لماذا ننام؟

نشر في 09-07-2020
آخر تحديث 09-07-2020 | 00:01
لماذا ننام؟
لماذا ننام؟
النوم جزء أساسي من دورة الحياة اليومية بالنسبة إلى معظم الحيوانات والكائنات، بما في ذلك البشر. لكن حين ينام الحيوان، سيصبح عاجزاً عن الدفاع عن نفسه في وجه المخاطر. ما الذي يجعل النوم ضرورياً إذاً لدرجة تدفعنا إلى أخذ هذه المجازفة؟

تؤكد الأبحاث القديمة والجديدة على أهمية دور النوم بالنسبة إلى مختلف جوانب الصحة.

اكتشفت أحدث الدراسات أن التنعم بالنوم ليلاً قد يدعم صحة الأوعية الدموية، حتى أن النوم قد يقوي جهاز المناعة ويحمي الناس من اضطرابات أيضية مثل مرض السكري.

يمضي البشر ثلث حياتهم تقريباً في النوم، لكن ما الذي يجعل النوم مهماً لهذه الدرجة؟

تكون المدة التي نخصصها للنوم مرادفة للوقت الذي يتسنى فيه للحيوانات المفترسة في الطبيعة أن تقوم بهجومها، من دون أي رادع، لأن النائم يكون هدفاً مثالياً في هذه الظروف. لماذا نأخذ جميعاً هذه المجازفة إذاً؟

كشفت دراسة جديدة أجراها علماء في جامعة “بار إيلان” عن عامل أساسي قد يفسّر أهمية النوم ويرتبط بأثره التصحيحي في الخلايا الدماغية الفردية.

نشر فريق البحث، بقيادة الأستاذ ليور أبلبوم، النتائج الجديدة في مجلة “تواصل الطبيعة”.

فرصة لمداواة الخلايا الدماغية

في هذه الدراسة، استعان الباحثون بأسماك الزرد، علماً أن العلماء يستعملونها في أبحاثهم في حالات كثيرة لأنها تشبه البشر على نحو مفاجئ. يمكن إيجاد حوالى %70 من الجينات البشرية في هذا النوع من أسماك المياه العذبة أيضاً.

استعمل العلماء تقنية تصوير ثلاثية الأبعاد لتحليل آثار النوم على مقياس مجهري ورصدوا طريقة تأثيره على الخلايا العصبية الفردية أو الخلايا الدماغية.

سمحت تلك التكنولوجيا عالية الدقة لأبلبوم وفريقه بمراقبة حركة الحمض النووي والبروتينات داخل الخلايا الدماغية.

فاكتشفوا أن الخلايا العصبية الفردية خلال النوم تمكنت من صيانة النواة، أي العنصر المحوري في كل خلية، علماً أنه يشمل معظم المواد الوراثية الخاصة بالخلية.

حين بدأت النواة تتدهور، تضررت معلومات الحمض النووي التي تحتويها أيضاً، وقد تؤدي هذه العملية إلى تسريع الشيخوخة ونشوء الأمراض وإضعاف الوظائف العامة لأي عضو أو نسيج.

أوضح الباحثون أن الخلايا العصبية أثناء النوم تحصل على فرصة التعافي من الضغوط التي جمعتها على مر اليوم و”تصلح” أي ضرر لحق بها.

زيادة دينامية الكروموسومات

خلال اليقظة، يقول العلماء إن مستوى دينامية الكروموسومات يكون أقل مما هو عليه أثناء النوم، ما يعني أن الخلايا الدماغية تعجز عن صيانة الحمض النووي بالشكل المناسب. شبّه أبلبوم هذا الوضع بوجود “مطبّات على الطريق”: “تتراكم المصاعب والمشقات على الطرقات، لا سيما في ساعات الذروة نهاراً، وسيكون إصلاحها بفاعلية مناسباً خلال الليل، أي حين تكون حركة السير خفيفة”.

تُعتبر هذه العملية محورية للحفاظ على صحة الدماغ، لذا قد تفسّر السبب الذي يجعل مختلف الكائنات، بما في ذلك البشر، مستعدة لتخصيص هذا الوقت كله للنوم، رغم المخاطر التي تتعرض لها في الطبيعة.

يوضح أبلبوم: “لقد اكتشفنا رابطاً سببياً بين النوم ودينامية الكروموسومات والنشاط العصبي وتضرر الحمض النووي وإصلاحه من جهة، والتأثير الفيزيولوجي المباشر على الجسم كله من جهة أخرى. يسمح النوم بتقليص أضرار الحمض النووي المتراكمة في الدماغ خلال ساعات اليقظة. رغم احتمال تراجع مستوى الوعي للبيئة المحيطة، تضطر الحيوانات، التي تتراوح بين قناديل البحر وأسماك الزرد والبشر، للنوم من أجل السماح للخلايا العصبية بصيانة الحمض النووي بفاعلية، ولهذا السبب على الأرجح تطور النوم ولا يزال قائماً في مملكة الحيوان”.

back to top