سدانيات: شبّاك الوزراء!

نشر في 29-05-2020
آخر تحديث 29-05-2020 | 00:06
 محمد السداني كان محمود ياسين في فترة من الفترات في تاريخ السينما المصرية نجم شباك من الدرجة الأولى، فلا يمكن أن يخلو موسم فني من فيلم أو فيلمين لهذا البطل صاحب القامة الطويلة والشعر المنساب والصوت الضخم! وحالة مثل حالة محمود ياسين تستدعي بكل تأكيد الأعمال الفنية التي يقوم بها الوزراء في حكومة بلادي الموقرة، ففي كل موسم فني يسمح له بممارسة دوره التمثيلي والأداء السينمائي أمام كاميرات التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي تبدأ إبداعات الوزراء متحدين بعضهم وكأنَّ لهم نصيبا من تذاكر الأفلام التي يقدمونها للشعب!

إنَّ طريقة اختيار الوزراء إن صحت تسميتهم بهذا الاسم هي التي تفسر سبب أدائهم المضطرب وغير المسؤول، فلك أن تتخيل أنهم لم يُختاروا من أجل إنجازاتهم أو خططهم أو برنامجهم الذي عرضوه وناقشوه أمام من اختارهم، ولكنهم انعكاس لانقسام مجتمع يقبل بأي شخص ليضع بشتاً فيصبح بين ليلة وضحاها رجل دولة من الطراز الأول؛ فيأمر وينهى وكأنه الحاكم بأمر الله في زمانه وسلطانه! والحقيقة أننا عندما نطلب من مثل هذه النوعيات التي اعتادت على البهرجة الإعلامية والتناحر على طاولة مجلس الوزراء بغياب كامل للتضامن الوزاري فإننا نطلب من الظمآن ماء ومن الفقير دينار ذهب! لا يمكن أن تنتج طريقة الاختيار الشوهاء وزراء أكفاء يمكن أن يبنوا اقتصادا حقيقيا ونظاما تعليميا رائعا ونظاما إداريا حديثا يخفف من بيروقراطية الحكومة المُقعدة!

لك أن تتخيل أن الدولة التي تنشد من أجلها القصائد والأغاني والأوبريتات عبارة عن عراك دائم بين أطراف الصراع، فحكومة تحارب حكومة ومجلس يقاتل مجلسا ومستشارو الحكومة يحاربونها، ومن يمتطي صهوة الشجاعة ليبلغ عن فساد أو خلل في البلاد فإنَّ مصيره الجلوس على شاطئ الخليج العربي وسرد حكايات الكويت القديمة.

كلنا في هذا البلد يعرف الخلل ويعرف الحل، ويعرف من أين يبدأ الإصلاح، ولكن طمع النفس البشرية يجعلنا نغض البصر عن الحقيقة، ونركب في أول قاطرة نظن أنها للإصلاح، وفي الحقيقة هي قاطرة شراء الضمائر وتلطيخ السمعة وشراكة الفاسدين فسادهم، أو على أقل تعبير الفوضى التي يساهمون بها بشكل مباشر وغير مباشر، لا يمكن لك أن تدعي الإصلاح وأنت جزء من نظام فاسد، يظهر فساده في الشارع الذي تسير عليه، ولا يمكن أن تبرر مشاركتك في إصلاح نظام اهترأ وتآكل من كثرة الفاسدين الذين مروا عليه! كلنا نعرف أنَّ الأزمة الأخيرة كشفت ما كان يستره النفط بأسعاره الخيالية وأسمعت ما كانت تصمه الأغاني الوطنية وأظهرت أصحاب المصالح والمعذبين في الوطن!

لا يمكن أن يتجزأ الإصلاح إلى عناصر صغيرة، فالإصلاح عملية شاملة تبدأ من الكبير والصغير ومن المتنفذ إلى أصغر مسؤول في هذه الدولة.

خارج النص:

• بعض الوزراء صاموا عن الكلام أكثر من صومهم عن الطعام، والحق يقال أن لسان المرء كاشف لعلمه وفاضح لعقله، والظاهر أن لا علم ليكشف ولا جهل ليفضح، فالأمر بكل بساطة بعضهم موظف برتبة وزير وبشت وكرسي فخم!

back to top