رياح وأوتاد: وقفات بين المالية العامة والحزمة الاقتصادية

نشر في 30-03-2020
آخر تحديث 30-03-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر 1- الكويت في أزمة ومن المؤسف أن تبدأ المطالبات المالية منذ الأسبوع الأول وحتى قبل أن يتبين حجم هذه الأزمة ومدتها وآثارها.

2- لذلك لابد من تحديد الهدف ووضع الآليات والضوابط التي تكفل الخروج من الأزمة بأقل ما يمكن من الخسائر.

3- لا شك أن أول الأهداف الآن هو صحة المواطنين والتغلب على الوباء وحماية الكويت منه.

4- وثاني الأهداف هو ضمان حماية الراتب والمعاش التقاعدي للكويتيين.

5- ومن الأهداف الأساسية والضرورية أيضاً حماية المالية العامة من الانتهاك، وحماية الاحتياطي بنوعيه من الاستنزاف لأهميته لمستقبل الكويت ومعيشة أبنائها ومواجهة أزمات المستقبل.

6- لا يخفى على أحد أن الحكومة اشترت الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية وبناء مقرات للحجر الصحي وتأجير فنادق ومنتجعات، كما صرفت على آلاف الكويتيين في الداخل والخارج ملايين الدنانير، واستنفرت الفرق الطبية، وبذلك يكون الهدف الأول جاري التحقيق بشكل جيد بفضل الله.

7- من المعلوم أن أكثر من 90% من الكويتيين يعملون في الحكومة، وهم والمتقاعدون، وكذلك أيضاً معظم رواتب الكويتيين في القطاع الخاص تقدم من الحكومة، فلا يحق لأحد التخويف بخطر الأزمة على هذه الرواتب، بل الخطر الحقيقي عليها هو في انتهاك المال والاحتياطي العام من قبل أي تعويضات انتهازية أو غير سليمة، مما قد يؤثر على الرواتب والمعاشات مستقبلاً، وعليه فإنه في ضمان الحكومة رواتب ومعاشات الكويتيين يكون الهدف الثاني قد تحقق بحمد الله.

8- أما هدف حماية المالية العامة والاحتياطي فيكون بالأخذ بالضوابط الدقيقة الآتية التي تكفل الحماية الضرورية من الاستغلال أو الصرف دون مبرر في ظل تصور متكامل للأوضاع المالية والاقتصادية.

9- في ظل الأسعار الحالية للنفط وقرب نضوب الاحتياطي العام والضرر الهائل الذي أصاب الميزانية وتخفيض التصنيف الائتماني للكويت وخسائر الاستثمارات الخارجية بسبب الأزمة، تصبح طلبات التعويض التجارية العامة كما طرحت ضرباً من الاستغلال البغيض للأموال العامة في هذه الظروف.

10- الاقتصاد الكويتي الخاص متلقٍّ لا صانع للثروة، لأن وجوده وعمله يتوقفان على الإنفاق العام.

11- لا يجوز لأحد استغلال الأزمة الحالية لتحقيق مكاسب أو أرباح، إنما يجب أن يكون لسان حال كل كويتي هو التضحية من أجل الوطن بقدر ما يستطيع، ويتحمل ما يمكن أن يتحمله من خسارة مؤقتة حتى انكشاف الأزمة إن شاء الله.

12- كثير من التجار والشركات التجارية ربحوا واستفادوا من الكويت في زمن الرخاء، وهؤلاء عليهم أن يتحملوا بعض الخسائر المؤقتة في هذه الأزمة، والأصل المعروف أن التجارة معرضة للربح والخسارة.

13- كثير من النشاطات التجارية لم تتأثر، وقد تكون استفادت من الأزمة مثل بعض تجارة المواد الغذائية وبعض الفنادق والمنتجعات التي استأجرتها الدولة، وبعض تجار الأدوية والمستلزمات الطبية والمعقمات والمنظفات وغيرها من الشركات التي تعاملت مع الحكومة في هذه الأزمة.

