محكمة التمييز تدين متهمين بتهريب الأموال إلى العراق

• «الجمارك» ضبطتهما لدى إخراجهما نصف مليون دولار عن طريق أحد المنافذ
• النيابة اتهمتهما بعدم الإفصاح المعاقَب عليه وفق «غسل الأموال»

نشر في 03-11-2020
آخر تحديث 03-11-2020 | 00:05
رفضت محكمة التمييز الجزائية برئاسة المستشار صالح المريشد طعناً مقاماً من متهمين اثنين بتهريب أموال إلى العراق، قيمتها نصف مليون دولار، وعدم الإفصاح عنها لموظف الإدارة العامة للجمارك عن طريق المنفذ البري، مما يعد مخالفاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
أيدت محكمة التمييز حكم محكمة الاستئناف بتغريم المتهمين بمبلغ 90 ألف دينار لكل منهما عن التهم المنسوبة إليهما من النيابة العامة بعدما ألغت محكمة الاستئناف حكم السجن الصادر بحقهما لمدة ستة أشهر مع النفاذ على خلفية ضبطهما بمحاولة تهريب نصف مليون دولار للعراق.

غسل الأموال

وقالت محكمة التمييز الجزائية في حيثات حكمها، إن المقرر وفقاً لنص المادة 1/20 من القانون 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أنه يتعين على كل شخص يدخل دولة الكويت أو يغادرها، وتكون بحوزته عملات نقدية أن يفصح للإدارة العامة للجمارك عند الطلب عن قيمة تلك العملات، ومفاد هذا النص أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوافر كلما تعمد الجاني عدم الافصاح عما بحوزته من عملات نقدية حال دخوله دولة الكويت أو خروجه منها حال طلب الإدارة العامة للجمارك منه ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه قد دلل على توافر القصد الجنائي قبل الطاعنين تأسيساً على تعمد الطاعن الأول إخفاء المبالغ النقدية التي بحوزته عن المفتش الجمركي، وقام بتوزيعها على إحدى عشرة لفافة ووضعها داخل كيس بمكان سري بمؤخرة المركبة عن عمد وإرادة وعلم بقصد تهريبها واشتراك الطاعن الثاني معه على ذلك بطريقي الاتفاق والمساعدة، وكان هذا الذي أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه يكفي للتدليل على توافر أركان الجريمة المسندة للطاعنين سيما القصد الجنائي.

ولفتت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق يتحقق باتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهو يتم غالباً دون ظاهرة خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، بما يكفي أن تكون معه المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها متى كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أن الاشتراك بطريق المساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوراً بتجاوب صداه مع فعله ويتحقق به معنى تسهيل ارتكاب الجريمة والذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك، وكان مؤدى ما أورده في الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون في معرض بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلة الثبوت فيها على النحو المار بيانه عن الدور الذي اشترك به الطاعن الثاني في جريمة عدم الإفصاح عما بحوزته من عملات أجنبية والتي ارتكبها الطاعن الأول، وأنه اتفق معه وأمده بالمبالغ المالية التي ضبطت مع الطاعن الأول لإخراجها لدولة العراق، وقام الطاعن الأول بإحرازها وإخفائها في مكان بالمركبة حال مروره من المنطقة الجمركيةـ ولم يفصح عنها، وهو ما تتوافر به في حق الطاعن الثاني كافة الأركان القانونية للاشتراك في جريمة عدم الإفصاح عما بحوزة الطاعن الأول من عملات أجنبية ويسوغ به ما انتهت إليه محكمة الموضوع بدرجتيها من الاعتقاد بحصوله منه.

إفصاح

وقالت المحكمة، إن العقوبة المقررة لجريمة عدم الإفصاح للسلطات الجمركية عن قيمة ما بحوزته من عملات أجنبية طبقاً لما تنص عليه المادة 37 من القانون 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال من الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن نصف قيمة الأموال هي محل الجريمة ولا تجاوز كامل قيمتها أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يخالف أحكام المادة (20) أو يقدم إفصاحاً كاذباً عن العملة أو الأدوات القابلة للتداول لمصلحة حاملها، أو يخفى عن عمد أو إهمال جسيم وقائع ينبغي الإفصاح عنها، كما أن المادة 40 من القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد نصت على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادتين (28، 29) من هذا القانون وبحقوق الغير حسن النية، يجب على المحكمة في حالة الإدانة بإحدى الجرائم الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون أن تحكم بمصادرة الأموال والأدوات التالية: أ- متحصلات الجريمة، بما في ذلك الأموال المختلطة بتلك العائدات أو الناتجة عنها أو المستبدلة بها. ب- الدخل والمنافع الأخرى الناتجة عن عوائد الجرائم. ج- الأموال محل الجريمة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر- بالقضاء بتغريم كل من الطاعنين مبلغ تسعين ألف دينار كويتي وبمصادرة الأموال المضبوطة محل الجريمة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.

تهريب

وأوضحت المحكمة أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الجريمتين اللتين أدين الطاعنان بها مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة عملاً بالمادة 84/1 من قانون الجزاء وأوقع عليها عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة عدم الإفصاح عما بحوزته من عملات والاشتراك فيها التي دينا بها، والتي تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم، وقد سلمت مما نعاه الطاعنان عليها، فإنه لا جدوى مما يثيرانه بشأن جريمة التهريب الجمركي التي دينا بها ولم تقع عنها عقوبة مستقلة، ويضحى منعاهما في هذا الخصوص غير منتج.

الاعتراف المبطل

اكدت المحكمة إن الاعتراف في المسائل الجزائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق، وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت الى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، ولا يلزم أن يكون الاعتراف وارداً على الجريمة بجميع عناصرها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة بكافة الممكنات العقلية ثبوت اقتراف المتهم للجريمة، كما أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم- كدليل ضمن أدلة الإثبات الأخرى التي عولت عليها - أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها - لما كان ذلك، وكان البين من مذكرة دفاع الطاعن الأول أمام محكمة الموضوع أن قصارى ما أثبته بها هو مجرد قوله إن اعترافه تم تحت تهديد الضابط وخشية احتجازه، وكانت هذه العبارة من العبارات المرسلة التي لا تحمل معنى الإكراه أو التهديد المدعى بهما، كما أن من المقرر أيضاً أنه لا يؤثر في سلامة الاعتراف الخشية من سطوة الشرطة، لما هو مقرر من أن سلطات الوظيفة - في ذاته- بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراها ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بأذى مادياً أو معنويا، كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكمة، وأن الخوف والارتباك بمجردهما لا يعتبر أيهما سبباً لبطلان الاعتراف، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف الطاعن الأول بارتكابه الواقعة بالاشتراك مع الطاعن الثاني لما استبان لها من مطابقته للحقيقة والواقع واتساقه مع باقي أدلة الإثبات المستمدة من أقوال ضابط الواقعة ومجرى التحريات وما قرر به الطاعن الثاني بالتحقیقات وهو ما لم يخطئ الحكم في فهمه أو تقديره ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب.

خشية المتهم من التحقيق لا تعد سبباً لبطلان الاعتراف

خوف المتهم من السلطات الأمنية لا يمثل إكراها ما دامت لم تستطل إليه بأي أذى المحكمة
back to top