انفجار ميناء بيروت أصاب «كعب أخيل» لبنان

انكماش الناتج المحلي قد يصل إلى 25%

نشر في 09-08-2020
آخر تحديث 09-08-2020 | 00:00
بات من الممكن الآن أن ينكمش الاقتصاد اللبناني، المكروب بالفعل من الانفجار الذي دمر ميناءه الرئيسي، بمثلي المعدل المتوقع سابقاً للعام الحالي، مما سيزيد صعوبة تدبير التمويل، الذي يحتاج إليه البلد للوقوف على قدميه من جديد.

يقول الاقتصاديون إن انفجار الثلاثاء، الذي ألحق أضرارا بأجزاء كبيرة من المرافق التجارية لبيروت، قد يفضي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي نحو 20 إلى 25 في المئة هذا العام، ليتجاوز بكثير توقعا حديثا من صندوق النقد الدولي لتراجع نسبته 12 في المئة بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية المتفاقمة.

وتشير تقديرات المسؤولين اللبنانيين إلى أن الخسائر الناجمة عن الانفجار، الذي أودى بحياة 150 شخصا وأصاب الآلاف، فضلا عن تشريد عشرات الآلاف، قد تصل إلى مليارات الدولارات.

كانت أزمة مالية أجبرت لبنان بالفعل على الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد في مايو من العام الحالي، بعد أن تخلف عن سداد ديونه بالعملة الصعبة، لكن تلك المحادثات تعثرت في غياب الإصلاحات.

ويقول المحللون إن الانفجار يسلط الضوء على إهمال الإدارة اللبنانية، ويفرض مزيدا من الضغوط على الحكومة للتعجيل بالإصلاحات كي تحصل على المساعدة الضرورية لإعادة بناء الاقتصاد.

ورغم إبداء التعاطف الواسع مع لبنان هذا الأسبوع، فقد لوحظ غياب أي التزامات بتقديم المساعدة حتى الآن، عدا عن الدعم الإنساني الطارئ.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الخميس، بينما كان يتفقد الدمار الذي أصاب مرفأ بيروت: "في حالة عدم تنفيذ إصلاحات، فإن لبنان سيستمر في الغرق".

وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: "من المستبعد جداً أن يتمكن لبنان من تدبير التمويل الذي يحتاج إليه للتغلب على مشاكله الاقتصادية العميقة. بعض الشركاء قد يبدون ترددا في تقديم الدعم نظرا للدور المؤثر لحزب الله المدعوم من إيران داخل الحكومة".

بلغت الأزمة المالية اللبنانية مرحلة حرجة في أكتوبر الماضي في ظل تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع احتجاجات ضد الفساد وسوء الإدارة، بينما حدت أزمة في العملة الصعبة البنوك لفرض قيود صارمة على سحب السيولة وتحويل الأموال إلى الخارج.

جدد الانفجار الضغط على الليرة اللبنانية، التي جرى تداولها بنحو 8300 ليرة للدولار في السوق السوداء، عقب الانفجار، مقارنة مع ثمانية آلاف قبله، حسبما قال متعاملون.

ويتوقع الاقتصاديون مزيدا من التآكل في القوة الشرائية للعملة، التي فقدت نحو 80 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر، وسط تضخم فلكي يتجاوز 56 في المئة، مما يؤجج التوترات الاجتماعية.

ويقولون إن الإصلاحات الأشد إلحاحا التي يجب تطبيقها لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد تشمل معالجة عجز الميزانية الجامح وتنامي الديون والفساد المزمن.

وقال باترك كوران، كبير الاقتصاديين بشركة تِليمر للأبحاث في بريطانيا: "نرى أن الانفجار قد يؤخر عملية الإصلاح، في ظل محاولة الحكومة التنصل من المسؤولية، مما سيؤدي إلى تآكل رأس المال السياسي الضروري لإجراء إصلاحات صعبة، لكن الحاجة تشتد لها".

ويقول رجال الأعمال والاقتصاديون إن الميناء أحد أكبر موانئ شرق المتوسط، والذي تتوجه 40 في المئة من شحناته العابرة إلى سورية ومنطقة الشرق الأوسط، فقَد بالفعل إيرادات وأعمالا منذ الانفجار لمصلحة موانئ منافسة، مع قيام شركات النقل البحري بتحويل اتجاه شحنات.

وقال جواد العناني، الاستشاري الاقتصادي الإقليمي والوزير الأردني السابق: "اتضح أن الميناء هو نقطة ضعف (لبنان)... الاعتماد عليه كان أكبر مما ينبغي، لذا عندما لحقه الدمار اتضح أنه كان كعب أخيل".

يقول كمال حمدان، مدير مؤسسة البحوث والاستشارات في بيروت: "النظرة المستقبلية تبعث على الاكتئاب في ظل الصراعات الدائرة بين طبقة سياسية غير متوافقة على سبيل للخروج من الأزمة، وغير مستعدة لتناول الدواء المر".

back to top