14- كثير من الأنشطة ضعفت وتأثرت أرباحها في هذه الأزمة، ولكنها لم تصل إلى حد الخسارة، فمثلاً بعض المولات التجارية ربحت في العام الماضي مبالغ كبيرة، وينتظر أن تقل أرباحها بسبب الأزمة، ولكن دون خسارة فادحة، فلماذا تتم مساعدتها من المال العام.

15- في الغرب والدول المتقدمة اقتصادياً لا توجد هبات أو عطايا في الأزمات أو حصص مجانية، بل هي قروض مستردة من الضرائب أو مقابل حصص عينية مشروطة بشروط كثيرة أهمها الجدوى الاقتصادية وتعيين المواطنين.

16- في هذه الدول يكون تدخل الدولة من أجل حماية الاقتصاد الوطني، ولتحقيق أهداف اقتصادية محددة ومتفق عليها وفق ضوابط وآليات واضحة وشفافة، وليس بهدف تعويض الشركات والوحدات الاقتصادية.

17- بعض النشاطات الاقتصادية تمت خسارتها بالفعل، ولكن بإمكانها تحمل الخسارة لمدة شهور نتيجة أرباح سنوات سابقة، فلماذا تتم مساعدتها والأزمة لا تزال في بدايتها.

18- بعض النشاطات الاقتصادية لا تقوم بتوظيف أي كويتي، ولا تقدم لميزانية الدولة أي مساهمة، فلا قانون الزكاة ينطبق عليها، ولا قانون صندوق دعم العمالة.

19- وهذه الأنشطة لا يترتب على خسارتها توقف إنتاج سلعي أو خدمي حيوي، لذلك فإن توقفها الناتج عن عدم تقديم دعم لها على حساب المال العام لا يعتبر ضررا على أمن واحتياجات البلاد.

20- بعض النشاطات الاقتصادية تتذرع بوجود عمالة وافدة هي مسؤولة عنها، ولكن في هذا الظرف الطارئ يمكن التفاهم مع هذه العمالة على إجازة براتب، مع قيام الحكومة بتكليف الجمعيات الخيرية بالتكفل بدعم المحتاجين من هذه العمالة من خلال الحملة الكبيرة التي بدأت قبل يومين إلى أن تنتهي الأزمة أو المغادرة المؤقتة إلى بلادها.

21- نصوص القانون المدني المعنية بالحالات الطارئة بالنسبة إلى العقود والإيجارات كفيلة بتخفيض أعباء الإيجارات والعقود في هذه الأزمة (مادة 198) و(مادة 581)، وبالتالي لا توجد حاجة لدعم الدولة لها.

22- بعض النشاطات التجارية ثبت تعرقلها قبل وقوع الأزمة، ودعمها غير مجد، كما أن بعضها ليس له دور في اقتصاد البلاد ولا يوظف الكويتيين، وهذه المشاريع لا جدوى من دعمها، في حين بعض المشاريع الصغيرة التي من المهم استمرارها يمكن تأجيل الأقساط المترتبة عليها من قبل البنوك بعد الاطلاع على نتائج أعمالها وميزانياتها خلال الأشهر الستة السابقة.

23- وبالفعل البنوك قد شرعت في بناء مخصصات لتغطية أي خسائر ناجمة عن التعثر في السداد بعد فحص المراكز المالية للجهات المقترضة تجاريا وعقاريا، كما حدث في أزمة 2008، وأعلنت تأجيل الأقساط التجارية ستة أشهر.

24- من المستهجن أن يقوم بعض التجار بتحديد مبالغ معينة أسموها حزمة للتحفيز الاقتصادي بطرح عام غير مفصل أو مبين الأسباب، ومن غير ضوابط اقتصادية وغير مدقق الآلية وبمبالغ خيالية دون أي اعتبار لأي من الضوابط المذكورة أعلاه مما سبب استياء شعبياً عارماً، لذلك فإن هذه الحزمة أو الحزم مرفوضة تماماً.

* أخيراً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله". أخرجه البخاري.

back to top