سدانيات: اشرب من البحر!

نشر في 17-07-2020
آخر تحديث 17-07-2020 | 00:09
 محمد السداني إذا جلست منصتا لكل الأخبار التي تدور حول الكويت وموقفها الحالي في الاقتصاد والتعليم والإسكان والصحة فستقف مشدوها ومذهولا من هول ما ستسمع، والأدهى أنَّ كل ما ستسمعه ليس جديدا ولا وليد هذه اللحظة التي نتحدث فيها عن الكويت وعن الفساد الذي يضرب أطنابها، ولن تصدق أنَّ شعراء مثل فهد بورسلي وصالح النصرالله وغيرهم كتبوا قصائد في حال الكويت سابقا وكأنهم يتحدثون عن مشاكلنا في الوقت الحالي! وهذا مؤشر لذوي الألباب ينبئ أنَّ بائع الماء وراعي الغنم قديما لم يكونا السبب في تردي الأوضاع، ولم يكن الغاصة ولا البحارة سببا في هذا الفساد! إنَّ الفساد الذي تحدث عنه القدماء والمحدثون في الكويت تنامى وكبر حتى صار وحشا يأكل الأخضر واليابس دون أن يراعي حلالا ولا حراما ولا أخلاقا ولا حقا لهذا الوطن الذي يستغيث، صباح مساء، يبحث عن منقذ.

جلس المنظّرون في الكثير من الحقب السياسية وبدأوا يرمون المعارضة بتهم تعطيل التنمية وإشاعة الفوضى والخراب في البلد حتى أُقصي كل معارض قديم أو جديد إلى مشارق الأرض ومغاربها، تاركين المشهد للمصلحين الذين سيحولون الكويت إلى مرافئ الذهب والفضة، ولكن "رمية" لاتزال على عادتها القديمة، لم تكن هناك تنمية لتقف ولم يكن هناك تطور ليتقهقر، هم أزعجوهم وهم يحاولون أكل نصيبهم من هذا الوطن الذي لم يبخل على صغيرهم قبل كبيرهم بأي شيء!

كنا نسمع سابقا عن سرقات ورشا بالملايين، ولكن اليوم اختلفت الأرقام وطمعت النفوس فباتت السرقات بمئات الملايين وربما تصل إلى المليارات دون أن نجد من ينتفض لهذا الوطن الذي مزقه الطامعون خذلانا وخيبة وسرقة وانتهازا، والأدهى أن صرخات الإصلاح التي يتفوه بها الدكتور والدكتوره هنا وهناك ما هي إلا وسيلة للقفز في عربة السلطة المسرعة التي يصدق فيها المثل "من صادها عشى عياله"، بيد أن العشاء طال والعيال كثر والنفط الذي يتقاتلون عليه قديما شيئا فشيئا يسير نحو عدمية القيمة! إن الكويت اليوم هي مشهد أخير في فيلم السلطة الممل الذي أخرجه ممثل فاشل وكتبه كاتب سخيف وأنتجه منتج بخيل، فإما أن نعيد كتابة هذه القصة من البداية بيد من يستحقها أو على الكويت والمشاهدين السلام، فعلى الشعب مسؤولية جسيمة في الحفاظ على الوطن بمفهومه الحقيقي كوطن مستدام لأجيال قادمة وأجيال حالية، فلا يمكن أن يجلس الناس يندبون حظهم دون أن يتقدموا خطوة واحدة في طريق الإصلاح الذي لم يكن سهلا يوما ما.

خارج النص:

- الكويت فيها متناقضات لا يمكنك تخيلها، أول دولة بدأت التعليم في الخليج والوحيدة التي توقفه في العالم، الدولة الوحيدة الديمقراطية في الخليج والأخيرة في كل تصنيفاته، تعتبر الكويت دولة بحرية ولا توجد واجهة بحرية إلا تقبع تحت أملاك خاصة ومنتجعات ومنشآت نفطية.

- قالها مسؤول قديما "إذا مو عاجبتك الديرة اشرب من البحر" فقلت له شاليهاتك أنت وأهلك ما تركت لنا مجالا لنشرب منه!

back to top