رياح وأوتاد: رسالة من صديق... «وعندنا سيولة وإلا ما عندنا؟»

نشر في 29-06-2020
آخر تحديث 29-06-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر وصلتني من الأخ العزيز حمد العبيد الرسالة التالية:

"إلى الأستاذ الفاضل أحمد باقر حفظكم الله،،،

أتابع كما يتابع الكثيرون المقالات القيمة التي تكتبها خاصة في مجال الدفاع عن المال العام ومكافحة الفساد وإصلاح الخلل في كثير من المجالات مثل التركيبة السكانية والإصلاح الاقتصادي.

وقد لاحظت مؤخراً أن هناك من ينقل بعض العبارات من مقالاتكم مبتورة، وقد تكون ناقصة المعنى، مثل من يقول "لا تقربوا الصلاة" ويسكت، وللأسف الشديد مع سرعة وسائل الإعلام الحديثة وقنوات التواصل الاجتماعي تنتشر انتشار النار في الهشيم، فقد يساء فهمها وتتسبب بلغط وإساءة لشخصكم الكريم.

لذلك فلدي رسالتان أود أن أنبه عليهما: الأولى هي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا" وهي ضرورة التثبت من الأخبار قبل تداولها.

قال ابن تيمية رحمه الله: "وكثير من الناقلين ليس قصده الكذب، لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس، وسائر ما به يعرف مرادهم، قد يتعسر على بعض الناس ويتعذر على بعضهم".

وهذا هو واقع الحال اليوم مع حسن ظننا بكثير ممن ينقل الأخبار، فقد يكون قد فهم الكلام على غير مراده، أو استعجل في نشر خبر لم يتثبت منه، فتحصل النتيجة التي ذكرها الله تعالى: "أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، وفي هذه الآية توجيه مهم أنه يجب على الإنسان أن يتثبت في نقل الأخبار، ولا يتسرع في الحكم على الأشخاص، لأنه قد يندم إن بنى حكمه على خبر باطل.

والرسالة الأخرى أوجهها لشخصكم الكريم وهي قاعدة نبوية استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال للصحابة: "على رسلكم إنها صفية"، وفي هذا الحديث دليل على مشروعية ذب المرء عن عرضه، ودفع التهمة عنه، فهذا أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم دفع عن نفسه ما قد يقع في النفس وأخبر عن المرأة التي كانت معه أنها زوجته. فلذا ندعوكم لبيان توضيح في مقالتكم القادمة لما نشر من كلام مبتور وناقص تم فهمه بعكس مرادكم، وجزاكم الله خيراً... ابنك حمد عادل العبيد".

وبدوري أشكر العزيز حمد على رسالته البناءة وأبين التالي:

قام البعض ببتر مقالي المنشور في جريدة "الجريدة" يوم الاثنين الماضي، ونشر الجزء المبتور على أنه تصريح وبطريقة تخالف الهدف المراد من المقال والتفصيل الوارد فيه، حيث إن المقال كان تعقيباً على تصريح رئيس الوزراء والحكومة بعدم وجود سيولة كافية للرواتب، لذلك طالبت في المقال بناء على ذلك التصريح الحكومة والمجلس بدراسة القوانين والقرارات ذات الكلفة المالية قبل الاستعجال بإقرارها، وضربت الأمثلة من القوانين والقرارات التي أقرها مجلس الأمة والبنوك والحكومة، وكيف يمكن أن تؤدي هذه القرارات إلى ما نشر في بعض وسائل التواصل من سلبيات في الظروف الراهنة، وحسناً فعلت وزارة الصحة بإجراء تحقيق بقرار من السيد الوكيل حول أي ممارسة تمت بدون وجه حق لأنها تسيء إلى الجهود الطبية المخلصة.

ولا تعني دعوتي لدراسة القرارات رفض أي مكافآت لأن مكافأة من يعمل بجد وإخلاص أمر مطلوب، خصوصاً إذا توافرت كل الظروف المناسبة والتوقيت الملائم، وكذلك فإن القوانين المعمول بها تكفل ذلك مثل المكافآت التشجيعية والممتازة وبدل الأعمال الإضافية بالإضافة إلى الترقيات والتكريم المعنوي، مع التركيز كما بينت في المقال على أن الدافع الوطني يجب أن يكون هو الأساس.

