إشكالية التعليم في زمن كورونا

نشر في 23-07-2020
آخر تحديث 23-07-2020 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان لم يحدث جدل في الساحة الكويتية مثلما حدث هذه الأيام حول كيف يكون التعليم في ظل جائحة كورونا، تعالت الأصوات من كل صوب، منها من يطالب باستئناف الدراسة، ومنها من طالب بإنهاء العام الدراسي والاكتفاء بما حصله الطلاب بالجزء الذي انتهى من العام الدراسي، وهناك من طالب بتعليم الطلاب عن بعد عبر المنصات الإلكترونية، وطال الأخذ والرد والتجاذبات إلى أن صحت وزارة التربية من غفوتها، وأصدرت قراراتها بإنهاء العام الدراسي لجميع مراحل التعليم العام بإنجاح الطلاب فيما عدا الصف الثاني عشر الذي اشترط فيه استكمال الدراسة عن بعد بما فيها التقييم النهائي، ومع تجاوز كل الانتقادات التي وجهت لوزارة التربية بسبب قرارها المتأخر، والذي ترك الطلاب لشهور من الفراغ، وجار على طلاب الصف الثاني عشر، لما قد يضيع عليهم فرص الالتحاق بالجامعات التي يختارونها في الوقت المناسب. وسارت مؤسسات التعليم العالي على نفس المنوال باتخاذ التعليم عن بعد وسيلة لاستكمال العام الدراسي اعتبارا من 9-8-2020. وبغض النظر عن كل ما قيل ويقال عن إجراءات إنهاء العام الدراسي الحالي بإيجابياتها وسلبياتها، إلا أنه واقع فرض علينا في ظرف استثنائي وفي ظل وباء داهم العالم ولا أحد يعرف خفاياه ومداه. ولكن المشكلة تكمن في العام الدراسي القادم، والذي غالبا سيكون تحت رحمة استمرار الوباء، كل المؤشرات تؤكد أن الدراسة في العام الدراسي القادم ستكون عن بعد، وهنا مكمن الخطورة، بعد أن اتضحت الصورة بالنسبة لمدى خطورة الوباء وكيفية التعامل معه والوقاية منه. لماذا التعليم عن بعد خاصة في التعليم العام مع كل الصعوبات التي نعلمها بالنسبة للطلاب وكيفية حصولهم على الإمكانيات اللازمة لهذا النوع من التعليم من حيث توفر الأجهزة اللازمة والبيئة التي يتطلبها التعليم عن بعد بالنسبة للمعلم والطلاب، إضافة إلى صعوبة تعامل الطلاب مع البرامج الخاصة بالتعليم عن بعد وحاجتهم إلى من يكون إلى جانبهم من أولياء الأمور أثناء الدراسة، وفي ذلك الوقت سيكون أولياء الأمور منتظمين في وظائفهم، والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يريد المجتمع من تعليم الأبناء؟ هل مجرد إيصال المعلومات ولو بشكل جامد؟ أم يريد التعليم بمفهومه الشامل الذي يتضمن التربية واكتساب القيم والمهارات والخبرات والمعلومات في بيئة صحية؟ لن يتحقق ذلك حتما من خلال التعليم عن بعد، إضافة لغياب البعد الإنساني الاجتماعي بعدم وجود التواصل الحي مع المدرسين والزملاء.

إذن بعد أن تعرف العالم على طبيعة الوباء ومدى خطورته وكيفية الوقاية منه وطرق علاجه، لماذا لا نتكيف مع الواقع ونعيد افتتاح المدارس بعد تعقيمها وتوفير مستلزمات الوقاية وإعادة ترتيب الفصول الدراسية، بحيث يتحقق التباعد الجسدي بين الطلاب، وتقسيم الفصل الواحد إلى شعبتين يكون دوامهما على فترتين مع تخفيف المناهج وتقليل عدد الحصص وتقليل مدة الحصة، مع إلزام الطلاب بمراعاة إجراءات الوقاية وارتداء الكمامات.

مهما كانت سلبيات دوام الطلاب في المدارس فإنها لن تكون بحجم سلبيات التعليم عن بعد، فوجود الطلاب في المدارس يتيح لهم التفاعل الحي مع مدرسيهم وزملائهم ويكتسبون القيم التربوية الإيجابية والمهارات والخبرات إلى جانب المعلومات. فهل تفعلها وزارة التربية أم تنتظر حتى "تقع الفاس في الراس"، وتتضح استحالة نجاح التعليم عن بعد؟

back to top