستقبله الوظيفي في القطاع الخاص.

وتابع أن "الأثر الثالث هو تضرر غير الكويتيين، إذ يجب ألا نغض النظر عنهم، فالآثار الاقتصادية السلبية ستكون شديدة الأثر عليهم، مثل العمالة الوافدة ضعيفة الحقوق، والتي قد تتعرض لإيقاف رواتبهم، إضافة إلى إخواننا البدون، ولنا مثال في الحدث الذي أحزننا انتحار الطفل البدون، أحد الاسباب الذي ذكرها والده هو الآثار المادية التي كانت بسبب فقدانه لوظيفته".

وقال إن "الرابع يتمثل بضرورة استيعابنا أن الآثار المالية ليست إلا جزءا من الآثار الاقتصادية، فالآثار الاقتصادية أعم وأشمل من الجانب المالي، وتتعداه، وتقاس بالآثار السلبية على رفاهية المجتمع، فعلى سبيل المثال يوجد تكاليف اقتصادية غير مالية يدفع ثمنها المجتمع كالآثار الاجتماعية والنفسية نتيجة الحظر"، متسائلا "فهل تم وضع الاثر السلبي على رفاهية الاسر خاصة الذين يسكنون في شقق صغيرة في ظل ان الحكومة تقصر فترة السماح لهم بالخروج، وتمنع عنهم الخدمات العامة مثل الحدائق وممارسة الرياضة، حتى الاطفال في الفترة الصباحية يقومون بالدراسة ثم لا يوجد لهم متنفس بعدها، هذه الاثار السلبية تعتبر تكاليف اقتصادية ولو انها ليست مالية؟".

وذكر أن الأثر الخامس والاخير وهو فشل الحكومة في التعاطي في الجانب الاقتصادي في ظل جائحة كورونا، وحتى التعامل مع بيئة الاعمال، فهذا يعزز شعور المواطن بعدم أهلية الحكومة، موضحا أن "المواطن الآن يرى ان الحكومة غير قادرة على إدارة الملف الاقتصادي، فكيف تريد منه أن يثق بقدرتها على انتشال وإصلاح الوضع الاقتصادي في البلد؟".

وأكد البحر أن "الحل هو اعتماد سياسات مبنية على مبدأ الشفافية والدليل العلمي، وأخذ الجانب الاقتصادي بعين الاعتبار، ووقف العمل بمبدأ الخير يخص والشر يعم، ولا نكيل بمكيالين بموضوع تحميل مسؤولية زيادة حالات الإصابات بالفيروس، فكلنا رأينا احداثا تغض الدولة عنها الطرف، وعدم المحاسبة على بعض المخالفات التي حدثت في الفترة الاخيرة، وفي المقابل تعاقب أصحاب المشاريع الصغيرة التي قد يكون الكثير منهم ملتزمين بالضوابط الصحية"، مشددا على "ضرورة خلق الحافز سواء لدى الأفراد أو الشركات على الالتزام بالاشتراطات الصحية".

التشجيع على التطعيم

وبدورها، قالت أمينة سر الجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة شيماء بن حسين: "تدمرت نسبة كبيرة من المشاريع سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة بعد الحظر الكلي والجزئي وإغلاق كل القطاعات"، موضحة أنه "في بداية الأزمة كان الوباء شيئا جديدا أما الآن فاختلف الوضع، بعد التدرج في فتح بعض القطاعات، وانتعاش العمل لبعض المشروعات الصغيرة في محاولة تعويض جزء من الخسائر الفادحة التي تكبدتها، ثم عادت القرارات لتغرق أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من جديد بديون أخرى والتزامات مادية جديدة غير التي لم تعوض، حيث إن جميع الشركات لم تعوض الخسائر التي تكبدتها القطاعات".

وأضافت بن حسين أنه "لا بدائل للإغلاق غير عودة فتح كل القطاعات مع وجود الاشتراطات الصحية، وعن تجربة شخصية تأثرت في الإغلاق، لدي شركة تنظيم معارض ومؤتمرات، وتم الإغلاق منذ بداية الأزمة حتى الآن، ولم نستطع تعويض الخسائر حتى الآن، من ناحية رواتب ومن ناحية الإيجارات، بالإضافة إلى أن الموظفين لديهم أسر عليهم إعالتها"، متسائلة: "فإلى متى ونحن ندفع؟ وإذا تم وقف الدفع غير الالتزامات الشهرية تأتي الشؤون لمعاقبتنا برموز عدم الالتزام بسداد الرواتب".

