الخيزران!

نشر في 29-09-2020
آخر تحديث 29-09-2020 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم هو الاسم الذي اختاره أبو جعفر المنصور لليلى بنت العطار، التي دخلت قصر الخلافة العباسية زوجةً لولي العهد المهدي، بعد أن رآها الخليفة العباسي فسأل:

- من هي؟

قالوا له: إنها ليلى الجرشية التي قال فيها بشّار بن بُرد:

ألا إنما ليلى عصا خيزرانة

إذا غمزوها بالأكف تلينُ

فقال المنصور: لم أرَ مثل حُسنها... فهل يُعقل أن تغدو مَن هي مثلُها لبشار؟

فقيل له: إنّه يتصدى لها وهي تزجره... وتوعّده أبوها بالقتل إذا تعرّض لابنته... لكنّ بشاراً لم يرعوِ، إذ قال فيها:

ودعجاء المحاجر عن كسلٍ

كأن حديثها ثمر الجنانِ

إذا قامت لمشيتها تثنّت

كأنّ عظامها من خيزرانِ

ولم يعبأ الخليفة بما قاله فيها بشّار، وخطبها من أبيها لابنه المهدي.

***

• بدأ التاريخ يفتح الصفحات في سجّله للخيزران، تلك المرأة الذكية ذات الرأي السديد والعين النافذة، والتي كان المنصور يستعين بها إلى أن فارقته الحياة، ثم أصبحت زوجةً لأمير المؤمنين المهدي، وكانت كلمتها مسموعة عند الجميع خلال سنوات طويلة، إلى أن تولى إمارة المؤمنين ولدها الهادي، الذي دخلت عليه يوماً قائلة:

* لماذا لم تجعل خالك الغطريف والياً على اليمن؟

- يا أمي خالي لا يصلح لولاية اليمن.

* بئس ما تقول في خالك... اسمع يا موسى!

- بل قولي يا أمير المؤمنين.

* يا ويحَ البطن الذي حملك!

***

• اجتمع موسى الهادي بكل قادته وكبار رجاله، وطرح عليهم سؤالاً:

- هل أنا خيرٌ أم أنتم؟

فقال له الفضل بن الربيع: بل أنت يا أمير المؤمنين.

فطرح سؤالاً آخر: فأيُّما... أمي أو أمهاتكم؟

فأجابه الجميع: بل أمك يا أمير المؤمنين.

فقال لهم: فأيكم يحب أن يتحدث الرجال بخبر أمه؟

فأجابوا: ما أحد منا يحب ذلك يا أمير المؤمنين.

فردّ عليهم بعصبية وحدّة: فما بال الرجال منكم يأتون أمي فيتحدثون بحديثها ويتقدمون إليها بشكواهم؟! أقسم بالله لو فعلتم ذلك بعد الساعة لوطئت أعلاكم بقدمي.

***

بعد أن حجَّم المهدي هيمنة الخيزران، يذكر المؤرّخون محاولاتها بإرسال دجاج مسموم إلى ولدها، وعن أرزٍ مسموم أرسله الابن لوالدته.

***

ولكن لما تولّى ولدها هارون الرشيد الخلافة، لم تجد الخيزران ما يحفّزها على التدخل في شؤون إدارة دفّة أمور الخلافة، فهارون كان نمطاً آخر من الخلفاء، إذ جعلها تكتفي بالفخر والاعتزاز بكونها أمًّا له... وكان يفخر بأن يُقال له ابن الخيزران.

• وظلت تعيش على أمجادها السابقة إلى أن رقدت رقدتها الأخيرة... ويرنّ في سمعها ما كانت تطرب له من قول الشاعر:

يا خيزران هَناكِ ثم هَناكِ

إن العبادَ يسوسُهم ابناكِ

back to top