نافذة المعرفة النفطية : لماذا عجزنا عن إيجاد مصدر دخل بديل؟

نشر في 08-02-2021
آخر تحديث 08-02-2021 | 00:30
 أحمد راشد العربيد في مطلع العقد السادس من القرن الماضي، تنادى المخططون في دولة الكويت للبحث عن مصدر دخل آخر يكون النفط رديفاً له، كان لهذه المناداة صدى جميل أشعل حماسا حكوميا وشعبيا يتماشى، آنذاك، مع مشاعر النهضة التي تعمقت وتجذرت في نفوس الكويتيين، فقد كان الكويتيون دائماً في طليعة الدول على مستوى إقليم الشرق الأوسط في جميع المجالات حتى الرياضية منها.

وقد ورد في موقع الهيئة العامة للاستثمار معلومات مهمة بأن آباءنا وأجدادنا أدركوا منذ زمن بعيد أهمية النفط كمصدر أساسي للدخل في دولة الكويت، وإمكانية توظيف هذا المورد في تحقيق التنمية المستدامة للدولة والرفاهية للمواطنين لأجيال قادمة.

ومن بين مَن أدرك تلك الأهمية هو المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ عبدالله السالم الصباح (1950 – 1965)، الذي أسس في فبراير 1953 مجلس الاستثمار الكويتي في مدينة لندن بتفويض كامل لاستثمار فائض عائدات النفط وتقليل اعتماد الكويت على مورد محدود واحد، وكان هذا المجلس يلعب أيضا دور المحافظ على استقرار قيمة الجنيه الإسترليني في سوق لندن، الذي يخدم بدوره الاستثمارات الكويتية، وبعد أن حصلت الكويت على استقلالها في عام 1961، وأصبحت دولة ذات سيادة، تم تقديم نموذج للاستثمار الحديث يضمن النمو المستدام للدولة الحديثة، اشتمل على مبادئ الاستثمار الأساسية لما عرف لاحقاً بصندوق الأجيال القادمة، وعليه فقد تم استبدال مجلس الاستثمار الكويتي بـ «مكتب الاستثمار الكويتي» في عام 1965، أي بعد 4 سنوات على الاستقلال.

وفي عام 1976، أصدر صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت وقتها، مرسوماً بإنشاء صندوق احتياطي للأجيال القادمة، وهو بمنزلة منصة استثمارية حافظة لمستقبل الكويت، من خلال استقطاع نسبة 10 بالمئة من إيرادات الدولة سنوياً إلى هذا الصندوق.

ومع استمرار عملية بناء الكويت كدولة حديثة، تقرر إيجاد آلية جديدة لإدارة جميع احتياطيات الدولة، وعليه تم إنشاء الهيئة العامة للاستثمار عام 1982 لتكون المؤسسة الأم لمكتب الاستثمار الكويتي، وتشمل مهامه الرئيسة: إدارة أموال احتياطيات الدولة والأموال الأخرى الموكلة إليها من وزارة المالية.

وانطلاقاً من هذا الإرث التاريخي الزاخر، تواصل الهيئة العامة للاستثمار العمل على حماية ثروة الأجيال الحالية والمستقبلية في الكويت، من خلال تنويع مصادر الدخل وضمان مستقبل مستدام وآمن للأجيال القادمة. وتركز الاهتمام على الاستثمارات المالية أكثر من غيرها كمصدر دخل بديل.

لم يدرك القائمون على العمل أن الاستثمار في الموارد الطبيعية من نفط وغاز وثروات حيوانية وسمكية

وغيرها هو أيضا يمكن أن يكون مصدر دخل آخر.

غاب عن بال الجميع أن الاستثمار في الثروة النفطية المتطورة هو نفسه آنذاك مصدر دخل آخر....

كان الإنكليز في واد والتوجهات الحكومية في واد آخر، ورغم أنهم كانوا الجهة الأكثر تأهيلًا في هذا الموضوع، وكانوا يعلمون أن الصناعة النفطية قادرة على إيجاد البديل المناسب من خلال مشاريع البتروكيماويات والمشاريع التحويلية، فإنهم اهتموا آنذاك بزيادة الإنتاج النفطي والمحافظة على سندات الجنيه الإسترليني والمشاريع الاستثمارية في سوق لندن من خلال مكتب الكويت للاستثمار في لندن، وما زال موجودا حتى اليوم.

في تلك الحقبة من الستينيات، كان الاقتصاد الكويتي مرتبطا بقوة بالاقتصاد الإنكليزي ولم ينفصم بعد،

وكانت استثمارات النفط من خلال مكتب الكويت للاستثمار في لندن لاستثمار الفائض من الميزانية السنوية، وهي استثمارات ضخمة، وصندوق الأجيال القادمة، تحافظ على الارتباط بين الاقتصاد الكويتي والإنكليزي.

ثم بدأ الربط بين الاقتصادين يتلاشى رويدا رويدا، حتى انحسر وانحسر معه الفكر الصناعي والمبادرات الاقتصادية، ومنها مصدر بديل ناجح.

عمي برقان: لم نشأ أن نزعجك في هذا اليوم؛ يوم الجمعة المبارك.

قال العم: أتحسب أني غائب عن الكويت؟ لا يا بني، أنا حاضر معكم، وسترون ما يسرّكم إن سمحوا لنا.

قلت: طوّل عمره وكثّر خيره.

أحمد راشد العربيد

back to top