ولم يكن في موقفي هذا ما يثير الغضب أو الاستغراب لأن الشعوب الحية تبذل النفس والمال في وقت الشدة والأزمات، وهذا كان دأب الكويتيين دائما، فلم يطالب الذين تطوعوا في الغزو بالمكافآت المالية، كما لم يطالب الذين تطوعوا في جائحة كورونا بالتكريم المادي عندما بدؤوا العمل بكل جهد وإخلاص كل في موقعه، وهذا لا يقلل من دورهم بل يكرمهم ويرفع شأنهم.

وقد كان هذا توجهي نفسه في المجلس، فقد عملت على زيادة إيرادات الدولة فقدمت قانون الزكاة على الشركات وقانون التأمين الصحي على الوافدين وزيادة الإيجارات على أراضي الدولة المؤجرة على الرغم من الاعتراضات على هذه المشروعات، كما حاربت الفساد والهدر وكل ذلك من أجل تقوية وضع الدولة المالي وزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق، مع الاهتمام بالأسرة في قانون إجازة الأمومة، وقانون وقف الرسوم، وقانون صرف العلاوة الاجتماعية وعلاوة الأولاد للعاملين في القطاع الخاص، وهي كلها لمصلحة المواطن، وجهودي في هذا المجال معلومة بحمد الله، والمقال هو استمرار لهذه الجهود.

ولا يخفى على المتابع هذه الأيام تصريحات الحكومة عن عدم وجود سيولة كافية للرواتب، وأيضاً تقديم الحكومة مشروع قانون الدين العام الذي ينص على اقتراض عشرين مليار دينار، وكذلك تنوي الحكومة الآن تقديم مشروع لوقف القانون الذي يقضي باستقطاع 10% من دخل النفط لمصلحة الأجيال القادمة، وكان هذا القانون إنجازا تاريخياً أدى إلى ادخار المليارات التي دفعت فاتورة التحرير والإعاشة وإعادة الإعمار أثناء الغزو البغيض وبعده، وبناء على هذا القرار الحكومي الأخير الذي نتج عن هذه الظروف علقت الصحف أن: "عهد الادخار قد انتهى"، وكذلك يدور جدل عنيف بين بعض وزارات الدولة ولجنة الميزانيات لتوريد أرباح مؤسسة البترول وبعض الجهات المستقلة إلى الحكومة، ويقال إنها لن تكفي إلا لأشهر قليلة، كما أعلنت اللجنة المالية في مجلس الأمة أن المتضررين من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما زالوا ينتظرون الدعم والسيولة التي وعدتهم الحكومة بها منذ أشهر، ولكنها لم تصرف بسبب نقص السيولة، وأيضاً رفضت لجنة التحفيز المنح المالية التي طالبت بها لجنة مكونة من بعض أصحاب المشروعات المتضررة والنائب أحمد الفضل، وأيضاً صرح الاقتصادي جاسم السعدون أن وضعنا الاقتصادي سيئ وليس (مو زين)، وتدرس الحكومة الآن زيادة الرسوم ورفع الدعوم عن بعض الخدمات، وصرح البنك الدولي قبل أيام أن الإصلاح الاقتصادي في الكويت متعثر.

لذلك وبناء على هذه الأخبار يجب أن تكون هذه الصورة التي تشرح الظروف المالية الحالية واضحة أمام الكتاب والمدونين لكي يكتبوا أو يدونوا على علم وبصيرة بدون أي بتر، وبناء على جميع هذه الأخبار أيضاً نطالب الحكومة بأن توضح للشعب حقيقة السيولة الموجودة لديها بكل شفافية، وهل هي عاجزة فعلاً عن تغطية كل هذه المصروفات؟ وإذا كانت السيولة قاصرة فعلاً فما الخطوات التي تنوي عملها لتوفير السيولة وتلبية هذه الطلبات المتزايدة؟

أخيراً أرجو أخي حمد أن يكون في هذا ما يكفي من الإيضاح لكل من قام بالبتر أو روجه، والله حسيبنا وحسيبهم.

back to top