ظاهرة الخوف من المغردين

نشر في 01-07-2020
آخر تحديث 01-07-2020 | 00:08
 د. عبدالمحسن حمادة قال الأفوه بن عمرو بن مالك الأودي:

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم

وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا

تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت

فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ

المجتمعات البشرية بحاجة إلى قيادة حكيمة تقودها للخير والصلاح، أما إذا تولى الأشرار القيادة فسيقودونها للدمار والخراب، وكما يقول المثل العربي: "إذا كان الغراب دليل قوم، فسيهديهم إلى الأرض الخراب".

أقول هذه المقدمة تعليقا على ظهور مجموعة من المغردين الكويتيين، الذين قدموا أنفسهم على أنهم علماء وخبراء بمشاكل الدولة بالرغم من ثقافتهم المحدودة، وبدؤوا ينتقدون بعض المسؤولين، وهناك مسؤولون يتخوفون من النقد، لذلك بادروا بترضية المغردين، لذا يرى البعض أن التغريدات تحولت إلى مشروع استرزاق.

ومن المشاكل التي أثارها المغردون احتقارهم للوافدين زاعمين أنهم تسببوا في حرمان الكويتيين من الوظائف، وتفند الإحصاءات هذه المزاعم، فمن خلال تتبعنا للأعمال التي لا يرغب الكويتيون العمل فيها نجد أن هذه الأعمال يشغلها أكثر من مليون ونصف المليون فرد من غير الكويتيين، أي أكثر من عدد الكويتيين قاطبة، فكيف يدعي هؤلاء المغردون أن بعد كورونا سيكون الوضع مختلفا عما قبله، سيكون لهم نفوذ في الدولة وأهم مشكلة عندهم تعديل التركيبة السكانية ليصبح الكويتيون هم الأكثرية.

هذا دليل على سطحية وسذاجة في فهم المشكلة فضلا عن معالجتها، وأنهم لم يكلفوا أنفسهم الاطلاع على الجهود التي بذلت لمعالجة هذه المشكلة، بأن الخلل في التركيبة السكانية خضعت لدراسات منذ أكثر من 60 عاما في مجالس التخطيط السابقة، وأشار بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق في تقرير له 2009 إلى أن الكويت من أفضل الدول التي تمكنت من تحليل مشاكلها، وينقصها السرعة في اتخاذ القرار، فالكويت ليست بحاجة لمغردين يعرفونها بمشاكلها، والدولة التي تخضع لرأي المغردين لا تستحق أن تسمى دولة.

ومما لفت نظري في كلام المغردين ما يوجهونه من كلام سيئ ومبتذل لشعب مصر وحكومتها، ولو كان في قلوبكم ذرة من إيمان وحب للعروبة لما تفوهتم بهذا الكلام السيئ، مصر منذ أن دخلت الإسلام في عهد الخليفة عمر نذرت نفسها لخدمة العروبة والإسلام، لم يكن الإسلام دينها ولا اللغة العربية لغتها، تعلموا الإسلام واللغة العربية ثم أصبحوا أساتذة في تعليم الإسلام واللغة العربية ونشرهما وخاضوا حروبا للدفاع عن العروبة والإسلام. وبالنسبة إلى الكويت في 1942 أرسلت مصر مدرسين للتدريس فيها، بحيث تدفع الكويت 50 روبية للمدرس 4 دنانير، وتكفلت الحكومة المصرية بدفع باقي المرتب لكي لا ينقص راتبه عن الراتب الذي يتقاضاه في مصر، كما استضافت مصر مجموعة من شباب الكويت لاستكمال تعليمهم الثانوي والجامعي على نفقة الحكومة المصرية. كانت مصر في تلك الفترة غنية وكانت ترى لزاما عليها مساعدة الدول العربية والإسلامية الفقيرة، فلماذا هذا الهجوم الممنهج على شعب مصر وحكومتها؟

إذا أساء مغرد مصري إلى الكويت فمن الخطأ أن يسيء المغردون إلى شعب مصر وحكومتها، ويدعون أنهم مدعومون من أطراف من السلطة، والسلطة الكويتية نعرفها جيدا جميع من فيها محبون للعروبة والإسلام، وحرصوا أن ينص دستورنا على أن الكويت جزء من الأمة العربية والإسلامية، وبعد التحرير لما ظهر اتجاه يطالب بمقاطعة دول الضد، رفض صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وكان حينها وزيرا للخارجية أن نقابل الإساءة بالإساءة مفضلا تحسين العلاقات مع جميع الدول، نأمل أن يصدر موقف من الحكومة لوقف هذا العبث.

back to top