سدانيات: فصلُ «الهئ» عن «المئ»

نشر في 15-05-2020
آخر تحديث 15-05-2020 | 00:07
 محمد السداني في ظل الأزمة التي تضرب العالم شرقا وغربا وعدم القدرة على السيطرة على كورونا الذي بدأ يعجز أكثر الدول تطورا نجد أنفسنا أمام أزمة حقيقية في بلد يعشق الأزمة ويعشق ترحيلها، فما لبثت الحكومة في عملها الذي بدأته بخير إلا أن قلبت طاولة العمل على رأس أصحابها، ولست هنا بصدد نقد أعمالها؛ لأني مللت من ذلك في الكثير من منصات الإعلام، ولكن اللافت هو خروج الحكومة، في ظل هذه الأزمة التي سخرت الدولة جميع جهودها لمواجهتها ولا أعرف أنها أحسنت صنعا أم أساءت، في بيان يهدد ويتوعد كل من يشكك بجهودها أو يتهم أشخاصا أو جهات بتطبيق القانون عليه، وكأننا نعيش تحت رحمة المدعي الاشتراكي في عهد السادات!

كيف لحكومة من المفروض أنها تعمل ليل نهار أن تتفرغ لتتوعد فلانا وعلانا لأنه انتقد أداءها وهي التي لم تحسن صنعا طوال حياتها؟! ولماذا لا يتعلم المرتمون في أحضان السلطة ومن يطبل لها أن كويت اليوم ليست «الكيكة» التي تكالب عليها الكثير ممن لف لفيهفم وحذا حذوهم؟

إنَّ ما نعيشه من خراب وفوضى في الكثير من الملفات بدءا من العمالة السائبة وتجار الإقامات إلى مشكلات التعليم وإيقافه في بلد أخذ الجائزة الأولى في تفرده بإيقاف التعليم بشكل كامل لمدة خمسة أشهر، لا يمكن السكوت عنه ونحن لدينا كل هذه المشكلات، وفوق هذا تريد حكومتنا الموقرة أن نلتزم الصمت وأن نبحث وراء كل شبهة عن أدلة وبراهين.

تذكرني فوضى الحكومة، بتخبطاتها العجيبة، بحكومة إحدى الدول العربية عندما خرجت مظاهرة من الحرم الجامعي لمجموعة من الشباب الساخرين يطالبون وبكل حماس بفصل «الهئ» عن «المئ» وكان حماسهم كبيرا جدا لدرجة أن أمن الجامعة احتشد لإيقاف هذه المظاهرة الخطيرة على أمن البلد واقتصاده، حيث كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية طاحنة أخرجت خلالها جميع خطط التقشف، والمضحك المبكي في هذه القصة أن الشرطة بعدما قبضت على المتظاهرين وجهت لهم تهم قلب نظام الحكم وتقويض الاقتصاد، في حين كانت «الهئ» و«المئ» أسماء مستعارة للذكور والإناث المتهكمين على مطالبات التيار الإسلامي بفصل الذكور عن الإناث!

ولكن غباء السلطة آنذاك أصر على أنهم مجرمون وأن هذه المطالبات دخلت في باب نقد سلوكيات السلطة التي تعتقد أن ما تفعله لا يمكن أن يرقى إليه النقد، أو أن تحاسب من أفراد المجتمع الذين يتشاركون معها في المصير والمال والمستقبل! هي على كل حال سلوكيات سخيفة لا يمكن أن تنفصل عن بعضها؛ لأنها وليدة رحم الغباء والتخلف والرجعية التي رضعتها حكومات كثيرة من ثدي الرجعية والتخلف والتعالي الكاذب على الشعوب والأفراد.

خارج النص:

- إن التاريخ لن يرحم أبدا من أوقف عملية التعليم لأشهر عدة بحجج واهية، ظالما هناك أجيال كاملة حرمت من التعليم والتعلم.

- أظهرت هذه الأزمة أسوأ أنواع التجار عبر القرون وهم تجار البشر والإقامات، والذين نتمنى أن تتوعدهم الحكومة مثلما توعدت الخائفين على مستقبل وأموال البلاد.

back to top