هل يحقق «التعليم عن بُعد» الغايات التعليمية ذاتها؟

نشر في 05-05-2020
آخر تحديث 05-05-2020 | 00:08
هاجس الخوف من عدم إمكانية عودة الدراسة خلال شهر أغسطس يستوجب البحث عن إيجاد بدائل تمكن المؤسسات التعليمية من أداء دورها المنوط بها، لذلك طرح استكمال العام الدراسي عن بُعد أمر قد تفرضه الظروف وحينها لن يكون أمام متخذ القرار سوى تطبيق هذا النظام.
 أ. د. فيصل الشريفي مع توقف الدراسة في الجامعات والمدارس الحكومية بسبب الإجراءات الوقائية التي اتخذتها حكومة دولة الكويت لحماية المجتمع من تفشي وباء كورونا (كوفيد-19) ظهرت الكثير من الأصوات المطالبة بضرورة استكمال الدراسة عن بُعد بدلاً من الانتظار إلى بداية شهر أغسطس تحسباً لظروف التي قد لا تسمح بعودة الحياة إلى طبيعتها.

هاجس الخوف من عدم إمكانية عودة الدراسة خلال شهر أغسطس يستوجب البحث عن إيجاد بدائل تمكن المؤسسات التعليمية من أداء دورها المنوط بها، لذلك طرح استكمال العام الدراسي عن بُعد أمر قد تفرضه الظروف وحينها لن يكون أمام متخذ القرار سوى تطبيق هذا النظام.

سأتجاوز في هذا المقال مراحل التعليم العام بعد أن خرجت فعليا عن كل الخيارات سواء النظامية أو الإلكترونية، فلم يعد أمام قيادات وزارة التربية سوى إنهاء العام الدراسي للمراحل الدراسية كافة باستثناء الصف الثاني عشر الذي لا بد من إكماله تحت أي ظروف، وانتظار عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة عند اكتمال التحضيرات الوقائية، وتطبيق مفهوم التباعد الاجتماعي والتطهير وغيرها من مستلزمات الوقاية الشخصية.

الحقيقة التي علينا الاعتراف بها لا تكمن في الجدل الدائر حول استئناف العام الدراسي، ولكن في منظومة التعليم المتأخرة عن نظيراتها في العالم، والتي تعاني ما تعانيه من ضعف كشفت عنه أزمة كورونا، والتي وضعت قيادات التعليم في موقع لا يحسدون عليه.

من المعضلات التي تواجه تطبيق التعليم عن بُعد عدم ثقة الكثيرين بكفاءته في التواصل والتفاعل مع الطالب، وعدم قدرته على التقييم بدقة، وهي نقاط يجب أن تدرس بعناية وتؤخذ على محمل الجد لإزالة اللبس، وكل ما يمكن فهمه على أنه تهاون بجودة التعليم.

أغلب، إن لم تكن كل الجامعات في العالم، لجأت إلى تطبيق التعليم الإلكتروني وتفعيل منصات التعليم عن بُعد، بعد أن رأت صعوبة استكمال العام الدراسي بالنظم التقليدية، لكنها وفِي الوقت ذاته لم تفاجأ باتخاذ هذا القرار لاعتبارات كثيرة، ومنها أن تلك الجامعات تتعامل مع التعليم الإلكتروني على أنه جزء مكمل لمنظومة التعليم، وأنه أداة لرفع كفاءة الطالب وتوسيع مداركه العلمية والمعرفية. "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبدا"، والفرصة ما زالت قائمة، وبيد مؤسسات التعليم الجامعي الحكومي توفير منصات التعليم الإلكتروني، وتدريب الطواقم التدريسية على استخدامها مع مراعاة اختيار الأفضل منها. قد يكون "التعليم الالكتروني" نظاما جديدا على التعليم في الكويت، لكنه ليس بغريب ولا مستحيل التطبيق متى ما تضافرت الجهود وحسنت النوايا وترك قراره لأصحاب الاختصاص مع بيان ما لديهم من آليات تحقق الحد الأدنى من جودة التعليم حتى لا يدخل التعليم في نفق مظلم لن يكون بمقدور أحد تحمل تبعاته أو تجاوزها.

شخصيا لست مع التعليم الإلكتروني بالمطلق، لكني مؤمن بأنه جزء مهم من منظومة التعليم، ومع أي قرار يصدر في ذلك، ولن أحمل أي أحد اتخاذ هذا القرار تحت هذه الظروف الاستثنائية.

ودمتم سالمين.

back to top