طعن الجنسية وعبث القيود... وخريطة المصالحة الوطنية

نشر في 19-02-2020
آخر تحديث 19-02-2020 | 00:20
 محمد المقاطع تمر الأمم والدول بمراحل حاسمة من تاريخها، وها نحن اليوم في الكويت نعيش مرحلة حاسمة من تاريخنا الوطني، ولعل من حسن الطالع لنا أن يتزامن ذلك مع أيام احتفالاتنا بالعيد الوطني ويوم التحرير من الغزو العراقي الغاشم.

إن هذه المرحلة الحاسمة تتطلب تحرير الكويت من العديد من التشويه والعبث، الذي لحق هويتها الوطنية، وسلطاتها العامة، وهو ما ألحق بها أضراراً سياسية واجتماعية واقتصادية جسيمة، فالكويت تعرضت لعبث مخزٍ في ملف الجنسية والتجنيس، مما أفضى إلى تغيير هوية المجتمع الكويتي وتحوُّل أهله الأصليين إلى قلة، بسبب ادعاءات مزورة باستحقاق الجنسية أو بيانات مزورة ومضللة، وحصول العديد من الناس على الجنسية زوراً وبهتاناً، وبسبب قيام أطراف غير مسؤولة أو مجلس أمة سعى أعضاؤه لتحقيق مكاسب انتخابية على حساب الوطن ومصالحه العليا، فقاموا بتعديل قانون الجنسية بالمرسوم بالقانون رقم 100 لسنة 1980، والقانون رقم 44 لسنة 1994، وهما القانونان اللذان أكسبا صفة المواطنة الأصلية لمن لا تتوافر فيهم هذه الصفة، حسب ما قرره قانون الجنسية رقم 10 لسنة 1959، الذي حصنته المادة 180 من الدستور، وهو المفهوم ذاته الذي تبنته المادة 82 من الدستور ونطقت به عبارات المذكرة التفسيرية بشأنها، وقد نجم عن ذلك العبث والتزوير بالجنسية المشار إليهما أن أصبح عضواً بمجلس الأمة عدد لا يقل عن عشرة أعضاء ممن لا تنطبق عليهم صفة المواطنة المحددة بالمادة 82 من الدستور، وحسناً فعل المواطنون الذين تقدموا بطعن للمحكمة الدستورية بعدم دستورية القانونين المشار إليهما لإبطالهما، وذلك لإعادة الأمور لنصابها، وإسقاط الجنسية عن غير مستحقيها من أولئك الأعضاء وغيرهم بحكم دستوري.

ومن جهة أخرى، فقد بدأت تتكشف خيوط التآمر والعبث الذي تم ويتم بنقل الأصوات الانتخابية بعناوين سكن وهمية، أو وضع أسماء على عناوين بيوت لا يسكنون فيها، مما غير ناخبي الدوائر بل ومرشحيها، بمن ليس موطنه الأصلي فيها، الأمر الذي أدى إلى تزوير إرادة الأمة، وقد نشرت بيانات وإحصائيات متفاوتة عن هذا الملف الخطير وما لحقه من عبث في قيود الناخبين، والذي تشترك في التفريط به وزارة الداخلية وهيئة المعلومات المدنية، إن لم تكونا شريكتين في هذا العبث المشوه لتركيبة المجلس والمجتمع، فوفقاً للبيانات المنشورة فإن ما بين 15 و25 نائباً بمجلس الأمة، قد حظوا بمقاعدهم بعبث نقل الأصوات المزيف، (مداخلة د. صالح السعيدي في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في 10/ 2/ 2020، ومقابلة السيد صلاح الجاسم وعدد من النواب مع جريدة الجريدة الثلاثاء 18/ 2/ 2020)، ومن ثم تمت عمليةٌ مرعبةٌ لتزوير إرادة الأمة بنواب لا يمثلون إرادتها الحقيقية، وملوثةٌ بأمراض الفساد السياسي الذي يرتبط بنقل الأصوات.

وبتفحص آثار الموضوعين، نجد أن تزوير الجنسية بمنح صفة المواطنة الأصلية جاء بعشرة نواب، على الأقل، ليست لهم هذه الصفة، وأن تزوير القيود الانتخابية جاء بعدد ما بين 15 و25 نائباً لا يمثلون إرادة الناخبين؛ وهو ما يتطلب قراراً حاسماً لتخليص الكويت من التشويه، الذي لحق هويتها الوطنية، بل وغيّر في تركيبة المجتمع واستنزف كل مكوناته وقدراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فما أحوجنا اليوم لقرارات ومواقف حاسمة تعيد الاعتبار للوطن ومؤسساته، وتفتح صفحة جديدة لتنقية تركيبة الوطن، وتسير نحو المصالحة والتوافق الوطني ليتواكب معها صدور قانون للعفو الشامل، استناداً إلى المادة 75، يسدل الستار على الجرائم السياسية (دخول المجلس) وجرائم الرأي، لتخليص الوطن من انتهاكات ثوابت الوطن الناصعة المتمثّلة في الحرية والديمقراطية والهوية الوطنية الحقة!

back to top