فلنتواضع قليلاً

نشر في 24-11-2020
آخر تحديث 24-11-2020 | 00:10
 قيس الأسطى حديث الذكريات المنتشر بين جميع الأوساط السياسية والثقافية والمجتمعية لن يساهم في دفعنا إلى الأمام، بل سيعزينا قليلاً وسيخفف عنا وقوفنا خلف الكواليس في العتمة لنشاهد غيرنا يتقدم إلى الأمام.

أدرك أن ماضينا جميل، ففيه كنا الأوائل في الرياضة لأننا أول دولة عربية من آسيا وصلت إلى كأس العالم لكرة القدم في إسبانيا عام ١٩٨٢، وكنا قد حصلنا قبلها على كأس آسيا في عام ١٩٨٠، والشيء نفسه يمكن أن يذكر عن باقي الألعاب سواء كانت فردية أو جماعية.

نحن من كانت شعوب دول مجلس التعاون تتفرج على مسرحياتنا ومسلسلاتنا التلفزيونية لدرجة أنهم حفظوا مسلسل "درب الزلق" عن ظهر قلب، نحن من قرأ العالم العربي ما كنا ننتجه من مطبوعات وعلى رأسها "مجلة العربي"، ونحن من كنا نقدم أفضل الخدمات، ويروي لي قبطان قديم في الخطوط الجوية الكويتية أنه كان يشاهد كبار الشيوخ في الخليج يسافرون على متن طائراتنا في العقود السابقة، وهو أمر يمكن أن ينسحب على خدماتنا الصحية.

هذا الأمر توقف عندما قررت الحكومات المتعاقبة أن تعين الأسوأ لمجرد أن هذا شيخ بن شيخ، وذاك تاجر بن تاجر، والآخر وزير ولد وزير.

وقررنا نحن كشعب أن ننتخب أعضاء لمجالس الأمة بسبب الانتماءات الطائفية والقبلية والعائلية غير مدركين خطورة الورقة التي نلقيها في الصندوق وآثارها المدمرة على الحياة السياسية، وها نحن نحصد ما زرعناه من نواب قبيضة وتجار إقامات.

هذا لا يعني أن لا أمل في الإصلاح، بل على العكس من ذلك، كل ما نحتاجه قرار يتبعه إجراءات بإبعاد الطبقة السياسية التي تحوم حولها الشبهات والاستبدال بها طبقة كفاءات مستعدة للعمل لإرجاع الكويت كما كانت.

في التعليم مثلاً بدل الاعتماد على أصحاب الشهادات المزورة، وخريجي الجامعات غير المنظمة أكاديمياً، لماذا لا يعين خريجو أرقى الجامعات وما أكثرهم؟ ولماذا لا يشكل وفد تعليمي ليزور الشقيقة دولة قطر للاستفادة من تجربتها في مجال التعليم، لأنها تصنف الآن الرابعة على العالم من حيث جودة التعليم، وهو أمر يمكن أن ينسحب على الخدمات التي تتفوق بها دول مجلس التعاون؟

ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ستوقف العمل بالسيارات التي تعمل على مشتقات النفط بعد خمسة عشر عاماً من الآن، وتقديري أن دول كثيرة ستحذو حذوها، فهل من الطبيعي أن تستمر ميزانيتنا العامة في الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل الاستمرار في عقيلة كتابنا وكتابكم واثنتي عشرة جهة رقابية لديها عشق إيقاف المراكب السائرة، هو ما سيشرف على تنويع مصادر الدخل والتطور المطلوب؟

المقترحات لدي ولدى غيري كثيرة، لكنها تحتاج قراراً بالتوقف عن الاستشهاد بالماضي والتطلع إلى المستقبل، كما تحتاج إلى التوقف عن تعيين المقربين، والبحث عمن يرقد في متحف الوزراء والنواب السابقين، فهم على الأرجح من تسبب في وصولنا إلى هذه المرحلة.

باختصار نحتاج إلى طبقة سياسية جديدة تقودنا إلى عالم أفضل، لأن استمرار وجودنا خلف الكواليس في العتمة غير مبرر، وكل ما نحتاجه قرار... مجرد قرار.

فهل وصلت الرسالة؟... آمل ذلك.

back to top