وضوح فساد القيادة اللبنانية

نشر في 14-10-2020
آخر تحديث 14-10-2020 | 00:10
 د. عبدالمحسن حمادة يبدو أن الخيارات أمام لبنان بعد اعتذار د. مصطفى أديب عن عدم تشكيل حكومة لبنانية جديدة بمواصفات عصرية لمعالجة الوضع الخطير في غاية السوء، فقد حاول الرئيس الفرنسي أن يتعاون مع القوى السياسية القائمة لإخراج لبنان من محنته. ظناً منه أن المحن التي مرت بها الدولة اللبنانية كفيلة بدفعهم للتعاون معه لإنقاذ لبنان من الانهيار، وحاول أن يتجاهل كل ما سمعه من الشعب اللبناني من انتقادات للقوى السياسية الحاكمة، حيث سمع نقدا حادا من جمهور عريض من الشعب اللبناني لتلك القوى الحاكمة وأنها السبب الرئيس في معاناة اللبنانيين.

تجاهل ما سمعه من الشعب المصدوم من تلك الطبقة الحاكمة، ثم اجتمع بهم وأقنعهم بحاجة لبنان إلى تشكيل حكومة إصلاحية انتقالية ذات برنامج اقتصادي ومالي واضح المعالم، على أن تكون محايدة ولا يكون للقوى السياسية القائمة أي تمثيل فيها، وتم اختيار د. مصطفى أديب لرئاسة تلك الحكومة، وتعهد الزعماء أمام ماكرون بالتعاون معه وعدم عرقلة تلك الحكومة، وفجأة جاءت الأوامر من حكومة الملالي لعرقلة تلك الحكومة، وبدأ نصر الله وكيل إيران بوضع شروطه، واعتذر د. أديب عن عدم قدرته على تشكيل الحكومة.

هنا انفعل ماكرون وعقد مؤتمرا صحافياً شن فيه هجوما على الزعماء السياسيين اللبنانيين لعرقلتهم تشكيل الحكومة التي يطالب بها المجتمع الدولي لإصلاح النظام اللبناني، كشرط للحصول على المساعدات المالية وإنقاذ لبنان من الانهيار، وسمى حزب الله وحركة أمل بأنهما من عرقل المبادرة الفرنسية، واتهمهما بخيانة العهود التي قدماها إليه، وخاطب حزب الله قائلا عليه ألا يعتقد أنه أقوى مما هو، فلا يمكنه أن يكون حزبا سياسيا ويرهب الآخرين بقوة السلاح.

وبالرغم من ذلك لم يسحب مبادرته وأمهل الزعماء اللبنانيين من أربعة أسابيع إلى ستة أسابيع أخرى لتنفيذ المبادرة، وأكد أنه لن يتخلى عن لبنان، وفي خطاب نصر الله الذي ألقاه في أول أكتوبر رد على الرئيس ماكرون قال فيه، إن حزب الله يسيطر على الأكثرية في مجلس النواب اللبناني، لذا لا حكومة تشكل من دونه، وظن نصر الله أن العالم لا يعرف الأسباب التي جعلت حزب الله يملك الأكثرية في مجلس النواب، تلك الأسباب الحقيقية التي تؤكد أن الانتخابات الأخيرة قامت على قانون انتخابات لا علاقة له بالديمقراطية، بل فرضه الحزب الإيراني بقوة سلاحه لتمكين هذا الحزب من السيطرة على مجلس النواب، كما وضع يده على خيار من يكون رئيسا للجمهورية.

وفجأة أعلن نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني في أول أكتوبر الجاري أن الوساطة الأميركية نجحت في التوصل إلى بلورة اتفاق إطار، بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية، وأشار أنه من سيرسم الطريق المفاوض اللبناني وهو الجيش، برعاية رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية، معلنا أن مهمته انتهت ليستأنفها الجيش بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي، ورحبت الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود، معتبرة أنها ستمهد للاستقرار والأمن والازدهار، وقال وزير الخارجية الأميركي إن الخطوة تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة، موضحا أن هذا الاتفاق على المفاوضات هو نتيجة 3 سنوات من الجهود الدبلوماسية للتوصل إليه.

ومن المتوقع أن تنطلق الجولة الأولى من المفاوضات في منتصف الشهر الجاري، ودعا بري إلى تشكيل حكومة جديدة تتولى المفاوضات، لأن حكومة دياب من وجهة النظر الأميركية محسوبة على حزب الله، ويقال إن أميركا أبلغت لبنان بضرورة وجود غطاء سياسي توفره حكومة لبنانية متوازنة لهذه المفاوضات، لهذا السبب استقبل بري محمد بعاصيري النائب السابق لحاكم مصرف لبنان والمقرب من الأميركيين ليستمزج رأيه في إمكانية قبول تشكيل حكومة جديدة، وصرح الرئيس السوري في مقابلة أجرتها معه وكالة سبوتنك الروسية، أنه من الممكن إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل عندما نستعيد أراضينا.

وهكذا بدأ جدار المقاومة والممانعة الكاذب بالانهيار أمام الحقائق التي بدأت تتجلى، ذلك الجدار الذي أقامته حكومة طهران لتبرر شن الحروب في المنطقة، وفي مساء الخميس 8 أكتوبر أعلن سعد الحريري الرئيس السابق خلال مقابلة تلفزيونية، أنه أعاد نفسه مرشحا طبيعيا لرئاسة الحكومة، من أجل وقف الانهيار، وإعادة تعويم المبادرة الفرنسية، ونأمل أن يخرج لبنان من محنته، وأن تتقبل الأحزاب اللبنانية الشروط الفرنسية.

back to top