الفرعيات دمقرطة العشيرة!‎

نشر في 18-09-2020
آخر تحديث 18-09-2020 | 00:03
 خالد اسنافي الفالح كانت الكويت– قبل هجرة أسر عشيرة العتوب من وسط نجد- تقع تحت نفوذ قبيلة بني خالد.

وتاريخياً تقع هذه الأرض في طريق القوافل التجارية والحج رابطة بين البصرة والإحساء ونجد، هذه الأمصار والدروب التي تسكنها القبائل العربية وتحميها، ومنذ استقرار العتوب، ثم بناء البندر التجاري، أحيتها القبائل المحاذية للكويت والمنطقة إما بالاقتراب من القرية في مواسمها الاقتصادية، أو السكن فيها، حتى استقطبت شعوباً أخرى تركت إقليمها لتجاور إقليمنا العربي، فتأثرت بطبائع القبائل وعاداتهم وانتهجت تقاليدهم وأعرافهم.

وكانت القبائل العربية بمثابة الدول اليوم، لها مواطنوها وحكوماتها وحدودها الجغرافية، تحمي حماها، وتقيم العهود والمواثيق مع جوارها، ترسم خططها الاستراتيجية وتنظم تركيبتها السكانية، وفق فهمهم لواقع زمانهم، ولم يختلف واقع القبيلة العربية كثيراً في ظل الدولة الحديثة، فما زال أفرادها يستوطنون حواضر متقاربة، ومازال تنظيمهم الإداري قائماً، إلا أنه مال باتجاه الشق الاجتماعي مبتعداً عن السياسي، فلم تعد القبيلة دولة كما كانت، ولا شيخها رئيساً لهذه الدولة.

وكما في الخصومة الحربية التي تثير عصبية أفراد القبيلة للاشتراك في اقتصاص الحق لبني العمومة في زمن قديم، كذلك صارت الانتخابات البرلمانية مناسَبة لتحشيد أفراد القبيلة حول مرشحيهم حتّى يضمنوا لهم الحفاظ على حقوقهم التي فرّطت فيها الدولة ونخبها الحاكمة!

في واقعنا السياسي، وفي ثقافتنا العشائرية، لا تكون الانتخابات الفرعية سوى مجاراة قبائلية للممارسة الديمقراطية، فهي (فلتر) يفرز أصحاب القبول عن غيرهم، ويضمن تمثيل كتلتهم الانتخابية في عدد من المقاعد البرلمانية يتناسب ووزنهم الانتخابي، وكل كتلة انتخابية كبيرة، سواءً شريحة اجتماعية أو جماعة سياسية، ستقوم بهذه الممارسة كي لا تفقد تمثيلها البرلماني بسبب توزيع ناخبيها على عدد كبير من المرشحين فيضعف وزنها الانتخابي وتخسر وجودها السياسي، وهذه الممارسة في ذاتها- لولا التشريع الذي جرّمها- ممدوحة كونها من وسائل التنظيم، ولا يعيب عليها قادح إلا من فرط نواياه السيئة التي تريد الإبقاء على الفوضى التي لا تخدم سوى مصالحه وحده!

إحياء قبائل الكويت للانتخابات الفرعية، وبث تفاصيلها في الوسائط الاجتماعية، سيحفّز شرائح اجتماعية أخرى للحذو حذوهم، لمزيد من التنظيم، ولضمان التمثيل السياسي لهم، المأخذ الوحيد على هذا الأمر، أن مجلس الأمة كونه شطر السلطة التشريعية، ومصنع القوانين، ليس هو المكان المناسب لتمثيل الشرائح الاجتماعية! إنما هو مكان تمثيل البرامج والأفكار السياسية فقط.

back to top