هكذا تحوّل جاريد كوشنر من محامي طلاق إلى وسيط زيجات!

أي شيء يجعل الشرق الأوسط أكثر شبهاً بالاتحاد الأوروبي وأقل شبهاً بسورية هو أمر جيد

نشر في 17-09-2020
آخر تحديث 17-09-2020 | 00:04
الصحافي الأميركي المخضرم توماس فريدمان
الصحافي الأميركي المخضرم توماس فريدمان
كتب الصحافي الأميركي المخضرم توماس فريدمان في مقاله بصحيفة "النيويورك تايمز" أن مستشار رئيس الولايات المتحدة وصهره جاريد كوشنر تحوّل من محامي طلاق إلى وسيط للزيجات.

ويقرّ فريدمان، الذي غطى الدبلوماسية

العربية ـــ الإسرائيلية أكثر من 40 عاماً، بأن اتفاقات التطبيع الموقعة أمس الأول بين إسرائيل والإمارات وإسرائيل والبحرين جاءت بطريقة غير عادية، لكنها تكشف أموراً كثيرة.

وشرح كلامه من خلال تشبيه ما حصل بمسلسل تلفزيوني، قائلاً: "يبدو الأمر كما لو أن كوشنر كان محامياً شرع في ترتيب الطلاق بين الزوجين، السيدة إسرائيل والسيد فلسطين". وخلال الإجراءات اكتشف أن "السيدة" إسرائيل و"السيد" فلسطين كانا غير متوافقين لدرجة أنهما لم يتمكنا من الجلوس في غرفة معاً، ولا وافقا على خطته للانفصال.

وخلال الإجراءات، اكتشف كوشنر أن إسرائيل على علاقة مع الإمارات المستاءة من علاقة سيئة مع "السيدة" إيران. لذلك، توقف كوشنر عن محاولة ترتيب الطلاق بين "السيد" فلسطين و"السيدة" إسرائيل واستغل بدلاً من ذلك المصلحة المشتركة بين إسرائيل والإمارات للزواج - فضلاً عن المصلحة الذاتية للرئيس ترامب.

ومع ذلك، يلفت فريدمان إلى أن واقع أن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل والبحرين واسرائيل بدأ بسبب فشل الدبلوماسية الفلسطينية- الإسرائيلية لإدارة ترامب، لا يقلل أهميته.

والقاعدة في رأيه تقوم على أنه في الشرق الأوسط تحصل تغيرات كبيرة عندما يقوم اللاعبون بأمور صحيحة لأسباب خاطئة. وما حصل هو الشيء الصحيح برأيه.

فقد وقّع كل من مصر والأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل لإنهاء حالة الحرب بينهما، لكن التجارة والسياحة والاستثمارات المتبادلة كانت محدودة. وتقوم إسرائيل والإمارات وإسرائيل والبحرين بتطبيع العلاقات بينهما لأنها تريد تجارة وسياحة واستثماراً، وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية ضد إيران. ومن الواضح أن السعودية باركت كل ذلك من خلال السماح لشركة طيران "العال" الإسرائيلية بالتحليق عبر المجال الجوي السعودي ذهاباً وإياباً إلى البحرين والإمارات.

ويلفت فريدمان إلى أنه لا يمكن رؤية مثل هذه الأمور كل يوم في الشرق الأوسط. وفي رأيه أن أي شيء يجعل الشرق الأوسط أكثر شبهاً بالاتحاد الأوروبي وأقل شبهاً بالحرب الأهلية السورية هو أمر جيد.

آلاف الخطايا

ومع ذلك، يستدرك بأن ترامب وكوشنر ارتكبا آلاف الخطايا "ولكن هذا الاتفاق ليس واحدا منها".

ومع أنه يمتنع عن التنبؤ بالطريقة التي ستتطور بها الأمور، يقول: "عندما تقرر الإمارات، الدولة العربية الأكثر تقدماً وعولمة من الناحية التكنولوجية، التعاون مع أكثر الدول غير العربية تقدماً من الناحية التكنولوجية والعولمة في المنطقة وهي إسرائيل، أتوقع ظهور طاقات جديدة وشراكات جديدة جيدة للعلاقات الإنسانية بين العرب والإسرائيليين واليهود والمسلمين".

وإذا نجحت هذه العملية، فإنها ستخلق، في رأي فريدمان، نموذجاً بديلاً لمحاكاة نموذج المقاومة الإيرانية الذي ساعد فقط على ظهور دول فاشلة في لبنان وسورية وغزة والعراق وإيران.

التوقيت

أما عن توقيت هذه الاتفاقات، فيقول فريدمان، أولاً، لأن أميركا تقلّص بشكل حاد وجودها العسكري في الشرق الأوسط، ونتيجة لذلك، يتم تشكيل تحالفات جديدة لملء الفراغ. وهناك المحور الشيعي بين إيران و"حزب الله" في لبنان وسورية وأجزاء من العراق واليمن. وهناك تحالف تركي ـــ قطري. ومواجهة كلاهما هو بهذا المحور الضمني الجديد بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسعودية، جنباً إلى جنب مع المحور السني المعتدل العراقي والمصري والأردني.

وثانياً، منذ "الربيع العربي" وانهيار أسعار النفط والارتفاع المفاجئ في أعداد الشباب العربي، أدركت الدول العربية السنية المعتدلة أنها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بشرعيتها من خلال المزايدة على بعضها البعض بشأن القضية الفلسطينية وتقديم وظائف حكومية وإعانات.

ويعتمد الاستقرار المستقبلي لهذه الدول على تزويد الشباب بالأدوات التعليمية والعلاقات التجارية والترابط العالمي - والتعددية الدينية والتعليمية - التي يحتاجون إليها لتحقيق الازدهار.

استقرار الدول العربية السنية المعتدلة بات يعتمد على تزويد الشباب بالأدوات التعليمية والعلاقات التجارية

الاتفاق الإسرائيلي ـــ الإماراتي ـــــ البحريني محاولة لتشكيل تحالف يملأ فراغاً أحدثه تقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة

اتفاق إبراهيم قد يساعد على خلق نموذج بديل لـ «المقاومة الإيرانية» التي أنتجت دولاً فاشلة في لبنان وسورية وغزة والعراق وإيران
back to top