مريم العطّار: الكتابة انتقام وثأر ومحاربة للقيود

شاعرة عراقية تجد متعتها في الترجمة

نشر في 07-02-2021
آخر تحديث 07-02-2021 | 00:01
وُلدت الشاعرة والمترجمة العراقية مريم العطار في إيران عام 1987، وحين بلغت العشرين من عمرها انتقلت إلى بلاد الرافدين عام 2007، وبهذا جمعت بين لغتين وثقافتين، لذا أبدعت في كتابة القصيدة واشتغلت بالترجمة من الفارسية إلى العربية، وأنجزت العديد من الكتب المهمة في هذا الإطار.
وفي حوار أجرته معها "الجريدة" من القاهرة، قالت العطار إن متعتها القصوى في الترجمة، مؤكدة أنها لا يمكن أن تترجم نصاً لا تؤمن بكاتبه، كما اعتبرت أن الكتابة انتقامٌ وثأر ومحاربة للقيود... وفيما يلي نص الحوار:

• تكتبين الشعر وتمارسين فن الترجمة، أي العملين تجدين فيه متعة أكبر: الإبداع أم إعادة الإبداع بنقل النص إلى لغة أخرى؟

- في الترجمة أجد المتعة القصوى، لأنني أكون في حالة تحدٍّ قائم بين ذاتي وذات الكاتب، فأن تكون مترجماً يعني أن تواجه مشكلات واستفزازاً وانكساراً وربما سعادة ذلك الكاتب في زمانه ومكانه، بأن تتحدى ذاتك وتأخذها إلى منعطف طريق خطير تخلص منه الكاتب، ووضع العبء على كاهلك في أن تعيد خلق الكلمة بلغتك وتصحبها معك لتعرّفها إلى القرّاء بكل أمانة ومسؤولية.

• برأيكِ، ما الشروط التي يجب توافرها في المترجم الناجح؟

- على المترجم أن يكون متسماً بميل الإيثار، شريطة ألا ينسى مشاركة كينونته مع الآخر حتى ولو بشكل مؤقت، أنا آخذ النص الذي أروم ترجمته إلى لغتي وأرحب به وأعرفه على القارئ وأسعى أن يبقى في شكّ بأمر ترجمته! الترجمة إيمان بالآخر لا يمكن أن أترجم نصاً لا أؤمن بشخص كاتبه.

• وُلدتِ ونشأت في المهجر بإيران، فإلى أي مدى تأثر نصكِ بالثقافة الفارسية؟

- حين وجدتُ نفسي قد ولدتُ وترعرعت بعيداً عن حضن بلدي الأم تجردتُ من التأثير والتعلق بأي حضارة. أحب الثقافة الفارسية بعراقتها وحبها لذاتها والحياة، كما تعلمتُ منها حرصها على حضارتها وقرأت كتب عرفائها، لكنني عموماً متأثرة بثقافة بلدان وأناس تعرفت إليهم في الكتب من جميع أنحاء العالم، وأخذتُ من كل بقعة اكتشفتها على مدى السنين ما يناسبني فقط.

• بدأت علاقتك باللغة العربية بشكل واضح بعد انتقالك إلى العراق عام 2007، فهل شكلت اللغة عائقاً أمام قصيدتكِ كشاعرة؟

- في البداية نعم، كنت محبطة حين كانت الكلمة تفر مني أو يخونني التعبير وأجد مرادفه في اللغة الفارسية، لكنني لم أتخلَ عن الأعمال التي كنتُ بصدد إنجازها، اتخذت طريقاً آخر وهو معترف به مِن الكتّاب الأحرار والفلاسفة الذين يجدون اللغة مجرد أداة واجبها أن تمثل دورها الطبيعي، ولأن ليس كل شيء يحدث داخل اللغة هممت بتقديم القصيدة والفكرة والحقيقة، ولا خوف بعد أن أجهرت صوتي وأظهرت شخصي الحقيقي في النص، أنا أكتب القصيدة كما لو أنها الوصية.

• "وأد" و"شتائم مجانية" و"أكلوا رمانة كتفيها"... عناوين دواوينك توحي بتجارب عديدة، فهل ثمة منطلق أساسي؟

- الفكرة الأساسية تكمن وراء وجود المرأة وكيانها وطريقة تعبيرها، بين الذي يكون المؤيد أو الضد وذلك "الشخص الثالث" المتلون المدعي المتظاهر إنه يناصر المرأة لكن في باطنه يرفضها ولا يتقبل سماع صوتها سواء في العائلة أو المجتمع أو الكتاب، لأنني امرأة يُعادُ وأدي أو يتم شتمي وتؤكل أحلامي، وعلى حد ما علمتني التجربة كل الاهتمام أو الإيمان بالمرأة مجرد أضواء وثرثرة لا تساعد، بل تهم لطمر قدراتها، لذلك أختار العناوين التي تخصني وتعبِّر عني.

• تنامي عدد الجوائز العربية الكبرى المخصصة للسرد جعل بعض الشعراء يتحولون لعالم الرواية، هل خايلتكِ هذه الفكرة؟

- هذا التحوُّل تشويه للحقائق، إن كان سرداً أم شعراً يجب أن يكون حرفاً غاضباً ومتمرداً وبعيداً عن المساومة. الكتابةُ وُجِدَت لحفظ الشرف والإخلاص للتربة والإنسان والحب والتغيير لكل رتيب وتقليدي. على الكاتب النبيل أن يحافظ على أمانته وهي القدرة على التعبير والتغيير، الكتابة انتقام وثأر، وهي أيضاً تسليح للذات في محاربة القيود! على الكتاب أن يشحذ قلمه لتلقي الانتقاد وسوء الفهم لا التحسين والجوائز، وإن قدّم الكاتب رد فعله الحقيقي وقُدِّمت له الجوائز عليه أن يشك بأحدهما، إما الجائزة أو المنجز.

• ما جديدك وهل ثمة مشروع أدبي تعكفين عليه راهناً؟

- حالياً أقوم بترجمة كتاب من ثلاثة أجزاء حول الشعر والشاعرية، للكاتب رضا براهني، وللكاتب ذاته أيضاً ترجمتُ كتاباً هو قصيدة طويلة عنوانها "إسماعيل"، تتحدث عن الظلم والمظلومية ضد الحرب وإلغاء الآخر، وأنتظرُ صدور كتبي المترجمة عن دار المدى وهي "مختارات من الشاعر الإيراني حسين بناهي وأنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث". وفي مجال الشعر انتهيتُ أخيراً من مجموعتي الشعرية الثالثة "أكلوا رمانة كتفيها" وأفكر في نشرها.

أحمد الجمَّال

أكتب القصيدة كأنها وصيّة... وعناوين دواويني تعبر عني

لا يمكن أن أترجم نصاً لا أؤمن بمؤلفه
back to top