وأشارت إلى "ضرورة التطعيم، والقطاع الخاص سباق في التشجيع عليه، إذ سبق الحكومة في هذه الخطوة، إذ يقوم أصحاب بعض المشاريع بتقديم خصومات تصل الى 30 في المئة إذا تم إظهار شهادة التطعيم"، معربة عن أملها تسمح الدولة بالخروج خلال ساعات الحظر والسفر لمن اخذ اللقاح فهذا تشجيع للبقية، وعدد الجرعات الجديدة أظن أنها تكفي للكويت، وبالإمكان تطعيم الجميع مبكراً، ولكن الناس تحتاج إلى تشجيع فلماذا من يأخذ التطعيم يتم حظره؟

وتابعت أنه "من أهم الأمور عودة المدارس، وان يكون التطعيم إجباريا للكل، ويوجد تطعيمات أساسية للأطفال ولا أحد يناقش، فعلى سبيل المثال هناك تطعيمات ضد الشلل وضد الجدري، فلا أحد يرفض أو يتذمر، فهذه التطعيمات شرط أساسي لدخول الطفل الروضة وإكمال دراسته"، مضيفة "أظن بإمكانهم أن يعملوا بنفس الفرض على لقاح كورونا. فهناك دول مجاورة لديها فكرة تقوم على أساس أن من يتلقى التطعيم يستطيع السفر ولا يتم حجره بعد عودته".

وأشارت بن حسين إن "ما يحصل للمشروعات هو قتلنا على مراحل لإنهاء قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة"، مؤكدة أن "عدم تعاون الجهات المختصة معنا دليل ان قطاعنا غير مقبول لديها".

القبندي: إذا لم تلتفت الحكومة إلى الملف الاقتصادي فستواجه تحدياً أكبر في المستقبل
تحدثت عضوة مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية نورة القبندي عن أثر الإغلاق على المشاريع الصغيرة، قائلة: «منذ بداية الازمة الصحية توجه العالم الى التوازن بين الملف الصحي والملف الاقتصادي، فعندما قامت دول بإغلاق المنشآت الاقتصادية كانت سباقة بإقرار تشريعات وقوانين لدعم الاقتصاد، بالإضافة إلى حزم اقتصادية، وهذا ما لم نره بالكويت. فبعد سنة من اندلاع الأزمة لم يتم اتخاذ اي خطوات جدية من الحكومة»، لافتة إلى أن «اغلب الدول كانت تتعامل مع الجانب الاقتصادي بشفافية اكثر، وهذا ما لم يطبق لدينا».

وأضافت القبندي أن «أسوأ ما قد يصيب صاحب عمل ليس الاغلاق، وإنما عدم علمه بوقت انتهائه، فالمنشأة التجارية لديها مصروفات شهرية والتزامات، وغياب الخطة الزمنية يربكها ولا تسمح لهه أن تتكيف مع الوضع الاقتصادي في تقليل المصروفات».

وأشارت الى أن هناك بدائل للاغلاق كأن يتم التعامل مع الملف الاقتصادي بطريقة افضل من خلال تطبيق الاحترازات الصحية، والتعامل مع المخالفين بالقانون، وليس تعميم الاغلاق، بالاضافة الى وجود العديد من القوانين المستحقة مثل قانون الضمان المالي الذي لم ير النور حتى الآن.

وحددت القبندي بعض النقاط التي يجب على الحكومة القيام بها، كضرورة دراسة الضرر الاقتصادي منذ اندلاع الازمة، وتشكيل فريق لدراسة البيانات والمعلومات عن هذا الضرر، لوضع خطة لإنقاذ ما يمكن انقاذه بعد تأخر المبادرة الحكومية.

وقالت «أما بالنسبة لآخر قرارات الاغلاق والحظر فنرى عدم التجانس فيها، فبعد اغلاق النوادي الصحية والصالونات، والذي صرحت الحكومة بانها من أسباب ارتفاع أعداد الإصابات أواخر شهر فبراير، تأتي اليوم لتفتح ذات النشاطات، فمن يعوض أصحاب المشاريع الصغيرة للضرر الذي اصابهم في الفترة التي مضت؟»، مضيفة «ولا ننسى ان هناك أيضا مشاريع لا تزال موقوفة عن العمل، وإذا لم تلتفت الحكومة إلى الملف الاقتصادي وخصوصا المشاريع الصغيرة والمتوسطة فستواجه تحديا أكبر في المستقبل القريب، كهجرة الشباب من القطاع الخاص الى القطاع العام، وتكلفة دعم أعلى للمشاريع المغلقة».

حصة المطيري

اللقاح حالياً هو الحل الأمثل لتقليل عدد الإصابات وعودة الحياة إلى طبيعتها عبدالله المطيري

عدم تعاون الجهات المختصة معنا دليل أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير مقبول لديهم شيماء بن حسين

الحكومة تكدس المواطنين في القطاع العام رغم أنها تدعوهم إلى التوجه للقطاع الخاص شملان البحر
back to top