أسئلة تنتعش في ظل الأزمات... من أين نأتي بالمياه؟

نشر في 13-07-2020
آخر تحديث 13-07-2020 | 00:08
ماذا لو حدث تلوث في مياه الخليج العربي واستمر فترة زمنية طويلة؟ وكيف نشرب إذا توقفت مصانع التحلية لأي سبب كان فالمياه لا تكفي أكثر من 10 أيام بحسب تقديرات الخبراء؟ وما الخيارات المتاحة في هذه الحالة؟
 حمزة عليان - كيف ستتصرف الكويت إذا ما توقفت محطات التحلية عن العمل؟

- ماذا لو حدث تلوث في مياه الخليج العربي واستمر فترة زمنية طويلة؟ وكيف نشرب، علما أن ما يعادل 20 مليون برميل نفط فقط تلقى سنويا في مياه الخليج من مخلفات السفن والمصانع والمجاري؟

- لنفترض أن مفاعل بوشهر النووي تعرض إلى حادث وأدى إلى تسرب إشعاع نووي فماذا نحن فاعلون؟

- إذا توقفت مصانع التحلية لأي سبب كان فالمياه لا تكفي أكثر من 10 أيام بحسب تقديرات الخبراء، فما الخيارات المتاحة في هذه الحالة؟

أسئلة مطروحة تنتعش في ظل الأزمات ومن وحي نكبة كورونا التي لم يكن أحد يتوقعها من قبل، هذه الأسئلة نصوغها في أسوأ السيناريوهات إذا وقعت، لا سمح الله، لذلك يذهب خبراء الأمن المائي إلى وضع البدائل حيالها.

وهذا ما نعثر عليه لدى المهتمين بالشأن المائي ومستقبله، وكذلك بالشأن البيئي، كما فعل الناشط ومؤسس جماعة الخط الأخضر السيد خالد الهاجري، الذي رسم "سيناريو أزمة" ووضع فرضياتها وانتهى إلى السؤال: من أين سنأتي بالماء؟

بحسب ما توصل إليه هناك خياران يمكن اللجوء إليهما:

الأول بواسطة خطوط نقل للمياه، وعبر ثلاثة مسارات: المسار السعودي، الزور– ينبع، والمسافة 1190 كلم، المسار الإيراني الزور- بندر جاسك والمسافة 1185 كلم، المسار الخليجي الزور– الفجيرة والمسافة 1155 كلم.

والثاني عبر نقل المياه وتخزينها بواسطة سفن ضخمة مخصصة لهذا الغرض على غرار سفن نقل النفط والغاز التي تجوب البحار والمحيطات.

يبدو أن الخيار الثاني هو الأقرب للتنفيذ من حيث إمكانية تطبيقه على الأرض، فنقل المياه من الدول الغنية والمصدرة لهذه الثروة بات أمراً طبيعياً، وهناك دول في أوروبا سبقت المنطقة الخليجية والعربية في ذلك، والفكرة هنا مرتبطة بالدرجة الأولى بالأمن المائي في حالة وقوع الكوارث، لا قدر الله، واستئجار سفن عملاقة لجلب المياه، أو تعبئتها في خزانات تقام في عرض البحر، وظيفتها الاستراتيجية دعم المخزون الاستراتيجي وزيادة الاستهلاك على المياه، ففي أزمة كورونا التي ما زلنا نعيش تحت رحمتها زاد الطلب على المياه، كما ذكر المدير التنفيذي لمركز الأبحاث العلمية د.محمد الراشد، حيث بلغ 5 ملايين متر مكعب، نتيجة تأثير الفيروس، بسبب غسل اليدين واستخدام المياه داخل القطاع السكني!

البحث في حالتي الطوارئ والكوارث يكون في إيجاد مصادر أخرى للمياه، بخلاف التحلية من مياه البحر والتخزين الاستراتيجي، لاسيما أن مياه الخليج تتغير من حيث تركيز الأملاح والملوثات، ولهذا لا تكفي التحلية لسد الحاجة.

المياه سلعة استراتيجية تدخل في مسار الأمن القومي للدول، وكما يتم التعامل بالنفط بين دول مصدرة وأخرى مستهلكة، كذلك الحال بالمياه، هناك دول غنية ولديها فائض تبيع المياه لمن يشتريه.

وبحسبة التكلفة المالية فإن كلفة المتر المكعب من مياه التحلية يصل إلى 30 دولاراً في حين أن كلفة نقله بواسطة السفن قد تصل إلى أقل من نصف هذا المبلغ، علماً أن الفرد في الكويت يستهلك 500 ليتر يوميا وهو من بين الأعلى في العالم، في حين الدولة من ضمن أفقر الدول في العالم بموارد المياه.

في هذا السياق يطرح البعض فصل إنتاج المياه عن توليد الكهرباء من باب تقليل التكلفة المالية الباهظة على حكومات دول الخليج العربي، فالتخطيط والنظر إلى المستقبل يحتاجان إلى الأخذ بتجارب الشعوب والدول، والكويت كانت من الأوائل في نقل المياه العذبة من شط العرب لسد احتياجات الناس، والمؤسسون الأوائل عاشوا عشرات السنين دون مياه، وعندما تقع مشلكة في شط العرب كانوا يعوضونها بأسلوب آخر، ببناء برك للمياه وسط الأحواش، ومن النادر أن تجد بيتاً بدون "بركة" تتجمع فيها مياه الأمطار والتي تصل إليها من خلال "المزاريب"، وكانت أشبه بالمخزون الاستراتيجي، والآن يطبقون الطريقة نفسها في أستراليا، كما يقول ويروي أحد العارفين فيها، فالمزاريب يتم إيصالها إلى خزانات تحت البيوت، بدلاً من صرفها مع المجاري.

وبعيداً عن "سنة السطل" كما يسميها البعض، أي سنة 2019 عندما تفتقت عبقرية أحدهم الاستعانة بالسطل لغسل السيارات وعدم استخدام "الهوز" لترشيد الهدر بالمياه، نحتاج حقيقة إلى استشعار المخاطر التي قد تحدث نتيجة وقوع كارثة، لا سمح الله، تؤدي إلى كوارث أخرى غير متوقعة أو محسوبة، فالتغير المناخي سيحدد مصير المنطقة العربية وسيؤثر في الموارد المائية يصورة أو بأخرى.

ولو ألقينا نظرة فاحصة على التغيير الذي سيحدثه الارتفاع بدرجة حرارة الأرض، كما يصورها مؤسس أول بنك للمياه في العالم، السيد رشاد الشوا، لأدركنا حجم المخاطر التي ستتعرض إليها منطقة الخليج العربي، لذلك يربط التغير المناخي بالأداء الاقتصادي ككل، وتأثيره سيمتد إلى الزراعة والنمو والهجرات، وربما إلى حدوث نزاعات في مناطق قد تتعرض إلى الجفاف، من هنا تأتي فكرة البنك بدعم وتمويل كل المشاريع المتعلقة بقطاع المياه على المستوى الدولي وقطاع المشاريع المتعلقة بتكنولوجيا المياه، وبالدرجة الأولى القيام بنقل المياه عبر سفن عملاقة مبنية لهذا الغرض.

لو ألقينا نظرة فاحصة على التغيير الذي سيحدثه الارتفاع بدرجة حرارة الأرض لأدركنا حجم المخاطر التي ستتعرض لها منطقة الخليج العربي
back to top